salim
salim
أعمدة

نوافذ: القمة.. الرهان على الوحدة

04 يناير 2021
04 يناير 2021

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

ينتظر المواطن الخليجي بفارغ الصبر اليوم وغدًا انفراجة في الأزمة الخليجية مع بدء قمة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي عندما يجتمعون اليوم في مدينة العلا السعودية. ويذهب البعض بأن هذه القمة أشبه بالقمة الأولى التي جمعت الآباء المؤسسين لمنظومة مجلس التعاون التي ساقتها الأقدار إلى أن تنطلق في 21 مايو عام 1981 في العاصمة أبوظبي.

هذا التشبيه يأتي على خلفية ما وقع من أحداث خلال السنوات الماضية بين أبناء الأسرة الواحدة، لكن صوت العقل رجح كفة المنطق، بعد كل ما حدث وهذا عهد أبناء المجلس في قياداتهم التي تلتقي اليوم لقاءً تاريخيًا واستثنائيًا مميزًا، صوت العقل والمنطق والحكمة هما من سيقودان سفينة المجلس مستقبلا بالحكمة والصبر خلال المراحل الآتية.

ويجزم الجميع بأن أسباب نجاح القمة قد تهيأت، وأيضا حضور الرئيس المصري للقمة إذا تم سيكون له بعد تصالحي آخر في مسار لملمة الشمل، ليحسب للأشقاء ذلك، ثم خطوة التصالح العربي الشامل لتكون نقطة مضيئة أمام الأجيال القادمة.

المؤشرات واضحة لا تخطؤها العين في إمكانية تحقيق ذلك النجاح المنشود، فتغير مكان القمة من المنامة إلى العلا السعودية دليل كبير على الرغبة الصادقة وتخفيف لهجة الخطاب الإعلامي وجنوحه إلى مسار ما قبل الأزمة، أيضا مؤشر آخر، وإجراءات التقارب ورغبة الجميع في إنهاء ما يكدر صفو التعايش الأخوي الذي برز مع استعداد الجميع لإعادة الأمور إلى طبيعتها ينم عن كل هذا التوجه.

رحم الله جلالة السلطان الخالد وطيب الله ثراه، فقد بذل كل ما يمكن من جهد مع أخيه الراحل الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الذي فارقنا قبل أشهر طيب الله ثراه، في تطويع الظروف لإعادة الأمور إلى نصابها، رغم ما واجها من تحدٍ كبيرٍ، لكنهما لم تلن عزيمتهما عن تحقيق غايتهما، واستطاعا أن يتحملا فوق طاقتهما من الضغوط، وبقيا على مسافة واحدة كعهدهما مع الجميع، إدراكا منهما أنه لا تفضيل لإخوة على إخوة، ولن ينام لهما جفن وهناك مبعث لقلق في هذا البيت، ولن يستكينا حتى استطاعا معًا بعزيمة جبارة وصبر غير عادي أن يصلا للحلم لكنهما رحلا قبل أن يتحقق اليوم بأشهر، إلا أنهما كانا واثقين أن الأمور ستصل إلى شاطئ الأمان عاجلا أم آجلا غير بعيد، والذي تلوح بشائر تحقيقه اليوم، ليطمئنا وهما يتوسدان التراب ليرتاحا في قبرهما، غفر الله لهما وأسكنهما فسيح جناته.

لأنهما يدركان أن الخليج بيت واحد، والمصير واحد، والهدف واحد، وأن اليد الواحدة لا تصفق، وأن مستقبل أجيال المنطقة واحد، وأن التعاضد بين الأشقاء واجب، وأن بقاء الخليج آمنًا مستقرًا أمنيةٌ واحدةٌ، وأن ازدهاره حلم واحد، وأن الأخطار المحدقة به تهدد بقاء هذا البيت.

اليوم الخليج على مفترق طرق، إما أن يدوس على جراحه ويكبر أمام التحديات، وإما أن يبقى مكانه، تشتته تقاطع المصالح.

لكن المنطق والعقل سيأخذ المجلس إلى آفاق أرحب، وأن الإرادة تتجدد في دمائه، والعزيمة ما زالت جذوتها، والقدرة على الاستمرار حاضرة.

مجلس التعاون الذي نتمسك به ونعده مصيرًا واحدًا، مؤثر على المسرح الدولي سياسيًا واقتصاديًا وتجاريًا ونفطيًا وأمنيا وصناعيًا واستثماريًا وجغرافيًا، والأرقام التي يمتلكها من إحصاءات في كل المجالات السابقة جاذبة وتجعل العالم يلتفت إليه وبتقدير كبير، كون أن مجلس التعاون استطاع أن يفرض وجوده خلال الأربعين سنة الماضية، وقد تشارك مع الدول الكبرى في العديد من الملفات وأثبت نجاحه وفاعليته وساهم في تطور العالم ومد علاقاته إلى أقاصي الدنيا انطلاقًا من مبادئه وثوابته، مستندًا على إرث تاريخي كبير انطلقت من أرضه شعاع حضارة الإسلام الذي أنار الكون، وساهم في تنمية العديد من المجتمعات في أقاصي الدنيا خاصة خلال الخمسين عامًا الماضية.. نتطلع إلى عودة الروح الوثابة إلى المجلس اليوم ليفرح الجميع بها.