أعمدة

نوافذ :ليست مجرد نكات

15 يناير 2021
15 يناير 2021

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

تضج صفحات الـ «واتس أب» بالكثير من النكات حول موضوعات كثيرة في الحياة؛ بعد أن كانت تروى على ألسنة القليلين من الناس، وهي النكات التي يقصد منها واضعوها أو مؤلفوها الترويح، والتسلية؛ حسب ظاهر الصياغة؛ ولكنها في الحقيقة تذهب إلى الأبعد من ذلك، حيث تتدفق بمعانيها الضمنية، من طرح قضايا مختلفة؛ سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، ومعالجتها؛ أو الإشارة إليها بهذا الطرح الساخر، وذلك عبر أساليب مختلفة؛ تهكمية، استهزاء، سخرية، وأحيانا تكون مجردة من هذا الغطاء، وقد يصل بعضها إلى الشتم والتجريح المباشر الصريح، وذلك من خلال تفكيك هذه الحزم العلائقية؛ سواء علاقة المرأة بالرجل؛ وهذه تحظى بكم هائل من النكات؛ وكأن المجتمع لا تشغله إلا قضية العلاقة بين النوعين، من خلال طرح صور نمطية تكاد تكون مكررة، يتبادل في تأصيلها كلا الطرفين من خلال أدوار كل منهما تجاه الآخر، حيث تحل العلاقة المتصادمة؛ على طول الخط؛ بين المرأة «الزوجة» وبين الرجل «الزوج» لأنها تخاطب شيئا تختزنه النفوس، ولا تستطيع أن تبوح به، فتجد النكتة وسيلتها المريحة لتوصيل رسائل كثيرة «متموضعة» بين طرفي العلاقة الزوجية، ويمكن ملاحظة النكات في هذا الجانب، تكاد تكون متوازية في القوة والتصويب، حيث لا انحياز لنوع دون آخر، وهذه بدورها تعكس مشاكسات قديمة قدم العلاقة بين هذين الطرفين، على طول خطوط الزمن التي تسجل اللحظة التي يتم فيها عقد القران؛ وإلى النهايات المختلفة، والمفتوحة على حد سواء.

ومن ذلك؛ مثلا: («سأل زوج زوجته: إذا تزوجت عليك بأخرى، ماذا ستلبسين يوم زواجي؟ ردت الزوجة بكل رومانسية، ألبس حزاما ناسفا. (تربية القاعدة وداعش)» و(«قلب المرأة مثل حبة المشمش، لا يتسع إلا لبذرة واحدة، أما قلب الرجل «يوووووو» بطيخ» وبعضها تتطرق إلى العلاقة بين الحكومة والمواطن، وهذه تأخذ المرتبة الثانية من حيث الكم، حيث تضع الحكومة في المستوى المتسلط، والمواطن في المستوى المحروم من حقوق كثيرة، وهذا التقييم فيه من الانحياز الواضح، ولكن كما هو الحال دائما، أن الطرف الأضعف يرى نفسه أنه مغلوب على أمره، وإن تحققت أمنياته وآماله، يظل يطمح إلى المزيد، وهذه «ثيمة» بشرية بامتياز، ولا يمكن الوصول إلى غاياتها المقفلة، مع أن الحكومة بـ «أفرادها» هي نفس هذا المواطن ممثلا؛ إما يكون بشخصه، أو بشخص واحد من عائلته النسبية؛ أو الاجتماعية؛ ومع ذلك يضع الجميع في سلة الـ «بيض» ومن أمثلة ذلك: («أهم عناصر النجاح: الثقة ، الإصرار ، العزيمة، ولو عندك واسطة اعتبر نفسك مقريتش الهري دا»، و(«دكتور الحقني ابني بلع نص جنيه، خايفة ليموت، يا ستي متخافيش في ناس بالعة ملايين في البلد، وعايشه»، و(«صورة نادرة؛ لآخر مواطن اهتمت به الحكومة») وهي بمثابة «وخز إبر»، خاصة تلك المتطرقة إلى القضايا الاقتصادية؛ والاجتماعية، حيث تذهب إلى التطرق إلى محدوديات الرواتب، وعدم القدرة على الادخار، وتزايد الالتزامات المعيشية اليومية، وما يرافق ذلك من مناسبات: («يا رب ارزق مرتباتنا برياح شمالية غربية؛ كل منصرفها ترجعلنا تاني»(دعاء الموظفين)» وأما للجوانب الثقافية، فقد تذهب إلى التطرق إلى خدمات الصحة، والرعاية الاجتماعية، والتعليم: («مدرس يدرس أغبياء ومدوخينه، ما يفهمون أبدا. آخر الحصة رفع طالب يده بيسأل، فرح المدرس، قال المدرس تفضل: قال الطالب: أستاذ أنت وين تشتغل؟») ونقد المجتمع: («أغرب شيء إذا ناديت يا حمار في الشارع، يلتفت إليك نص الشعب، ما شاء الله ثقة بالنفس»).

وتحظى مجموعة الـ «نكات» باهتمام كثير، من جميع الأعمار، وهي فاكهة المجالس؛ على الرغم من قسوة موضوعاتها؛ ورسائلها المباشرة، ومع ذلك يستوعبها الناس، إما تشفيا، وإما تندرا.

ملاحظة: تنشر النكات هنا؛ بلهجات من كتبوها، حتى تحافظ على خصوصية مجتمعاتهم.