Untitled-5
Untitled-5
الثقافة

بركانٌ في عُمق البحر

03 ديسمبر 2020
03 ديسمبر 2020

إن الكلمات تتثاقل على عقلي، لا تنوي الرحيل جميعا في هذه الأسطر البسيطة!

مغفلٌ من يظن أن الحب يرحل ويُنسى، أحمقٌ من يظن أنه يستطيع أن يُسكن المشاعر في منفى غير معلوم العنوان.

إن جوهر الإنسان يُصقل بالتجربة العاطفية، لا.. بل إن العاطفة تدعم عجلة التقصي والمعرفة والتكوين!

هل يَعلمُ الشاعر من أين تأتي كلماته؟ كل الظنون الواهية بأن إلمامه باللغة ومعرفته بأحكامها جديران بصنع مادةٍ جلمودية لها وقعها الأدبي في فكر المهتمين. هل حقاً هو جاهلٌ أن أصحاب القلم كُثرْ، وأنت مَلكَة اللغة تسكن قريحة الأغلب المعظم!

إن للعواطف قدرةً تفوق قدرة العقل في صنع مادة نثرية تتسلل إلى قلوب الآخرين، تطبطب عليها، تعانقها وتواسيها ثم تحاورها بلطافةٍ تامة، لتأوي الغريب، وتسكن الأنين، وتسعد المحب، و تواسي الفاقد!

هل يُدرك الكاتب أن النص المصقول بالعاطفة والمشحون بالإحساس أقوى وأكثر تأثيرًا من الحشوات والزخرفات اللغوية، بل هو أداة احتواء نادرة! هل يدرك أن لبيت شعرٍ واحد القدرة على عناق ألف مُحْبٍ ضائع بين حروف اللغة!

أكاد أُجزم أن نزار وحسان وامرؤ أدركوا ذلك!

لا تنحصر قوة العاطفة على الكلمات، فهي تصل إلى الموسيقى والغناء واللوحات الفنية والكثير مما قد يصنعه الإنسان تعبيرًا عن شعورٍ واحد!

في حين أن العقل يمارس أفعاله التعبيرية عبر أسس مؤطرة وخطوات مدروسة، تلجأ العاطفة إلى صنع مادةٍ جديدة دائمة؛ دافعةً بالفرد إلى مجالٍ ابداعي فني جديد، فالعاطفة إذا ما اشتعلت لا ترضى ولا تكتفي بتمثيلها عبر الآخرين وتعابيرهم المنصرمة؛ لا تنفك حتى تنفجر باختلافها، كذلك البركان الذي يسكن عمق البحر بدون مبالاةٍ لما يدعوه العقل المنطقي بالطبيعي!

مثل الكلمات التي تسكنني الآن تحاول الانفجار بحروفها بينما يثقل عقلي بها، على الأقل أدرك لماذا أنا هكذا الآن وبهذا الوضع، فهل مررت أو تمر بما أمر به الآن؟ ويح قلبي عليك وهنيئا لموهبتك التي على وشك أن تلد عملًا جميلًا جديدًا!

■ أمير آل سالم كاتب رواية «قطون»