1561511
1561511
الاقتصادية

2020 ترسم ملامح مرحلة اقتصاديــــــة وتنموية جديدة في السلطنة

30 ديسمبر 2020
30 ديسمبر 2020

تحولات كبيرة وسط الصعاب والتحديات -

كتب: زكريا فكري -

شهد عام 2020م -على الرغم مما اكتنفه من تحديات وصعوبات- تحولات كبيرة ونقاط ارتكاز لانطلاقة جديدة نحو اقتصاد وطني متماسك وإعادة هيكلة للعديد من القطاعات. ونجحت الخطط والسياسات التي وضعتها الحكومة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في رسم ملامح مستقبل مشرق شديد الوضوح يعتمد على المصارحة والمكاشفة والمواجهة بروح وثابة نحو معدلات نمو واعدة وأكثر استدامة.

فبرغم الظروف الصعبة التي أحاطت باقتصادات العالم نتيجة تفشي وباء كوفيد 19 وتأثر العديد منها بسبب الإغلاق والانكماش، إلا أن ذلك لم يؤخر من خطوات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها السلطنة للحفاظ على مناخ الاستثمار والتنمية وضمان عدم تأثر مشروعاتها الكبرى، وكذلك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر واحدة من علامات التعافي والقوة الاقتصادية في العديد من بلدان العالم.

نجاح القطاع اللوجستي

شهد عام 2020 العديد من المراسيم السلطانية والتوجيهات السامية التي وجهت دفة العمل الوطني وجعلته أكثر رسوخًا ووضوحًا.

فقد تم على الفور اتخاذ مجموعة من الإجراءات لضمان عدم تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير قروض لها تمكنها من استعادة نشاطها، كما تم توجيه البنوك بإرجاء بعض المستحقات لحين تراجع حدة الجائحة.. ثم كانت المفاجأة الكبرى في القطاع اللوجستي الذي تمكن في زمن قياسي أن يضمن استمرار تدفق سلاسل التوريدات، وضمان الأمن الغذائي في الوقت الذي كانت بعض الدول تحذر من حدوث مجاعات وشيكة بسبب الوباء الذي بدأ يغزو العالم ويتسبب في تعطيل سلاسل الإمدادات من غذاء وبضائع وغيره..

ونجح القطاع اللوجستي بالسلطنة في زيادة خطوط الشحن لتصبح الموانئ العُمانية مرتبطة مباشرة بنحو 86 ميناءً تجاريًا في أكثر من 40 دولةً بواقع 200 رحلة أسبوعية مباشرة، مما ساهم في تعزيز التصدير والاستيراد المباشر من مختلف دول العالم للسلع والبضائع، لتثبت التجربة العمانية في الاستيراد المباشر وجودها على الساحة.

إعادة الهيكلة الإدارية لاقتصاد الدولة

أيضًا شهد عام 2020 إنشاء وزارة الاقتصاد نظرًا لأهمية ما تقوم به من دور علمي في إعداد الخطط والمشروعات والتشريعات اللازمة وذلك في ضوء الاستراتيجيـة العامـة للدولـة.

وجاء المرسوم السلطاني بإنشاء جهاز الاستثمار العماني، ثم إعادة تشكيل مجالس إدارة الشركات التابعة له بمثابة دلالة أخرى على تنفيذ سياسة تعتمد على ذوي الاختصاص، والحرص على النهوض بهذه الشركات لتحقق المرجو من إنشائها وأن تتمكن من تحقيق أرباح فعلية وحقيقية. مع التطلع لطرحها للاكتتاب مستقبلا أو تصفيتها إذا لزم الأمر.

أيضًا شهد 2020 إنشاء جهاز الضرائب وفق سياسات ليس هدفها الجباية بقدر ما كان الهدف منها هو تقليص حدة الاستهلاك ودعم الموازنة العامة للدولة وكذلك الحد من الاقتراض الخارجي وترشيد السلوك الاستهلاكي.

وكانت السلطنة واضحة بخصوص خططها فيما يتعلق بالضرائب -ضريبة القيمة المضافة- والمقرر لها أن تدخل حيز التنفيذ في أبريل 2021 وبهامش ضريبي لا يتجاوز 5% وهى أقل نسبة مطبقة في العالم.

رؤية عمان 2040

ولعل أبرز ما شهده عام 2020 هو اعتماد حضرة صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه- رؤية عمان 2040 التي ستدخل حيز التنفيذ في 2021 وتستهدف 3 محاور رئيسية هي «الإنسان والمجتمع» و«الاقتصاد والتنمية» و«الحوكمة والأداء المؤسسي». وتمت إضافة البيئة المستدامة كمحور رابع بعد المؤتمر الوطني، ويحتوي كل محور على مجموعة من الركائز التي تثريه وتساهم في تطويره موضوعيًّا.

كما شهد عام 2020 إنشاء صناديق مهمة مثل صندوق أمان وصندوق عمان العقاري وهي بلا شك صناديق ستنعش قطاع العقار الذي تأثر بشكل كبير نتيجة العديد من التحديات ومنها تذبذب أسعار النفط .. وقد شهد عام 2020 أكبر تدن لأسعار النفط في الوقت الذي أخذت فيه الجائحة تشتد .. فقد وصلت أسعار النفط إلى 15 دولارًا وهو سعر متدن للغاية مما أدى إلى ارتباك في العديد من الاقتصادات العالمية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر أكبر منتج للنفط، كما تأثرت الشركات العملاقة العاملة في القطاع وأخذت في تسريح العاملين فيها والاستفتاء عن عشرات الآلاف من الوظائف.

ولعل هذا التحدي هو الأكبر من نوعه الذي واجهته السلطنة خلال عام 2020، ومع ذلك لم ترجئ أي خطوة للإصلاح والخروج نهائيا من عباءة الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد أكثر طموحًا وتنويعًا للإيرادات.. ومن هنا جاءت خطة التوازن المالي متوسطة المدى 2021- 2024 التي عملت على تخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة وفي الوقت نفسها توفير الغطاء والحماية لمحدودي الدخل والفئات غير القادرة. وهي تهدف إلى الوصول بالوضع المالي لمستويات الاستدامة المالية وتفادي أي هزات في الوضع الاقتصادي والاجتماعي لا يمكن تداركها مستقبلًا.

وسوف يتزامن مع تنفيذ الخطة مجموعة من المبادرات والبرامج والإجراءات الاقتصادية التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وتحفيز الاستثمارات، إضافة إلى إطلاق منظومة الحماية الاجتماعية التي ستعمل على تخفيف آثار الإجراءات المالية على بعض فئات المجتمع المستهدفة.

استمرار المشروعات الكبرى

شهد عام 2020 أيضًا تواصل العمل في العديد من المشاريع العملاقة ومنها حقل غزير، ومصفاة الدقم التي أنهت 75% من عملياتها الإنشائية الأساسية، وميناء الدقم الذي بدأ يستقبل السفن الكبيرة وتنشط به حركة الشحن والتفريغ، بالإضافة إلى واحد من المشروعات الكهربائية الكبرى والتي تتعلق بربط شمال السلطنة بجنوبها في شبكة كهربائية واحدة.

وفي إطار خطة التوازن المالي بدأت الحكومة عملية تدريجية لإعادة توجيه الدعم على الكهرباء والمياه دون المساس بفئات محدودي الدخل. وقد كانت هذه الخطوة ضرورية لضمان وصول الدعم لمستحقيه من ناحية، ووقف استنزاف الميزانية العامة للدولة من ناحية أخرى، بعد أن بلغ حجم الدعم 750 مليون ريال في عام 2020.

التعداد الإلكتروني

كما شهد عام 2020 اعتماد صاحب الجلالة لنتائج التعداد الإلكتروني للسكان والمساكن والمنشآت 2020 ، حيث كان للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الأثر الكبير في إنجاح أعمال التعداد الإلكتروني للسكان والمساكن

والمنشآت لعام 2020م.

وقدمت السلطنة من خلال هذا التعداد نموذجا رائدا في تجربة الانتقال من التعداد الميداني إلى التعداد الإلكتروني، وبالرغم من ضخامة هذا العمل

إلا أنه تم إنجازه في فترة زمنية مناسبة وبأقل الموارد البشرية والمالية مقارنة بالتعدادات السابقة.

وستسهم المعلومات الخاصة بالتركيبة السكانية التي تضمنها التعداد، وغيرها من البيانات التفصيلية في خدمة الخطط التنموية المستقبلية للبلاد بما يتوافق والرؤية المستقبلية عمان 2040.

وبلغ إجمالي عدد سكان السلطنة أربعة ملايين وأربعمائة وواحدًا وسبعين ألفًا ومائة وثماني وأربعين نسمة، مقارنة بتعداد 2010، حيث كان عدد السكان مليونين وسبعمائة وثلاثة وسبعين ألفًا وأربعمائة وتسع وسبعين نسمة، بمعدل زيادة 61%.

وبلغ إجمالي عدد السكان العمانيين مليونين وسبعمائة وواحدًا وثلاثين ألفًا وأربعمائة وستة وخمسين مواطنًا عمانيًا، مقارنة بتعداد 2010 الذي كان مليونًا وتسعمائة وسبعة وخمسين ألفًا وثلاثمائة وستة وثلاثين عمانيًا، بمعدل زيادة 40% وبلغ إجمالي عدد السكان الوافدين مليونًا وسبعمائة وتسعة وثلاثين ألفًا وستمائة واثنين وتسعين وافدًا، مقارنة بتعداد 2010 الذي كان ثمانمائة وستة عشر ألفًا ومائة وثلاثة وأربعين وافدًا، بمعدل زيادة 113%. وتمت دراسة وتحليل ومعالجة حوالي ٥٦٠ مليون سجل لدراسة وتغطية وجودة بيانات السكان والمساكن والمنشآت على مستوى مختبرات التعداد.

كما انتعش قطاع الإنتاج السمكي خلال عام 2020 بإنتاجية تتجاوز 690 ألف طن، في ظل بنية أساسية متنامية من قوارب وسفن وموانئ.. وسجل عام 2020 نحو 18 مشروعًا للاستزراع السمكي حصلت على موافقات نهائية ومبدئية بتكلفة تصل إلى 987 مليون ريال عماني، وإنتاج متوقع 435 طنًا من الأسماك والقشريات وغيرها.