adil
adil
أعمدة

مقال: الانتظار

05 يناير 2021
05 يناير 2021

عادل محمود -

الشاعر الألماني ريلكه يحسم المسألة: "اسأل نفسك، في أكثر ساعات ليلك هدوءًا: أينبغي أن أكتب؟" ... ويكتبون يكتبون لكي تتمجّد، على الأرض، الوحدة المبدعة، ولكي يترنم الإنسان. ولكي يكون بوسعنا التلمُس الحيّ لجمال العزلة العميقة.. لكائن ناقص. ولكي يتدفأ الخوف الإنساني بصوف اللغة. يكتبون... وتنتقل كلماتهم إلى الحناجر الذهبية فتصبح الأغنية الجيدة، التي فلفلها الشعر بالبرق والبريق، قادرة أن تفعل شيئًا حلوًا في حفل... تأبين! إن مناضلة الصمت، ومحاورة العزلة، واكتشاف الدهشة، والبحث عن توقٍ، واستخراج الإشفاق المحبّ من الخذلان نفسه... هو بعض ما يحاوله الشاعر في الكتابة. الكتابة... الرغبة وهي تصنع مدارًا عاليًا لمقتضى شهواتها... لتضيء نجمة على جسد. الكتابة ...هي شكل السكون في صخب يولّده خروج الروح من جسد، ذات كارثة... غياب من نحبّ لأننا نحبّهم... العتب الذي تنطوي عليه حروب الحياة اليومية، وحروب البشر الأبدية... العتب على ما "ينبغي"أن يكون، والأسف على "ما كان". الألم.. وهو لا يكف عن تزوير مهنة النواقذ. التي توصل صرخة المنفيين وراء محيط الظلمات. كل الآلام تترك ندبتها، ويجمّلها الشعر. كل الحرائق يحاول الشعر أن يغير فيها وظيفة الحريق .. من النار إلى النور. لا وهم لدى الشعراء، هم لم يخترعوا النجوم في ليل البشرية... هم ينثرونها على سطر القصيدة في الطريق إلى من يعشقون. ولم يخترعوا الأشجار، بل هم الذين يمدحون ظلالها، والبرتقالة اكتشفت لونها وطعمها ورائحتها في فم شاعر مرّ، يومًا، على بستان. "الشعر دين بلا أمل" وهو طقس أجمل ما فيه الهروب من اليقين ليكون سيد الأسئلة الجميلة هناك أنواع من الانتظارات: الانتظار المحب "انتظار بنلوب في الأوديسة لزوجها أوليس. هناك الانتظار الغامض: انتظار غودو.. لصاموئيل بيكيت. هناك انتظار الخائف: انتظار البرابرة.. للشاعر كافافي. وهناك انتظار الوهم: رسالة إلى الكولونيل.. لماركيز. أما الشعراء فلديهم ثلاثة انتظارات: القصيدة. الحب. الموت.