أفكار وآراء

حديث الصلب والذهب

03 ديسمبر 2020
03 ديسمبر 2020

مصباح قطب -

[email protected] -

لم لا نغير دفة شطر الشعر الشهيرة (السيف أصدق أنباء من الكتب)، لتصبح: (الصلب أصدق أنباء من الذهب)؟ . توجد دوافع جوهرية لفعل ذلك أبسطها أن وزن الصلب الموجود في أجهزة أصغر بيت يفوق وزن الذهب آلاف المرات على الأقل، فضلا عن أن إنتاج الذهب السنوى عالميا لا يزيد عن ٣٤٠٠ طن بينما إنتاج الحديد فوق المليار طن، سنويا، والذهب استخداماته رمزية حتى وهو غطاء نقدي، أما الصلب فابن الواقع والوقائع. تتسابق الميديا إلى نشر أخبار الذهب لأن تفضيلات القراء او «التريند» دلهم على أهمية ذلك، وهناك بالفعل شغف واضح ممتد عبر التاريخ بالذهب، غير أن القضية هي أيهما أدل على الحالة الاقتصادية للعالم صعودا وهبوطا ولأي بلد عموما.. هل أسعار الذهب أم أسعار منتجات الحديد والصلب؟

ارتفعت أسعار الذهب بشكل غير مسبوق خلال تفشي كوفيد 19 على خلفية أنه ملاذ آمن للأفراد وللمستثمرين مع الاضطرابات الكبرى في الأسواق وأسعار الأصول والسلع والخدمات بسبب كورونا وضبابية المشهد الاقتصادي كله ، ويعد أهم أسرار أمان الذهب أو قيمته هو سرعة وسهولة تسييله مقارنة بأي أصل آخر خاصة وقت التباطؤ، لكن هل الارتفاع الطارئ في الذهب يعبّر عن مقدار التراجع الاقتصادي وارتفاع المخاطر بدقة؟. وهل ارتفاع أسعار الذهب بقدر كذا يماثل إلى حد كبير انخفاض مستوى النشاط الاقتصادي وحركة الاستثمار والتجارة عبر العالم ( مع تثبيت أثر ظروف الإنتاج والاكتشافات )؟ . الإجابة

كلا. لقد ارتفع الذهب بنحو ثلاثين في المائة منذ اندلاع الجائحة قبل أن تهدأ وتيرة ارتفاعه أو يدور مغزليا صعودا وهبوطا. في المقابل يقول صندوق النقد الدولي: إن الاقتصاد العالمي سيتراجع 4.4 % في 2020.

ولو نظرنا إلى الصورة من زاوية الصلب وارتباطه الشرطي بصعود وهبوط الاقتصاد لوجدنا النظرية صحيحة إلى حد كبير فقد تراجع إنتاج الصلب في الأشهر السبعة الأولى من 2020 بنحو 5.6 % ، وتوقع أحدث تقرير لاتحاد الصلب العالمي تراجع الطلب على الصلب عالميا في 2020 بنحو 6.4 % مقارنة بـ 2019 وهي نسبة كما نرى قريبة من نسبة تراجع الاقتصاد العالمي، كما أن التراجع (أو الزيادة حين تحدث) في الإنتاج والطلب متقاربين والحال لا يكون هكذا دائما في الذهب . نتحدث هنا عن الإنتاج والطلب قبل الحديث عن التصدير والاستيراد لأن الأخيرين تؤثر عليهما عوامل مختلفة؛ فعلى سبيل المثال انخفضت واردات أمريكا بنحو 22.8 % في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2020 والسبب الجوهري هو رسوم ترامب الوقائية على منتجات الصلب المستورد قبل ان يكون السبب تراجع الطلب الحاصل هو الآخر فعلا. الاستيراد في حالات ايضا يرتبط بالتصدير وفي الظروف العادية قد يقل الاستيراد لأن الإنتاج المحلي توجه إلى السوق المحلي أكثر من ذي قبل ، ويمكن للعكس أن يحدث.

وبصفة عامة زاد إنتاج أعضاء الاتحاد العالمي للصلب في أكتوبر2020 بنسبة 7 % عن الشهر النظير العام الماضي بسبب بدء تعافي الاقتصاد ومحاولة تعويض ما فات . وهكذا نرى أن عوامل مختلفة تؤثر على حركة تجارة منتجات الحديد والصلب لكن هبوط الإنتاج وهبوط الطلب كما رأينا لهما ارتباط مباشر وواضح بمستوى النمو الاقتصادي وطبيعته. أخيرا، فإن الشركات الصينية المنتجة للصلب تحقق أرباحا بشكل متصل منذ ستة أشهر والصين هي أسرع الدول تعافيا في العالم، وهي أيضا أكبر منتج عالمي للصلب وتنتح وحدها نحو ٥٧ ٪ من إنتاج العالم كله.

الخلاصة :

منتجات الحديد والصلب أصدق تعبيرا عن حال الاقتصاد بما لا يقارن مع الذهب.