1553299
1553299
الثقافة

«المهرجانات المسرحية العربية.. هل حققت غايتها؟»

10 ديسمبر 2020
10 ديسمبر 2020

مختبر المسرح ببيت الزبير يبحث في تساؤل: -

تغطية - عامر بن عبدالله الأنصاري -

عقد مختبر المسرح ببيت الزبير مساء أمس الأول الأربعاء جلسة حوارية، طرح من خلالها تساؤلا محوريا، وهو «المهرجانات المسرحية العربية.. هل حققت غايتها»، وهو ذاته عنوان الجلسة النقاشية التي استضافت كلا من الممثل والمخرج المسرحي والدرامي عبدالله التركماني من دولة الكويت الشقيقة، والفنان محمد النبهاني رئيس فرقة مسرح الدن للثقافة والفن، وأدار الجلسة المسرحي والإعلامي أحمد الكلباني عضو مختبر المسرح ببيت الزبير.

ذروة الحراك المسرحي

بدأ أحمد الكلباني بسؤال لرئيس فرقة الدن محمد النبهاني، حيث قدمت الفرقة مهرجانات عربية مسرحية، سائلا إياه ما الذي تريده فرقة الدن من خلال تنظيم تلك المهرجانات، وأجاب النبهاني بقوله: «مما لا شك فيه أن ذروة الحراك المسرحي تكون في المهرجانات المسرحية، وهي فرصة لتبادل الخبرات والاطلاع على التجارب الإبداعية للمسرحيين والفرق الأخرى، ودخلت مؤخرا أهداف أخرى على المهرجانات المسرحية منها الأهداف التسويقية والترويج للبلد المستضيف والترويح للسياحة الثقافية والفنية، وبالحديث عن مهرجان الدن، فقد كانت الفكرة نابعة من تساؤل (ما هو الجديد الذي يمكن أن نضيفه) لأن الوسط المسرحي العربي زاخر بالمهرجانات، فهل من الممكن أن تقدم حالة مسرحية مختلفة للمسرح العربي، ثم يتبعها المسرح الدولي».

وتابع النبهاني: «حضرنا العديد من المهرجانات، وكانت تركز على جانب مسرحي واحد، إما مسرح الطفل، أو المونودراما أو غيرها من مجالات المسرح، لذلك أتت فكرة مهرجان الدن العربي لتجمع مختلف أشكال المسرح ومجالاته، وكذلك تجمع الكل في مكان واحد، وأعني هنا المهتمين بمجالات المسرح، نجمع رؤى الشباب المسرحية، ورؤى المخضرمين من المسرحيين، وهناك اختلافات بطبيعة الحال بين هذا وذاك، فكان من أهداف المهرجان تقريب وجهات النظر وتلاقح تلك الأفكار».

إيجابيات وسلبيات

وانتقل أحمد الكلباني بالسؤال إلى الفنان عبدالله التركماني، مركزا على مشاركته في غالبية المهرجانات المسرحية العربية، ومدى انعكاس ذلك عليه وعلى اشتغالاته المسرحية، وما الذي يأمل أن يحصل عليه -كممثل أو مخرج- من تلك المهرجانات، ليجيب التركماني قائلا: «السؤال الأخير قد يكون محرجًا لجميع المسرحيين، حيث إن هذا سؤال أزلي ويلامس كل المهرجانات العربية، وأنا أجيبك بصدق وأمانة، هناك جانب إيجابي للمهرجانات وهناك جانب سلبي، الإيجابي هو التواصل وتبادل التجارب والخبرات واكتشاف رؤى جديدة لأعمال ولنصوص ولعروض، والتواصل مع الأطراف الأخرى العربية، وهذا الاكتشاف يخلق عندنا نوعا من التجدد وقد يُغير نظريات عندنا وفرضيات وقناعات، والمهرجانات تتيح وضع وحدة وقياس، مثلا في دولة الكويت في كل المهرجانات هناك ضيوف من فنانين وصحافة ولجان، والهدف منها أنها تقرأ وتحلل ويمكن من خلالها أن نقيس مدى ملامستنا للطريق الصحيح، أما الجانب السلبي من وجهة نظري هو جانب فيه كثير من الضغط ويقيدنا كثيرا بمعايير معينة للتنافس، وهذا الأمر أبعدنا كثيرا عن الجمهور، فالجمهور لا يحتاج أن يحضر المهرجانات فقط، بل المفروض يحضر من أجل الحضور بقناعة ليجد في المسرح ما يشعر به وبآلامه وقضاياه، أن يجد في المسرح ما يرد أن يقوله ولا يستطيع البوح به، وهذا الأمر ربما نفقده في المهرجانات الآن، لأن المهرجانات أصبحت تتوجه نحو التجريب، بمعنى أن تصنع عرضًا مسرحيًا ليكون مختبرًا ويخضع للدراسة والتحليل».

ليعقب الكلباني على حديث التركماني قائلا: «ربما تلك الأعمال التي تعنيها ترقى للذائقة النخبوية وللجنة التحكيم».

فرد التركماني قائلا: «بالضبط هذه الأعمال يتم تفصيلها وإعدادها لتلائم حوالي 7 أشخاص وهم لجنة التحكيم، لذلك أرى أن هذه المهرجانات يفترض أن تكون فرصة لتحقق الجانب الإيجابي، وكذلك إبراز نجوم وعرض قدراتهم، وأقول أن الغاية النهائية من المهرجانات لم تتحقق للأسف، وهناك مساعٍ لتحقيقها، مثلا دائرة الثقافة بالشارقة تسعى للانتقال بالأعمال المسرحية النخبوية -التي تنتجها الفرق للمهرجانات- إلى كافة إمارات الدولة لتحقق الانتشار وتصنع ثقافة مسرحية للجميع قدر الإمكان».

بين النخبوية والجماهيرية

ووجه الكلباني سؤالًا لرئيس فرقة الدن، قائلا ألا يمكن أن نجد من يمسك بالعصا من الوسط، بحيث يشارك بالمهرجانات ليقدم عرضا تنافسيًا يرقى للجنة التحكيم وفي الوقت نفسه يشبع ذائقة الجماهير التي جاءت، فأجاب النبهاني بقوله: «نضرب مثالا في مهرجان الدن العربي الأخير، فقد فاز بالجائزة الكبرى عمل (عطسة) الذي قدمه الأستاذ عبدالله التركماني مخرجًا، وقد تابعت هذا العمل خارج السلطنة، وتابعته وأنا منظم في مهرجان الدن العربي، هذا العمل مسك العصا من الوسط، فقد قدم عملا احترافيا وكان في الوقت ذاته عملا جماهيريا، والجميل أن كافة تذاكر العرض قد نفدت في ذلك اليوم، وكانت هناك جماهير تنتظر الحضور، وهذه من الحالات التي لا نشاهدها كثيرا أن يكون هناك ازدحام على عروض مهرجانية، ولا نزكي مهرجان الدن، ولكن هذا ما لمسناه، بعكس المهرجانات المسرحية الأخرى التي تشهد عزوفا جماهيريا، ويرجع ذلك إلى ما ذكره الأستاذ عبدالله بأن العروض المهرجانية أصبحت تخاطب النخبة، وتبعد الجمهور، وهذا عكس ما نسعى إليه في مهرجان الدن، حيث نسعى لتنويع العروض وأنواعها، من مسرح شارع، ومسرح كبار، ومسرح طفل، وكانت هناك نية لإضافة مسار رابع، كما كانت هناك حرية في تقديم العروض بين كوميدية وتراجيدية، كما سعينا إلى تسويق المهرجان للناس، وهذا ما انعكس على حضور الجماهيري لعروض مهرجانات الدن الثلاث، على الرغم من وجود شباك تذاكر».

وبناء على ما ذكره النبهاني، قال أحمد الكلباني: «هناك عروض بدأت بأعداد جماهيرية كبيرة في مهرجان مسرح الدن العربي، ولكن بدأ الجمهور بالخروج، وفي بعض العروض هناك شواغر كثيرة، كيف تفسر ذلك؟»

فأجاب النبهاني بقوله: «يتحمل أي مهرجان حدوث ذلك، وتتحمل لجنة اختيار العروض ذلك، يجب على اللجنة قراءة افكار الجمهور وماذا يريده الجمهور العماني، وفي الوقت ذاته يجب على اللجنة أن تنظر في الهدف من العرض المتقدم للمهرجان وماذا سيضيف للمهرجان والجمهور، بمعنى أنه على لجنة اختيار النصوص أن تمسك العصا من الوسط بين رغبة لجنة التحكيم وذائقة الجمهور، وهذا ما يجب أن تركز عليه أغلب المهرجانات، مع الاهتمام بالعروض الاحترافية».

بقاء الفنان وغيابه

وعرج الكلباني إلى موضوع ظهور بعض الأسماء المسرحية وسطوعها، في الحين الذين نشاهد فيه أسماء تغيب وتضمر بعد ظهور باهر عربيا، وعن أسباب هذا الموضوع يقول الفنان عبدالله التركماني: «نقول في الكويت، الجمهور مع الفنان الباقي والواقف، فالفنان ما دام موجودا في الساحة ويقدم عملا متجددا، ويدخل أعمالا جديدة، ويشارك في كل دورة أو عمل تلفزيوني أو مسرحي، ذلك يعني أنه باقٍ ويؤثر في الجمهور، أما حول الأسباب التي تجعله يصعد إلى المنصات العربية أو المنصات العالمية، هي أسباب عديدة منها العلاقات بالوسط الفني، والمهارات، والدراسة، والبحث والتطوير، ويتوقف كل ذلك على شغف المسرحي، وهناك عدد من المسرحيين مؤثرون ومهمون في المجتمع العربي، لأنهم دكاترة وساهموا في تخريج عدد كبير من الطلبة، أما التلاشي فهو نهاية كل فنان يستكين في البيت ويجلس وحيدا تحت إضاءة خافته، اليوم أصبح الجمهور لا يبحث عن الفنان إذا ما رحل، يتأثر به إذا ما دام باقيًا في الساحة الفنية ويصفق له، وهذه حقيقة، فالجمهور لا يتأثر بالفنان، إنما بالشخصية التي أداها الفنان، الموضوع ليس قاسيا بقدر ما هو حقيقي، إن بقيت في البيت لن يسأل عنك أحد».

وإلى جانب ذلك تحدثت الجلسة عن العديد من الموضوعات منها تاريخ فرقة مسرح الدن وتأثير الأعمال الفنية على بقاء الفنان وغيرها من الأمور، في جلسة الحوارية استمرت لحوالي ساعة كاملة.