1558724
1558724
العرب والعالم

واثقـــون من موقــف السلـطنة الـداعــم للقضية الفلسطينية والدفع لـ«حل الدولتين»

19 ديسمبر 2020
19 ديسمبر 2020

جبريل الرجوب في حديث خاص لـ«عمان»

حاوره ـ سالم بن حمد الجهوري -

ثمن معالي جبريل الرجوب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني، رئيس اللجنة الأولمبية أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح موقف السلطنة الداعم للقضية الفلسطينية معتبرا أنه موقف ثابت نابع من السياسة العمانية التي لم تتغير منذ عشرات السنين والتي أرسى دعائمها السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، ويسير على خطاه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، حفظه الله ورعاه، والتي تلقى كل الاحترام والتقدير ليس فقط من القيادة والشعب الفلسطيني بل وثقة العالم أجمع.

وقال الرجوب في حوار مع جريدة «عمان» إن اللقاءات التي تمت خلال زيارتي مع بعض المسؤولين في السلطنة في الأيام الأخيرة كلها كانت في اتجاه الإجماع على دعم القضية حتى بلوغ قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967م وفق القرارات والمرجعيات الدولية التي تبناها المجتمع الدولي.

وقال إن ما سمعته من معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية أن السلطنة ملتزمة بالقضية الفلسطينية التي ترى حلها بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة إلى جانب إسرائيل وفق قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية، وهذا الموقف الذي نستند عليه في دفاعنا عن فلسطين في المحافل الدولية إلى جانب الأشقاء.

وأشار أن مواقف السلطنة جديرة بالاحترام والتقدير وقد استطاعت أن تدافع في العديد من المحافل لاسترداد الفلسطينيين حقوقهم المسلوبة وأرضهم المنهوبة وكرامتهم المغصوبة.

وأشار إلى أن جهود السلطنة تعدّت المواقف السياسية المتقدمة إلى مجالات أخرى تساهم في عضد أشقائهم في مواجهة التحديات.

وقال إن المسؤولين العمانيين وعلى رأسهم صاحب السمو السيد أسعد بن طارق نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي الممثل الخاص لجلالة السلطان، ومعالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، أكدا لي أن السلطنة اختارت أن تدعم الحوار الفلسطيني الإسرائيلي وعدم تقديم أي خطوة عليها وهذا ما يبعث الكثير من الارتياح كعهدنا بالعمانيين دائما.

وأشار أمين سر حركة فتح أن الاتصالات والمشاورات مستمرة في هذا الجانب بين مسقط ورام الله حتى نستطيع أن نحقق معا خطوات مهمة في طريق قيام الدولة الفلسطينية.

المقاومة الشعبية خيارنا

ماهي خياراتكم كسلطة بعد خطوة العلاقات الإسرائيلية مع بعض الدول العربية خلال الأشهر الماضية؟

أمامنا خيار واحد ومسار واحد هو الصمود المقاوم على أرض فلسطين والوحدة لكل مكونات الشعب الفلسطيني والحياد الإيجابي في التجاذبات العربية التي تعد الطريق والمسار اليتيم لتثبيت فلسطين على أجندة المجتمع الدولي، وهذا خيارنا وعقيدتنا في هذه المرحلة. الصمود المقاوم أعني به البقاء على أرض الوطن دون انكسار أو ضرب للمناعة الوطنية عندنا كأفراد أو كمجتمع. سبعة ملايين فلسطيني يعيشون في فلسطين التاريخية وهم عرب أقحاح مسلمون ومسيحيون هم قوة قضية فلسطين.. حوالي 400 ألف منهم يعيشون في القدس وهذه أيضا قوة أخرى إلى جانب الموزعين على المدن الرئيسية داخل الخط الأخضر ونعتبرها الورقة الوطنية الفلسطينية الرابحة، بعد أن تم إبادة السكان الفلسطينيين في المناطق المحتلة ولم يتبق منهم من ذلك الوقت إلا فيما ندر، أبيدوا على يد العصابات الصهيونية التي عاثت في المدن الفلسطينية الرئيسية وأبرزها دير ياسين في القدس الغربية، والتي تمكن بعدها 150 ألف فلسطيني من العودة إلى ديارهم تنفيذا للشرط الذي فرضته الأمم المتحدة للاعتراف بإسرائيل بعودة العنصر العربي الذي مع مرور الوقت أصبح مليونيين داخل الخط الأخضر. نحن الفلسطينيين متألمون من حالة الانهيار العربي، والاستسلام للمشروع الصهيوني الذي لايستهدف فلسطين بل المنطقة بثرواتها واستقرارها ويهدد أمنها ومستقبلها وأجيالها، وهو بالنسبة لنا أمر غير مفهوم، لن تحصد هذه الدول إلا العواصف والأوهام.

تفاهمات لإنجاز المصالحة

هل لتأخر إنجاز المصالحة الوطنية بين فتح وحماس دور في تعجيل الاندفاع العربي نحو التطبيع؟

الانقسام هو ذريعة الإسرائيليين لتبرير تهربهم من استحقاقات تطبيق قرارات الشرعية الدولية ويضعف أصدقاءنا وحلفاءنا في العالم، ونحن في حركة فتح طورنا حديثا آليات ومقاربات كأسس لإنهاء الانقسام، ترتكز على بناء شراكة وطنية في كل مكونات النظام السياسي من خلال العملية الديمقراطية والتمثيل النسبي، وبدأنا حوارا جديا مع الإخوة في حركة حماس وقمنا بخطوات ثنائية ووطنية توجت بتفاهمات إسطنبول مؤخرا والتي تركزت على استراتيجية الخروج من مأزق الانقسام والبدء في مسيرة بناء شراكة حقيقية.

ولكن للأسف بعض الأوساط في حماس عطلت استمرار المسار، لكنّنا لن نيأس وسنستمر في جهدنا لأنه خيارنا الاستراتيجي. نرى في حماس نسيجا من النضال السياسي والاجتماعي، و الحوار الوسيلة الوحيدة لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة.

الجديد في الأمر مؤخرا هو الدور المصري الذي يتمتع بتفويض من الجامعة العربية لإنهاء الانقسام وهم يقومون بجهد نأمل أن يقودنا إلى شاطئ الوحدة والشراكة.

الدعم العربي

كيف ترون الدعم العربي المقدم في الوقت الراهن لمساعدة الفلسطينيين ؟

التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال الأيام الأخيرة الماضية بالشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر وعرض عليه مجمل التطورات في مسار القضية ومنها مشروع المصالحة بين فتح وحماس، وتمنى عليه أن يساعدونا في هذه المهمة الوطنية والقومية والإسلامية التي هي شرط لإقامة الدولة الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني الذي يستحق حياة كريمة أفضل من ذلك.

كما أن هناك مشاورات واتصالات مع عدد من القيادات العربية التي تشاركنا مسيرة النضال الوطني الفلسطيني والتي ما فتئت تقدم كل ما يمكن من دعم لفلسطين وقيادتها في كل المحافل الدولية .

وأضاف الرجوب: إننا قادرون على بلوغ المصالحة الفلسطينية، ونعتقد أن الدوحة وبعض العواصم العربية المؤثرة تبنت سياسة التوازن في العلاقات مع السلطة وحماس وهذا يؤهلها أن تكون عنصرا فاعلا ومؤثرا لتجسير الفجوات وبناء جسور الثقة بين الجانبين.

نحن نعتمد على ما نسمعه مباشرة من العرب، وليس ما نسمعه على لسانهم في وسائل إعلام سلطة الاحتلال الإسرائيلي التي تدعي ليل نهار باقتراب إقامة عديد العلاقات مع بعض من الدول العربية، كنت في العراق وسمعت منهم بأنهم لن يكونوا طرفا ولن يقبلوا بما حصل.

كما أن ما نسمعه من تأكيدات على لسان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية بأنها لن تلحق بركب التطبيع كما أكد ذلك مجلس الوزراء السعودي وأيضا حديث تركي الفيصل في مؤتمر المنامة الأخير كل هذه المواقف معبرة وواضحة.

المواقف أكثر نضجا

ما أهم الخطوات التي قطعت نحو المصالحة؟

لدينا بيان اجتماع الأمناء العامين لفصائل العمل الوطني الفلسطيني الذي عقد في الثاني من سبتمبر الماضي والذي حدد أهدافنا لإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على 1967م والقدس عاصمتها وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وفق قرارات الشرعية الدولية، وحدد البيان الوسائل النضالية كحق لممارسة كل أشكال المقاومة الأنسب في هذه المرحلة وهي المقاومة الشعبية، وآليات بناء الشراكة من خلال انتخابات التمثيل النسبي، وهذا التوجه اتفق عليه بالإجماع خلال اجتماعاتنا في القنصلية الفلسطينية بإسطنبول في 24 سبتمبر الماضي، والتي تم خلالها التوافق على رؤية استراتيجية ثنائية لبناء الشراكة من خلال الانتخابات المقبلة التي ستكون على 3 مراحل: الأولى ستكون لانتخابات البرلمان وهو المجلس الوطني التشريعي الفلسطيني، والثانية الانتخابات الرئاسية، والثالثة انتخابات المجلس الفلسطيني واللجنة التنفيذية.

وبحمد الله تم إقرار ذلك من كل الفصائل الفلسطينية الحاضرة في الاجتماع ومازلنا نرى مخرجات مؤتمر الأمناء العامين وتفاهمات إسطنبول صالحة لإنهاء الانقسام وبناء الشراكة الحقيقية.

ومع الدعم العربي والدور المصري الذي يمثل الجامعة العربية، نعتقد إلى حد كبير أننا قادرون على تحقيق حلم أبناء فلسطين في الداخل والخارج في الوحدة التي هي رهاننا الحالي لمواجهة التطورات المتسارعة في المنطقة.

عباس المرشح المتوافق عليه

هل هناك من قيادات فلسطينية جديدة ستعتلي السلطة؟

الرئيس أبو مازن لايزال مرشح إجماع من معظم الفصائل الفلسطينية في الوقت الراهن، وقناعتي أن الأخ أبو مازن الذي يحظى بذلك الإجماع، رجل المرحلة، وقناعتنا في حركة فتح أن الرئيس محمود عباس ضرورة ومصلحة وطنية في المرحلة المقبلة للجميع، وحتى في حواراتنا مع الإخوة في حماس اقترحوا أن يكون الرئيس عباس مرشح إجماع كما ذكرت، فهم يرون والجميعَ أنه الأنسب أمام إنجاز مشروع إنهاء الانقسام وإنجاز الدولة الفلسطينية المستقلة، لما يحظى به من خبرة وحنكة ومصداقية في المجتمع الدولي، وأنا أعتبره آخر البطاركة بمنطق النظام الأبوي في فلسطين.

هل من تواصل حدث مع الإدارة الأمريكية الجديدة وماهي توجهاتها ؟

نعم هناك اتصالات تمت مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي تلقينا منها عددا من التأكيدات، وهي أنهم متمسكون بحل الدولتين ورفض صفقة القرن وإلغاء الإجراءات التي استهدفت البعثة الفلسطينية في واشنطن وإعادة القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية ودعم الأونروا والمشاريع التنموية في المدن الفلسطينية. وأضاف الرجوب: لا شك أن الانتخابات الأمريكية كانت لها تداعياتها وارتداداتها على منطقة الشرق الأوسط وأول المتضررين هو اليمين الإسرائيلي الذي شكل على مدار السنوات الماضية قوة دفع الاحتلال وموجه إيقاع السياسة الأمريكية في الصراع العربي الإسرائيلي من خلال مجموعة صهيونية وظفت الإدارة الأمريكية لكسر إرادة العرب وفرض التطبيع، ومحاولة تمرير صفقة القرن والحصار وقطع المساعدات الدولية بهدف تصفية القضية الفلسطينية كقضية سياسية واختزالها في قضية معيشية. بالتأكيد، إن هذه السياسة التي اتبعتها الإدارة الأمريكية الحالية تفتقد إلى المرتكزات والثوابت في التعاطي مع مثل هذه القضايا المعمرة التي تناهز الـ 72 عاما من عمرها، لذلك لم ترَ النور كونها تفتقد للحوار مع الطرف الأهم فيها وهم الفلسطينيون. وهذا الرفض للتعاطي مع مثل هذه القضايا جاء عبر رفض الناخب الأمريكي لتجديد الاختيار للرئيس الحالي ترامب، واختيار المرشح بايدن مكانه، هذه الانتخابات أضاءت كثير من الدوافع التي قادت إلى مراجعة في سياسة الحكومة الإسرائيلية التي لن تكون قادرة على مواجهة الاصطفاف الدولي والإجماع على رفض صفقة القرن والسياسات الإسرائيلية على الأرض .

بماذا تفسر العودة المفاجئة لإسرائيل للالتزام بالاتفاقيات مع السلطة ؟

عودة إسرائيل إلى التمسك بالاتفاقيات التي أوقفتها مع السلطة دليل على أن تل أبيب تواجه انحسارا في نفوذها في الإدارة الأمريكية القادمة، وذلك عندما أيقنت أن الإدارة الحالية راحلة لا محالة أرادت أن يكون لها خط عودة إلى التواصل مع السلطة الفلسطينية.. نحن نرحب بذلك شرط أن يؤدي إلى نتائج ملموسة على الأرض ويدفع بالحل نحو الدولتين وفق المرجعيات الدولية والاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وليس إلى الاستفادة من الخطوة إعلاميا فقط والذي ستكشفه الأيام القادمة.