oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

من صور الاحتفاء بالمكان

28 ديسمبر 2020
28 ديسمبر 2020

تمثل الطبيعة في عُمان أحد العناصر الفريدة التي يمكن النظر إليها باعتزاز كهبة من الخالق يكون علينا أن نعتني بها ونعمل على تطويرها، بحيث نحقق الاستفادة القصوى منها، دون إخلال بها بل إضافة تكون مثمرة وطيبة، وهذا ما سلكته مسالك النهضة العمانية منذ بواكيرها، حيث ذلك التماهي الرائع بين العناصر الطبيعية في التضاريس والطبوغرافيا والإضافات الحديثة من مبانٍ وطرق وجسور ومتنزهات الخ..

إن الاحتفاء بهذه الطبيعة من بحر وسهل وجبل وغيرها، تمثل نظرة محبة وهي أبعد من ذلك تعكس العلاقة المفترضة مع المكان، التي من السليم أن تتأسس على الإدراك المعرفي حيث يساعد ذلك على التعايش الصحيح والعلمي، بتحقيق الفائدة للإنسان وفي الوقت نفسه المحافظة على استمرار هذه الهبة الإلهية.

تشكل جبال عمان واحدة من هذه العناصر المميزة في الطبيعة، وهذا ما تكشفه موسوعة جبال عُمان التي جاءت في ثلاثة مجلدات ضخمة، ودشنها صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع أمس الأول، في حفل أُقيم بدار الأوبرا السلطانية مسقط، حيث وصف سموه المشروع بأنه ضخم وقيّم وله فوائد علمية كثيرة.

وقد كان تأليف وإعداد هذه الموسوعة بتوجيهات من المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وها هو يرى النور في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في تأكيد على رسالة مستمرة ذات نسق واحد في النظرة العميقة إلى تراث عمان وتاريخها وطبيعتها، وهي كلها عناصر متكاملة تعبّر عن الاحتفاء والاحتفال بهذا المكان الذي نعيش فيه وننعم بخيراته وعاش فيه أباؤنا وأجدادنا منذ القدم.

إن الاحتفاء بالمكان يأخذ في واقع الأمر العديد من الصور منها ما هو تعبير وجداني مباشر، ومنها ما يتخلص في صور معرفية تقوم على البحث العلمي والإضافة لهذا المكان سواء بالصناعات والثقافات الجديدة أو التحديث في شتى صوره، الذي بقدر ما يأخذ من مشاهد العصر إلا أنه في الوقت نفسه يحافظ على الأصالة والماضي في مشاهده البهية التي تجسدت في ملامح من الحاضر.

لقد أشار صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد إلى «أن عُمان تزخر بطبيعة متميزة في هذه الرقعة الجغرافية من العالم ولا بد أن تُعطى حقها من الدراسة والبحوث خاصة فيما يتعلق بالجبال والكهوف والحيوانات والطبيعة والحياة الفطرية».

ولا شك أن هذه الموسوعة هي جزء من مشروع مستمر في البحث العلمي والاكتشاف والاستكشاف المتصل للمكان في رحلته عبر التاريخ وفي تموضعاته في الزمن المعاصر، في سبيل استنطاق المستقبل الأفضل.

إن الطريق إلى الغد المشرق يمر حتمًا عبر وعي الذات والتاريخ والمكان، هذه العناصر المتصلة التي تشكل رؤوس مثلث متساوي الأضلاع، يكون الإنسان مركز حضوره وفاعليته، بقدرته على العلم والتعلم والاستزادة الفكرية وبث الفكر والمعرفة والتنوير دومًا.