salem
salem
أعمدة

نوافذ :بين عام ... وعام

28 ديسمبر 2020
28 ديسمبر 2020

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

يجر عامنا الحالي ذيوله آفلاً ليسلمنا إلى عام جديد مقبل، لا يعلم ما يحمله لنا من مفاجآت الأفراح و المآسي إلا رب العباد.

موجة تفاؤل عالمية بالعام الجديد، وكأنه سيمسح كل ما مر من انتكاسات، بدأت برحيل السلطان الخالد، ثم أعقبتها موجة الفيروس والحالة الصحية التي أرعبت كل من يدب على هذه الأرض، وحصدت أعزاء علينا كانوا ينعمون بكامل صحتهم حتى الأمس القريب.

هذا التفاؤل تدفعه عديد الأسباب التي منها عودة الحياة إلى رتمها السابق الذي اشتاقت له البشرية وتمنته في عز الاجتياح الوبائي وأدركت أن تلك الحياة بمنغصاتها أفضل ألف مرة من معاناة «كوفيد 19 «الذي جاء للعالم دون مقدمات ، سوى إنه فيروس انتشر من شرق الدنيا واجتاحها في أيام قلائل جداً إلى غربها.

هذا التفاؤل يدفعه تعطش الناس إلى الانطلاق والحركة ومعاودة نشاطهم الاقتصادي الذي أوقف الحياه العامة وراكم العديد من الديون والأموال على كل فرد نتيجة ذلك.

العالم خاض تجربة صحية مريرة فضاقت الدنيا على البشر بما رحبت، وتعلموا درسا قاسيا جداً، وهو أن النعم قد تزول، وأن الاستمرار قد يتوقف، وأن الصحة قد تنعدم في لحظة، وأن الخوف من المجهول قد يتراكم، وأن التوجس من الجالس بجانبك قد يُنهي حياتك، وأن ملامسة الأبواب قد تفقدك روحك، وأنك قد تغادر أهلك رغم صحتك، وأن العمل لم يعد من الأولويات، وأن راتبك لم يعد يهمك أمام هول ما يحدث.

مر العالم بكل تفاصيل المأساة والخوف والرعب والتوجس والخشية من كل شيء، ورغم الحيطة تشعر على مدار كل دقيقة أن هناك من يتربص بك ويطاردك ويلاحقك دون سابق إنذار وأنك لهالك دون محال. هذه الحالة أوجدت ذعرا وفزعا في نفس كل منا ولم يسلم رؤساء الدول منها وطالتهم رغم تحصينات قصورهم.

لكن الأمل بالله بقي حاضرا رغم كل المخاطر، وبفضله تجاوزت العديد من الأمم أصعب وأحلك الظلمات التي ستبقى علامة فارقة في تاريخ البشرية.

اليوم، العالم يتطلع إلى مرحلة العودة إلى الحياة من أوسع أبوابها، إلى مساراتها وإلى إيقاعاتها، إلى البناء والتطوير والتحديث والعلم والمعرفة والتجارب والتصنيع والاستثمار في كل شيء، بما في دلك فكر الإنسان الذي هو أعظم هبات الله إلينا.

يتطلع إلى الأمل بالله أولاً، وإلى ثقته في قدراته لإعادة كل الأمور إلى طبيعتها والتي اختلت خلال الشهور العشرة الماضية ولم تعد كما عهدناها، يتطلع إلى الأيام المقبلة من العام الجديد الذي يتحفز له الجميع لعل بدخوله تُكسر موجة المأساة التي خيمت على كلٍ منا، ولعله يكون عاماً أفضل من سابقه يحمل معه البشائر والوعود في استعادة كامل الحياة إلى ذلك الإيقاع الذي سيعود الجميع فيه إلى توحيد الجهود، إلى الإنتاج، إلى المعرفة والعلم، إلى الانطلاق والسفر والتواصل مع العالم، إلى ما كان عليه قبل العام الحالي.

الآمال كبيرة في الله تعالى أولاً، وفي استقرار الحياة الطبيعية التي لا تُنغص علينا بحظرٍ أو منعٍ أو انتشارٍ أو سكونٍ يجبر عليه الفرد دون إرادته ...

عام، نتطلع فيه إلى تحقيق نسبة نمو أفضل حتى على مستوانا الشخصي، وتصحيح للعديد من الأمور واستقرار دائم وممارسة طبيعية للحياة .. ليبقى السؤال .. هل سيكون 2021م مختلفاً فعلاً ويعيدنا لحياتنا التي فقدناها خلال 10 أشهر؟ أم تستمر مأساة 2020م تلاحقنا في العام الجديد ؟