333.صقصث
333.صقصث
الثقافة

«ليل» محمد الطويل .. نداوة الكلمة في كتاب

27 ديسمبر 2020
27 ديسمبر 2020

صدر عن دار لبان للنشر الإصدار لجديد للكاتب محمد عبدالرحمن الطويل، وحمل عنوان «ليل» ليتضمن مجموعة من النصوص المناورة في لغتها بين السرد والشعر، فاللغة القادرة على كتابة القصيدة اختارت الصورة السردية لنقل مشاعرها عبر الكلمة، فجاءت محملة بالندى.

يقول المؤلف في مفتتح كتابه: «ما زلت أجصص حكايات الليل وأنا متزمل بعباءة الألم. وحيدا في برد هذا الشتاء بين نشيج الريح والغربة»، فيرى أن الليل يتدحرج «بسكونه المعتاد نحو الصباح ونحن ما زلنا نتعثّر بحصى الطريق ونسقط في عثرات الظلام».. حيث إن «يتمدد الليل من ذاته فينا، ونحن عناقيد نجوم مُدلاة من سماء هذا الليل المتوجس بالصمت المَهيب.. ترانا نضيء ذاتنا ثم نعود ننطفئ بهدوء تام على نفس الذات»، وفي ملاذاته تلك يتمسك بالحلم، فثمة شروق لا مناص إلا أن يأتي، يقول: «أيها الليل الساكن جوفي... تُرى متى تشرق شمس الحياة كي نسير نحو الشمس؟!.. متى يتفتح زهر الأقاح كي أجمع وروده حتى أهديها لروحي؟!..».

لا يضع الكاتب محمد الطويل عناوين لنصوصه بل يتركها تختار إطاراتها مع وضع خط قصير في مبتدأ كل نصوص للدلالة على أنه نص جديد، لكنها تندرج جميعها تحت فكرة الليل، حيث الظلمة والسكون، وهجوع الروح، حيث هناك أكثر من ليل داخل النفس، كما هو الأمر مع الفصول، فليل الشتاء الطويل لا يشبه أي ليل، حيث تمتد الساعات باردة، وموحشة، يكتب: «ليل الشتاء الطويل يفتح مساحة للجرح أن يستيقظ أو ينام.. ليل الشتاء الهادئ يفتح للذكريات أن تنشط لتؤرقنا على الوساد.. ليل الشتاء البارد يبحث في داخلنا عن دفء الروح لكن تلك الروح تبقى منهكة تبحث لها هي الأخرى عن دفء الشراشف.. ليل الشتاء الماطر يجلدني على جسدي العاري وأنا الذي بلا مأوى ولا دار أفتش عن ذاتي فتنهرني الحياة وأختبئ خلف الليل فيجلدني المطر».

كما تتفاوت النصوص بين القصيرة التي يتكون في سطرين، وتلك التي تمتد على أكثر من صفحة، ومقابل تحديده للزمان، حيث الليل موحيا بشكل مستمر عبر كل نص، فالمكان يحضر بالإشارة إلى مسقط، مقاربا بينها والحب والفقد: «ينتابني الحنين إلى مسقط.. فأرنو بعيدًا عن ذاتي.. ذاتي خواء وأحلام لا تستيقظ أو ترى النور.. النور أراه أمامي لكن على بُعد خطوات متعثرة.. والحصى المتناثر على الدرب الطويلة يعيقني.. أتدحرج ككتلة النار كي أصل إلى مرادي رمادًا في مهب الريح.. الريح تأخذني عنوة عن مسقط إلى حيث لا أشتهي.. أنادي بصوت مبحوح: مسقط.. مسقط، لكن الصوت يعود وحيدًا من المدى في خواء يشبه خواء ذاتي وانكسارها».