1568705_228
1568705_228
عمان اليوم

«كورونا» يفتح مسارات التعليم عن بعد ويكشف عن تحديات تقنية عديدة !

08 يناير 2021
08 يناير 2021

الكلمة الأولى أصبحت لتكنولوجيا الاتصال والتقنيات الذكيّة -

كتبت : جليلة الهنائية وموزة الغيثية :-

شهدت أنظمة التعليم في السلطنة خلال عام 2020م اضطراباً حديثا وذلك نتيجة ظهور جائحة كورونا «كوفيد 19» فأغلقت معظم المدارس والجامعات أبوابها، مما تم الإعتماد على التعليم عن بُعد لاستكمال العملية التعليمة. وقد نتج عن ذلك ظهور التقنيات الحديثة وإنشاء عدد من المنصات والبوابات لمختلف المراحل التعليمية.

كما أن احتياج التعليم عن بعد جعل من غياب الحواجز المكانية سبباً للارتقاء إلى عوالم مختلفة عن طريق شبكات الإنترنت ، والتي كان لها دوراً في التخلص من روتين الذهاب والإياب ومزاحمة الآخرين بحثًا عن سرعة الوصول إلى المكان المعتاد لتلقي الدراسة فيه ، حيث صارت الكلمة الأولى لتكنولوجيا الاتصال والتقنيات الذكيّة، وانتقل التعليم من النمط الكلاسيكي المعتاد إلى أنماط أخرى، وفي مقدّمتها التعليم الذكي. وهذا التحوّل الذي شهدته المؤسسات التعليمية في سلطنة عمان والعالم أجمع.

ومنذُ بدء الإجراءات الاحترازيّة كثيرٌ من الدلالات على أننا -مع كل التحديّات- نستطيع مواصلة المسيرة.

واختلفت الأراء حول فعالية التعلم عن بُعد بين مؤيد ومعارض له بسبب الظروف المحيطة به ، لذلك سنسلط الضوء هنا عن أبرز إيجابياته وسلبياته، وكيفية التعامل مع الطلاب لانجاحه، وذلك بمشاركة عدد من الطلاب والمدرسين والموظفين بمختلف المؤسسات التعليمية.

 

إيجابيات متعددة

وأبدى سليمان بن محمد الهنائي مساعد مدير رأيه قائلا : توظيف التقانة الحديثة في التعليم يواكب التطورات الراهنة والتي من شأنها زيادة عدد الدارسين في آن واحد وميزته كذلك بأنه لا يرتبط بالتواجد في مكان محدد ومن وجهة نظره أن هذا يساهم في التقليل من التكلفة ويختزل المسافة. ويضيف إبراهيم بن سعيد الغريبي مساعد رئيس مركز الخدمات الطلابية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بعبري أن لكل تجربة جوانب ايجابية وسلبية ، ويرى بأن التعليم عن بعد ساهم في رفع المستوى الثقافي والعلمي لدى المتعلم من خلال تحفيزه على البحث عن المعلومة من مصادر متعددة وكذلك تعدد المصادر التي يمكن أن يوفرها له معلم المادة سواء كانت مصادر نصية أو مرئية أو مواقع في شبكة المعلومات يمكن أن يستفيد منها، كما أن هذه التجربة ساهمت في تقليل الكثير من التكاليف التي كانت تسبب ضغطا ماديا على الطالب مثل مصاريف السكن والمواصلات والأمور المتعلقة بالسفر.

وتحدث عادل بن سليم العبري أخصائي أنشطة مدرسية بأن التعليم عن بعد حقق الكثير من الأهداف وأهمها أنه فعال ومستمر بنفس العطاء مهما جرى من أحداث في العالم كما أنه جعل الطالب باحثا عن المعرفة وحقق التقويم فيه قياس مدى فهم الطالب لذلك فهو يرجو أن يتم تطويره واستمراره وأن يكون نظاما مساندا للتعليم المنتظم. وأبدت الدكتورة نصراء مسلم الغافرية رئيسة قسم الخدمات الطلابية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بعبري رأيها قائلة: الإيجابيات تمكن الطالب من تسجيل المحاضرة وإمكانية إعادة سماعها متى ما أراد، فرصة تواجد الطالب في منزله مع أهله قلل من كثرة سفره الأسبوعي وتغربه بعيدا عن الأهل وتمتعه بأكل المنزل الصحي بديلا عن أكلات المطاعم وبالتالي تخفف عنه عبء بعض المصاريف كأجرة السكن والتغذية والمواصلات . ويشاركنا الرأي الزبير العمراني طالب جامعي بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بعبري: التعليم عن بعد يساهم في توسيع فكر الطالب من خلال حثه على البحث وأنه ساهم في تطوير مهاراته في استخدام البدائل في التفنية الحديثة كما أنه فعل التواصل مع المعلم بطرق جديدة فاعلة. كما شاركت دعاء حمد الهدابية طالبة جامعية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بعبري رأيها بقولها: أن التعليم عن بعد زاد من نسبة الاعتماد على النفس لدى الطالب وذلك من خلال البحث واستخدام مصادر تعليمية مختلفة وتوسيع مدارك الطلاب في استخدام التكنولوجيا الحديثة.

وذكر أمير بن حميد الحضرمي مدرس مساعد-قسم إدارة الأعمال - جامعة التقنية والعلوم التطبيقية قائلا:«أن التعليم عن بعد أضاف لنا خبرة واسعة في كيفية استخدام تكنولوجيا الاتصالات في عمليات التعليم عن بعد، وبالرغم من العقبات التقنية التي واجهناها إلا أن ذلك زاد من عزيمتنا في إيجاد حلول لضمان سلاسة التدريس وسلامة جودته».

و من جانبها ذكرت عائشة بنت حميد العبرية أخصائية نشاط ثقافي أن للتعليم عن بُعد دوراً فعالاً في رفع المستويات الثقافية، والعلمية، والاجتماعية بين الأفراد. ويقلل من الفروقات الفردية بين الطلاب حيث أن للطالب فرصة لرفع من مستواه التحصيلي ويمتاز بتأثيره الفعال على الطالب حيث يكون الطالب متفاعل بشكل أفضل في الفصل الدراسي عما يكون عليه في التعليم التقليدي أو المباشر وخاصة الطالب المتزعزع في إجابته وكذلك الطالب الخجول.

وأشار أحمد بن سالم البراشدي طالب كلية الآداب بجامعة السلطان قابوس قائلا:«أن التعليم عن بعد جاء بدون اختيرنا؛ بسلبياته وإيجابياته. حيث تمكنا من حضور المحاضرات من المنزل، وهذا ما وفر لنا الجو المناسب للدراسة، وعلى كل حال فإن الدراسة عن بعد كانت تجربة جميلة، و سنستفيد منها حتما في المستقبل». كما أيده في ذلك حمد بن راشد الغيثي طالب حقوق بكلية البريمي الجامعية قائلا: «للتعليم عن بعد ايجابيات ولو كانت من وجهة نظري معدودة فبهذا التعليم الجديد استطعنا التعرف على مختلف البرامج وإتقان استخدامها.

سلبيات حاضرة !

أما فيما يتعلق بسلبيات التعليم عن بعد ذكرت العبرية قائلة : « السلبيات تكمن في اقتصار المادة التعليمية على الجزء النظري من المنهج في أغلب الأحيان. و رفع التكلفة المالية من ناحية الانترنت . كما أن نظرة المجتمع السلبية لهذه الطريقة في التعليم مما يؤدي إلى إحجام البعض عنها وصعوبة تقبل حيث يواجه العديد من الطلبة صعوبة تقبل تغييرات العصر بالسرعة ذاتها كغيرهم، وبالتالي يترددون في الانضمام لأسلوب التعلم الجديد والمختلف عما اعتادوا عليه دائماً وأيضا انعدام التفاعل المرئي بين الطالب والمعلم الذي بدورة يكون عائق للطالب المرتفع التحصيل لعدم مقدرته على مناقشة المعلم بأسلوب مريح في المعلومة التى تصله .وهذا الذي يجعل الطالب عاجز عن تقييم أدائه وتحصيله بشكل مستمر فيظل مستواه مجهول لديه ولدى والديه ، كما يحتاج الطالب إلى إتقان مهارات استخدام الحاسوب الأساسية؛ ليستطيع التعامل مع الإلكترونيات».

وكان للحضرمي رأي آخر قائلا : « لم تكن هناك أي عقبات كوني على أطلاع تام بأحدث التقنيات بمجال التعليم عن بعد ولكن المشكلة التي صادفتها هي شبكة الإنترنت» و ذكرت الطالبة شيماء الناصرية «إحدى المشاكل التي واجهتني هي عدم قدرة استيعاب جهازي لحجم البرامج المطروحة في هذا الفصل» .

وواجهه الغيثي عدد من السلبيات أبرزها: في الامتحانات حيث تكون هناك صعوبة في فهم بعض الأسئلة وعدم قدرة الطلاب على التواصل مع الدكتور في الوقت المحدد للاختبار، كذلك ضعف في الشبكة وبعض الأوقات تنقطع في وقت المحاضرة أو في وقت الامتحان كذلك واجه بعض الطلاب عدم قدرتهم على توفير الأجهزة المناسبة . ومن وجهة نظر الهنائي هناك العديد من السلبيات أهمها الشبكة حيث لا توجد شبكة تغطي جميع المناطق ولذلك لا يستطيع الطالب متابعة شرح المعلم بشكل متزامن وبالتالي سيفقد الكثير من المادة العلمية. كذلك بحاجة إلى أنظمة حماية لجهازه يصعب اختراقها كما يحتاج إلى من يكون بجانب الطالب خاصة في المرحلة الأولى من التعليم ومن وجهة نظرة يكون لدى الطالب ضعف في مهارتي القراءة والكتابة وبالتالي لا يتمكن الطالب من امتلاك المهارات الأساسية بشكل كبير في المادة.

وأضاف الغريبي: سلبيات التعليم عن بعد تتمثل بداية في التكلفة المادية التي ترهق كاهل بعض الطلاب وأولياء الأمور والمتعلقة بشراء أجهزة الحاسب الآلي أو الأجهزة اللوحية والاشتراك في خدمات الإنترنت خاصة إذا كان لدى ولي الأمر مجموعة من الأبناء على قيد الدراسة، إضافة إلى صعوبة التعامل مع التقنية والبرامج الحاسوبية لدى البعض، كما أن هذا النوع من التعليم يفتقد البيئة التفاعلية الجاذبة وجها لوجه والتي تساهم في استجابة الطلبة بشكل أكبر في تفاعله مع معلمه ومع زملائه، وفيما يتعلق بالمعلم فإنه يحتاج إلى بذل مجهود أكبر في هذا النوع من التعليم سواء من ناحية التحضير أو متابعة مختلف التكاليف والواجبات مما يضطره إلى الجلوس لوقت كبير أمام الأجهزة الحاسوبية لمتابعة كل هذه الامور، ولا ننسى أيضا مشكلة تقبل المجتمع لهذا النوع من التعليم. وقالت الهدابية : أن أبرز السلبيات كانت عدم وجود بيئة تفاعلية مناسبة بين الطلاب والمعلمين مما سبب صعوبة في إيصال المعلومات لطلاب. أضافت الغافرية قائلة: بحسب ما وردني من الطلبة ضعف شبكة الانترنت لديهم مما سبب في عدم تمكنهم من حضور جميع المحاضرات وعدم تمكن المحاضر من رصد جميع الطلبة وعدم وجود تفاعل بين الطالب والمحاضر و صعوبة الامتحانات وزيادة ساعات الامتحان مما يشكل عبء على الطالب والمراقب .

حلول مقترحة

تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الأمور التي تساهم في تفادي سلبيات التعليم عن بعد ، والتي تسهم بشكل مباشر في إثراء العملية التعليمية. وقالت العبرية :« بإمكاننا التغلب على هذه التحديات من خلال توفير البنية التكنولوجية التحتية من معداتٍ أجهزة للطالب والمعلم على حد سواء و توفير خطوط اتصال مناسبة عند الطرفين ليستطيع كلٌ منها التواصل مع الآخر» . كما أكدت أنه من الضروري السعي إلى تغيير وجهة نظر المجتمع إلى هذا النوع من التعليم . ومحاولة تغيير فكر الطالب في أهمية التعليم الإلكتروني ولا يمكن الاعتماد بشكل دائم على التعليم النظامي قد يكون سبب مؤثر في تجنب سلبيات التعليم الحديث. ذكر الحضرمي أن إحدى الطرق التي من خلالها قد تتغلب على سلبيات التعليم عن بعد من خلال تطبيق نظام التعليم المدمج . و رأت الغافرية أن الحل في تحسين شبكات الانترنت ، وعمل تعليم مدمج يشمل التعلم عن بعد و المنتظم بنفس الوقت . وأضاف الغريبي: أن كل تجربة جديدة غالبا ما تواجه في البداية عدم تقبل من البعض، وكذلك صعوبة في التعامل معها أيضا من البعض الآخر ، ولكن عند التعايش مع هذه التجربة والخوض فيها وفي كل تفاصيلها والتغلب على التحديات التي تواجهنا للتعامل معها سنجد أنفسنا في النهاية باستطاعتنا التعامل مع هذه التجربة، ولابد من تكاتف الجميع من مؤسسات وقطاعات وأفراد للتغلب على كل هذه التحديات.

تأثيرات جانبية

وترى الغافرية أنه سيؤثر على مهارات الطلبة الإجتماعية وكيفية التعامل مع الآخرين ومواجهة الجمهور وغيرها من المهارات المهمة في تنمية شخصية الطالب ، على المستوى التعليمي يعتمد على حسب شخصية الطالب ومدى استيعابه في كيفية استخدام هذه الآليات التعليمية الحديثة . فيما يقول الغريبي أنه لا نستطيع من الآن أن نجزم كيف سيكون تأثير هذا النوع من التعليم على مهارات الطلبة، بمستويات الطلبة مختلفة، وامكانياتهم متفاوتة ومدى تقبلهم أيضا للتجربة تختلف من شخص لآخر، ولكن ما اعتقده بشكل عام أنه سيكون لهذا التجربة إيجابيات كثيرة ستساهم في الارتقاء بجودة التعليم ومنهجيته وطريقة تقديمه، والعالم في تطور متسارع بسبب التكنولوجيا الحديثة التي تفرض هيمنتها على كل شيء. وأشار البراشدي : هناك تحديات سنواجهها في بداية الأمر ولكن لا بد من مواجهة تلك التحديات وإيجاد الحلول المناسبة للتغلب عليها و أهم هذه التحديات ضعف امتلاك المهارات الأساسية لدى الطالب خاصة في المرحلة الأولى ألا وهي مهارة القراءة والكتابة. ومن وجهة الطالب الزبير: أنه من الطبيعي تأثر مهارات الطالب لأن المتلقي وجها لوجه يختلف اختلافا كليا عن المستمع وخاصة في المواضيع التي تحتم وجود المعلم في أسلوب بعض المدرسين متميز لديه روح وحب التعليم لذلك نجد بعضهم ولو كان يشرح المادة الصعبة ولكن بأسلوبه الشيق نجد الطلبة يبدعون في تلك المادة ناهيكم عن الوسائل التعليمية المستخدمة في التعليم التقليدي. وأضاف العبري بأن التعليم عن بعد يؤثر على تعليم الطالب ستكون مسؤولية ولي الأمر أكبر من مسؤولية المعلم فهو المسؤول الكلي عن الطالب وتنمية مهاراته وكذلك عليه التربية.و كما ذكرالحضرمي قائلا: «مدى الاستفادة تعتمد على الطالب نفسه بالمقام الأول ثم طريقة المعلم بالتدريس عن بعد. تختلف الطرق من معلم إلى آخر ومن وجهة نظر المعلمين الشباب لديهم دراية باستخدام التكنولوجيا الحديثة مقارنة بالآخرين. كما أنها أكسبت الطالب مهارات جديدة بالتعلم عن بعد وطريقة التفاعل باستخدام تقنيات التواصل الافتراضي »

جهود حثيثة

لأولياء الأمور الدور الأكبر في إنجاح التعليم عن بعد، يقول العبري : كون لدي أبناء ممن شملهم التعليم عن بعد لا أنكر كون أن البداية كانت مقلقة ولكن الآن هناك أريحية ومن خلال مشاهدتي لتقدم الأبناء في التعليم والمذاكرة والأهم هو بحثهم عن المعلومة وكذلك ارتياحهم للتعامل مع الأجهزة. وأضاف الهنائي قائلا: بصفتي كولي أمر قمت بتهيئة أبنائي في كيفية التعامل مع التعلم عن بعد وبالتالي كنا مستعدين لخوض هذه التجربة من خلال توفير شبكة (الواي فاي) بالمنزل وتوفير أجهزة الحاسب الآلي مع تنزيل المنصة التعليمية على الأجهزة. وبالتالي كنا مدركين أنه لا محالة من التعليم عن بعد وبالتالي بدأت مع أبنائي في التطبيق على المنصة من خلال شرح خطوات التعامل مع هذه المنصة والمتابعة بشكل مستمر. كما قال الغريبي : لقد وفرنا لأبنائنا البيئة المناسبة لهذا التعليم من خلال توفير الأجهزة وشبكة الانترنت والتهيئة النفسية لهذه التجربة الجديدة التي يمرون عليها والوقوف معهم في التحديات التي تواجههم سواء من ناحية التحديات الفنية والتقنية أو غيرها من التحديات التي يمكن أن يواجهونها في استخدام هذا النوع من التعليم.