oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الاحتفاء باللغة .. التفات إلى الثقافة والحضارة

19 ديسمبر 2020
19 ديسمبر 2020

يشكل اهتمام أي مجتمع أو أمة من الأمم باللغة التي تتحدثها وتتوارثها، التفاتًا إلى القيم الثقافية والحضارية التي عن طريق الانتباه لها يكون ممكنا رسم الطريق الأفضل إلى المستقبل، فاللغات هي لافتات للشعوب والمجتمعات، عن طريقها يمكن أن نؤشر إلى مدى الانتماء وعمق الهوية وكيفية النظر إلى العالم، ولا توجد أمة يمكن أن تتقدم وهي تهمل ميراثها الحضاري من اللغة التي تنتمي لها، كما أن تطور اللغات يقوم من جانب آخر على رفد عمليات النماء الذهني وتحريك مجمل عمليات التطور في كافة مجريات الحياة الإنسانية. من هذا الباب وبهذا المدخل يمكن التوقف مع مناسبة اليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، الذي يعبر عن حب اللغة العربية والانتماء لها والرغبة في تأكيد أبعادها الثقافية والمعرفية والإنسانية الخ..

يشار إلى أن اللغة العربية تم اعتمادها من الجمعية العامة للأمم المتحدة كلغة رسمية في عام 1973، لتصبح واحدة من لغات هذه المؤسسة الأممية، ولا بد أن لذلك معنى كبيرًا يحمل العديد من الدلالات، بيد أن حيوية وقوة اللغة العربية تحمل ما هو أبعد من ذلك باعتبارها لغة الحضارة الإسلامية والقرآن الكريم وهي اللغة التي حملت الرسالة السمحة لكافة البشر.

في واقع الأمر فقد جاء اعتماد اليوم العالمي للغة العربية في أكتوبر 2012، عند انعقاد الدورة الـ190 للمجلس التنفيذي لليونسكو، وحيث احتفلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بهذا الحدث لأول مرة في الثامن عشر من ديسمبر عام 2012. إن الاهتمام باللغة العربية والعمل على نشرها واعتمادها في كافة ممارسات الحياة اليومية، يحفظ لهذه اللغة مكانتها كما ينميها لدى الأجيال الصاعدة، لا سيما في هذا العصر الذي أصبحت فيه الأمور متسارعة وثمة العديد من الأشياء التي تحيط بالطفل والإنسان عامة بما يجعله يتجه لمسارات مختلفة في الاكتساب والمعرفة، ومنها مثلًا الاهتمام بلغات أخرى وتغافل اللغة الأم وهكذا.. لهذا فإن مثل هذه المناسبات كاليوم العالمي للغة العربية، تكتسب أهميتها من التنبيه والتذكير، ومن ثم اتخاذ البرامج والفعاليات المناسبة لنشر ثقافة اللغة وتأكيدها عبر المؤسسات والمنظمات القائمة بهذا المجال. إن اللغات بشكل عام هي بوابات الأمم لمستقبلها، وهذه هي النقطة التي يجب التركيز عليها في إطار اللغة العربية بإدخالها في مسارات المعرفة المختلفة والمؤسسات الأكاديمية والعلمية، وإذا كان تعلم لغات أخرى أصبح ضرورة في العالم المعاصر على سبيل المثال اللغة الإنجليزية التي تشكل اللغة الأوسع انتشارًا في العالم اليوم، إلا أن ذلك لا يعني تغافل اللغة الأم التي تشكل الهوية الإنسانية وتعطي للمرء فاعليته ومعنى وجوده في هذا العالم، ومن المعروف أن القدرة على التفكير وإعمال الذهن أكثر ما تنفتح في اللغة الأم بخلاف اللغات المكتسبة.