ناصر الحوسني
ناصر الحوسني
الاقتصادية

السلطنة تشارك المجتمع الدولي الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد

08 ديسمبر 2020
08 ديسمبر 2020

يحتفي العالم في التاسع من ديسمبر من كل عام باليوم الدولي لمكافحة الفساد، وقد تم اختيار هذا التاريخ لكونه يصادف اليوم الذي تم فيه التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتصديق عليها، وليكون يومًا دوليًا تحتفل فيه كل دول العالم بمكافحة الفساد، وتأكيدًا لأهمية تضافر الجهود الدولية بهدف القضاء على الفساد الذي يؤثر على معدلات النمو في كافة القطاعات ويؤدي إلى تعثر خطط النمو والإصلاح الاقتصادي. وفيما يتعلق بالسلطنة فقد صرح ناصر بن محمد بن خلفان الحوسني مدير عام المديرية العامة للرقابة على الاستثمارات والشركات التجارية والصناعية ورئيس لجنة تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد بجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بأن السلطنة منذ انضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في عام 2013 بموجب المرسوم السلطاني رقم 64/ 2013 لم تأل جهدًا في تنفيذ متطلبات هذه الاتفاقية من خلال التدابير التي كفلت تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، مشيرًا إلى أن الجهاز دأب منذ أن تم إسناد مهمة متابعة وتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إليه، وتوليه مهمة هيئة مكافحة ومنع الفساد، على القيام بدوره والمهام الموكلة إليه في هذا الشأن، حيث تم تشكيل فريق الخبراء لاستعراض تنفيذ الاتفاقية بعد موافقة مجلس الوزراء، إلى جانب إجراء بعض التعديلات في التقسيمات الإدارية للهيكل التنظيمي للجهاز، بالإضافة إلى إنشاء لجنة تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وفقًا لقرار معالي الشيخ رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة والتي تتولى العديد من المهام ومنها: وضع خطة عمل سنوية للجهاز فيما يتعلق بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ومراجعة التشريعات المعنية بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد مع جهات الاختصاص، والعمل على سد الثغرات بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية سواءً كانت في إجراءات عمل أو غيرها التي قد تؤدي إلى الفساد والإشراف العام على الخطة الإعلامية السنوية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد.

وأكد الحوسني أن السلطنة ممثلة في جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة سائرة بكل ثقة وعزم وحزم في تعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد وإرساء مبادئ الحوكمة، بما يجسد الرؤية السامية لجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - ونطقه السامي الذي أكد على أن النزاهة لا بد أن تسود كافة قطاعات العمل وأن تكون أساسًا ثابتًا وراسخًا لكل ما يتم القيام به، وعلى أهمية العمل نحو التطبيق السليم للقوانين النافذة في البلاد تحقيقًا لمبادئ العدل والإنصاف للسير بالبلاد نحو آفاق أرحب من النمو والازدهار، مضيفًا إن السلطنة وكجزء من التزامها باستيفاء متطلبات الاتفاقية أنهت استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في دورتي الاستعراض الأولى والثانية من الاتفاقية، وأنجز العديد من نتائج الاستعراض والبعض الآخر قيد التطوير والمراجعة.

وأوضح الحوسني أن الاستعراضين الأول والثاني لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد قد خلصا إلى العديد من التجارب الناجحة ومنها: أن لدى السلطنة العديد من الجهات والأجهزة المعنية بمكافحة الفساد، وأن هناك تعاونا جيّدا بين الجهات المعنية بمكافحة الفساد، بالإضافة إلى أن السلطنة تقارب تطبيق أحكام تشريعاتها المحليّة بشكلٍ مرن عند النظر في طلبات التعاون الدولي وفقًا لاتفاقاتها الثنائية والمتعددة الأطراف وعملًا بمبدأي المعاملة بالمثل والمجاملة الدولية، واعتماد السلطنة لمبدأ التنفيذ المباشر للاتفاقيات الدولية حيث تكون للمعاهدات والاتفاقيات قوة القانون بعد التصديق عليها من جلالة السلطان وتعتبر جزءًا من قانون البلاد، علاوةً على أن الإطار القانوني في السلطنة والمتعلق بمنع ومكافحة الفساد يحوي أحكاما من عدد من القوانين لا سيما قانون الجزاء وقانون الإجراءات الجزائية وقانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح بالإضافة إلى قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأن السلطنة طرف في عدد من الاتفاقيات الدولية المعنية بالتعاون الدولي ومكافحة ومنع الجريمة، بالإضافة إلى أن السلطات العُمانية تتعاون على الصعيد الدولي من خلال آليات وشبكات مختلفة بما في ذلك مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والإنتربول، إلى جانب أنه لدى السلطنة العديد من الجهات والأجهزة المعنية بمنع ومكافحة الفساد منها جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، والادعاء العام متمثل في إدارة الادعاء العام لجرائم الأموال العامة، والهيئة العامة لسوق المال، والمركز الوطني للمعلومات المالية، كما أوضح الحوسني أنه في إطار تنفيذ السلطنة لالتزاماتها بشأن الاتفاقية قام فريق الخبراء المشكل لاستعراض تنفيذ السلطنة للاتفاقية باستعراض تنفيذ عدة دول لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وهي دولة فلسطين الشقيقة ودولة جزر الكوك ودولة ساموا ودولة كوستاريكا.

وتنفيذًا لمتطلبات المادة (8) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، أوضح الحوسني أن الجهاز قام بإعداد مدونة قواعد السلوك الوظيفي، مشيرًا إلى أن المدونة احتوت على عدد من المواد القانونية تتعلق بالأحكام والواجبات العامة وواجبات الموظف وإقرار الذمة المالية والحفاظ على المال العام وطريقة استخدام التقنية عند أداء المهام الوظيفية، وتسري على جميع الموظفين المدنيين في وحدات الجهاز الإداري للدولة باستثناء من تصدر لهم مدونات سلوك وظيفية خاصة وفقًا للقوانين والأنظمة المعمول بها، وقد تمت مراجعتها من قبل فريق خبراء استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وصدرت بقرار معالي السيد رئيس مجلس الخدمة المدنية الموقر -آنذاك- رقم 7/ 2019. موضحًا أن المدونة تهدف إلى إرساء معايير أخلاقية ومبادئ أساسية لآداب الوظيفة العامة، وتنمية ثقافة الموظف بأهمية الدور الذي يضطلع به، بالإضافة إلى تعزيز القيم الأخلاقية والمهنية في علاقة الموظف مع رؤسائه ومرؤوسيه وزملائه في العمل والمراجعين، وترسيخ مفهوم الإدارة الرشيدة وتعزيز المساءلة حول الأداء الوظيفي والسلوكي للموظفين، فضلًا عن النأي بنفسه عن مواطن الشبهات التي قد تنال من كرامة الوظيفة وهيبتها.

وأفاد ناصر الحوسني بأن الجهاز قام بأعمال اختصاصه في عدد من المخالفات التي تندرج تحت الأفعال المجرمة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وهي رشوة الموظفين العموميين الوطنيين، ورشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي مؤسسات الدولة العمومية، واختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر من قبل موظف عمومي، والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة استغلال الوظائف، والإثراء غير المشروع، والرشوة في القطاع الخاص، واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص، وغسل العائدات الجرمية، والإخفاء، وإعاقة سير العدالة، والمجرمة بموجب القوانين السارية في السلطنة واتخذ بشأنها الإجراءات القانونية المناسبة، حيث يقوم الجهاز بمتابعة تلك القضايا وفق تنظيم داخلي لتحديث موقف تلك القضايا والتنسيق بشأنها مع المركز الوطني للمعلومات المالية والادعاء العام، وتمثلت تلك الجرائم في الاختلاس وإساءة استعمال الوظيفة والرشوة والتزوير وتضارب المصالح. وانطلاقًا من أهمية التوعية في غرس وتعزيز النزاهة ونشر ثقافة الشراكة في حماية المال العام والقيام بالوجبات تجاه الوظيفة العمومية، فقد أوضح ناصر الحوسني أن الجهاز يتبنى خطة إعلامية وتوعوية شاملة تهدف إلى تحقيق وعي أمثل وسلوك مؤسسي ومجتمعي نزيه وذلك في إطار اختصاصاته والمهام الموكلة إليه، مشيرًا إلى أنه يتم من خلالها تقديم محتوى متنوع في إطارات دينية ووطنية وقيمية وقانونية في القوالب الإعلامية المختلفة، وتشمل الإعلام المرئي، والمسموع، والمطبوع والمقروء، والإلكتروني، إلى جانب الندوات والمحاضرات، بالإضافة إلى التغطية الإعلامية للمناسبات الوطنية والدولية، فضلًا عن بث محتوى إعلامي توعوي بالتعاون مع المؤسسات الحكومية، مضيفًا إنه في هذا الإطار أنتج الجهاز البرنامج التوعوي «نزاهة» للموسم الرابع على التوالي بالإضافة إلى عدد من الأنشطة المرئية وذلك على صعيد الإعلام المرئي، أما في مجال الإعلام المسموع فيستمر الجهاز في تقديم البرنامج الإذاعي الأسبوعي «الرقابة مسؤولية الجميع» والذي شرع في بثه منذ عام 2015، وفي مجال الإعلام المطبوع والمقروء يعمل الجهاز على تقديم ونشر التحقيقات والاستطلاعات والأخبار إلى جانب العبارات التوعوية عبر الصحف المحلية فضلًا عن إعداد ونشر المطويات التوعوية، أما على صعيد الندوات التوعوية فيستمر الجهاز في تنفيذها منذ عام 2012، حيث تم تقديم ما يزيد عن 237 ندوة ومحاضرة توعوية للعاملين في الجهات المشمولة برقابة الجهاز والطلبة في المؤسسات التعليمية الجامعية، كما يحرص الجهاز من جانب آخر على التعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة في تعزيز النزاهة، إلى جانب الاستمرار في نشر الوعي بالرقابة المؤسسية والمجتمعية من خلال المشاركة في المعارض والفعاليات الرسمية، بالإضافة إلى تفعيل حسابات رسمية للجهاز في مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر، فيسبوك، انستجرام، يوتيوب» بما يعزز الاتصال مع المجتمع وبناء الشراكة معه، إلى جانب الإعداد لتنفيذ برامج توعوية متنوعة لغرس قيم النزاهة والحفاظ على المال العام لدى النشء، وهناك تطوير مستمر في المنتجات التوعوية وما تحتويه من رسائل تسهم في تعزيز قيم النزاهة لدى أفراد المجتمع.

وفي الختام، أكد ناصر بن محمد بن خلفان الحوسني -مدير عام المديرية العامة للرقابة على الاستثمارات والشركات التجارية والصناعية ورئيس لجنة تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد بجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة- أن المرحلة المقبلة تتطلب منا جميعًا بذل مزيد من الجهد والعمل الدؤوب المثمر، وتعزيز التعاون والتكامل بين مؤسسات الدولة المختلفة والمجتمع، بما يسهم في تعزيز قيم النزاهة وترسيخ مبادئ الحوكمة والتي ستسهم بلا شك في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة في البلاد، وتحقيق الأولويات الوطنية والتوجهات والأهداف الإستراتيجية التي تسعى الرؤية المستقبلية «عمان 2040» لتحقيقها في ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه -، وسائلًا المولى - سبحانه وتعالى - أن يوفقنا جميعًا لما فيه الخير والصلاح لعمان العزيزة.