آن_الكندي
آن_الكندي
أعمدة

نشن هدفك

30 ديسمبر 2020
30 ديسمبر 2020

آن بنت سعيد الكندي -

Twitter: @Annalkindi -

كنت أستهين بنصيحة كتابة الأهداف على ورقة، لا أرى جدوى في كتابة أهدافي، فما الذي يفرق إن كتبتها أو لم أكتبها؟. اليوم أصبح لدي كراسات كبيرة وأقلام ملونة أرسم فيها أهدافي رسما. أتأملها حتى تتخزن في ذاكرتي، وأحلم بتحقيقها. نوشك دخول عام جديد بعد سنة غيرت مجرى التاريخ وستغيره بأحداث لاحقة إن بدت لها صلة بها واضحة، أو لم تبدُ.

الحياة لها طعم جميل ومعنى كبير حين يشغلنا هدف نُصر على تحقيقه. الإصرار يعني أن تتمحور حياتك كلها حول أهدافك، ويتغير أسلوبها حين تتقن فن التركيز. كل شيء في حياتك يدور حول ذلك الهدف الذي تحلم به، متمسكا به لا تتنازل عنه.. تخيل أن تتغير عادات طعامك ونومك وكل تفاصيل حياتك من أجل أن تصل إلى هدفك، ذلك هو الإحسان في الإتقان. كن مخلصا كل الإخلاص لأحلامك، لا تخذلها فتخذل نفسك وتفوت على نفسك لذة المحاولة والسعي.

الاستسلام للعقبات، والرضا باستبدال الأهداف يفقد للحياة شغفها ومعناها. أداة الاستفهام «لماذا» توضع حولها الكتب والبحوث لإقناعنا أن نبحث عن الأسباب. دائما ما يُسأل عن أسباب وجود الشركات والمؤسسات، لماذا وجدت وما غايتها؟، وننسى أن نسأل أنفسنا السؤال نفسه.. إن لم تتضح لنا الغايات ضاعت بوصلة الأهداف.

تخيل أنك تمشي في طريق نحو تحقيق الأهداف، تماما كالألعاب الإلكترونية تقفز وتراوغ حتى تصل مبتغاك. هذه هي الروح التي تثابر وتنجح، وإن لم تعبُر تعلمت وواصلت المسير. أحدثكم أنتم الشباب، حين قال جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- خلال إعداد رؤية عمان 2040-: «أنصحكم بوضع أهداف لكم في الحياة»، فهل استوقفتكم العبارة؟. عام 2021 لن يكون عاما عاديا، هو العام الأول في تنفيذ رؤية عمان 2040، التي كانت بها شراكة مجتمعية وامتد العمل على إعدادها لسنوات عديدة من البحث والتقصي ورسم الوجهة، وتحديد الأهداف.

الحلم والخيال جزء أساسي من وضع الأهداف، وجزء من التنفيذ. تصحو كل يوم تتخيل كيف تحقق حلمك وكيف تتغلب على عوائق وجدت لتصقلك، وجدت لتقهرها لا تقهرك. حين تضع أهدافك تعرف قصورك، وتعرف قدراتك على تحقيقها وتحقيق أكبر منها. فلربما وضعت لنفسك هدفا بسيطا، ووقعت في فخ الخوف، ولم تسعفك ثقتك بنفسك. ضع أهدافًا كبيرة أكبر مما تظن في قدراتك، حتى لا توهن عزمك النجاحات البسيطة. اشكر كل ظروف أخرجتك من حدودك الآمنة، فنحن نتضايق مما يدفعنا بعيدا عما اعتدنا عليه. اشعُر بالتعب، وضبابية الرؤية وعدم اليقين، لا بأس فمن دونها لن تعرف الطرق الجديدة. أنظمة الملاحة وخرائط جوجل وضعت لطرق عُرفت، وجرى برمجتها، بينما يقال اذهب إلى حيث لا يوجد طريق واترك أثرًا- رالف والدو إمرسون-.

من يستمتع بوضع الأهداف والسعي لتحقيقها لا يعرف الملل، ولا تثنيه أتراحٌ ولا أمزجة. ما أجمل الحياة حين تكون لك غاية، وما أحسن صنعك إن كانت غايتك نبيلة. لا يعرف صاحب الأهداف التوهان، فالتيه عنده فقط في وسائل تحقيق أحلامه حتى يجدها. كيف يضل الإنسان في حياته، وهو يعرف أن خلقه لم يكن عبثا، وما أوجده الخالق إلا لغاية. ننسى أن ما يدور في فلك الله محسوبة أنفاسه وحركاته، أفلا نتفكر؟.

الحياة بلا تحدٍ، ناعسة متثائبة، يسودها وهم الرضا، ويغلفها الإحباط. لا تدع روتين الحياة ينسيك أهدافك، ولا تكثر الحراك بلا إنتاجية، فعالم اليوم ذكي، ووسائله متوفرة، فقط عليك بالخيال وإطلاق عنان الأفكار. وحين ذكرت أهمية كتابة الأهداف، فالأقوى منها النوايا. ضع نواياك في قلبك وصنها واحفظها من كل شيطان مارد. الأعمال بالنيات، لأن الله يحاسبك عليها، ويعينك عليها إن كانت في الخير. كل ذلك لتتعلم فن تحديد الأهداف وكيف تنشن لها، فلا وجود لمصادفة في كون موزون التفاصيل.

هناك أهداف قصيرة الأمد، ومتوسطة، وطويلة، فجميعها جسور إلى مبتغاك النهائي. لا تبقى عالقا طويلا في أهدافك الصغيرة، وحين يتعبك تكرار بعضها تذكر أن خطواتك تقربك كل يوم من أهدافك البعيدة. خطوة بخطوة، حتى تتعلم النفس الطويل، فلكل مرحلة طعم استمتع بحلوها ومرها، إلى أن تصل مرحلة العطاء. هناك ستعرف أن مردود العطاء أكثر من الأخذ، وهو خير الأهداف وأنبلها. وكل عام وأنتم إلى أهدافكم أقرب.