oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

السلطنة وثقافة السلام

02 ديسمبر 2020
02 ديسمبر 2020

خلال سنوات النهضة المباركة والنهضة المتجددة المتصلة بها في طريق ينشد المستقبل المشرق، فإن السلطنة أسست لقيم ومفاهيم عديدة في إطار التعايش الإنساني وإرساء التعاون الأخوي وعلاقات الصداقة مع الدول والشعوب، عماد ذلك الاحترام المتبادل والمحبة والحرص على المصالح المشتركة، وهذا هو شأن السياسة الخارجية العمانية التي تقوم على هذه الأسس المدركة من التصالح والحب والمودة، فيما يعرف بثقافة السلام.

إن مفهوم ثقافة السلام الذي أكدت عليه السلطنة في كلمة لها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وأنها تتبوأ مكانة خاصة لديها، باتت اليوم جزءا من الإرث العماني الراسخ الذي وإن كان قد تعزز خلال النهضة الحديثة إلا أنه يذهب إلى عمق التاريخ لشعب طالما عرف بهذا الأمر وحمل هذه الرسالة وهو يتواصل مع شعوب العالم حاملا لكافة صور وأشكال التعايش التي تجسر المسافات بين الأمم والشعوب وتجعل الحضارة الإنسانية وحدة واحدة تقوم على نسيج الاحترام وتقدير الآخر مع حفظ الخصوصيات لكل طرف من الأطراف.

لقد أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في خطابه السامي في 23 فبراير الماضي على أن رسالة عُمان للسلام «ستظل تجوب العالم حاملة إرثًا عظيمًا وغايات سامية، تبني ولا تهدم، وتقرّب ولا تباعد»، وهو ميراث كبير ومهم يحرص عليه العمانيون أشد الحرص لأنه نتج عن تجربة حضارية وعمل عظيم متراكم لأجيال متعاقبة كان لها الدور المستمر، كل يدلي بدلوه في إطار هذه الرسالة السامية التي تحمل عنوان السلام.

إن الحديث عن ثقافة السلام لأي شعب ولأي أمة أو دولة من دول العالم لا يمكن أن ينفصل عن المشهد الكلي للسياستين الداخلية والخارجية، فهما تعملان معا متناغمتين، بحيث تقودان في نهاية المطاف إلى صناعة الصورة الذهنية القائمة عن البلد المعين، وفي السلطنة فإن هذا العهد يتأكد ويتجدد دائما من خلال حرص كبير لدى القيادة وكذلك أفراد المجتمع في المحافظة على هذه الصورة، وقبل ذلك من خلال الممارسة والسلوك وتقديم القدوة الحسنة.

يجب القول بأنه متى ما كان الحديث عن السلام وثقافة السلام، فإننا سوف ننظر إلى مجموعة من العناصر والأمور الكلية والمتكاملة التي تعمل في وفاق متحد، من عنصر التاريخ والموروث إلى السياسة قديمها وحديثها إلى المؤشرات الدولية التي ترصد وتقيم أوضاع الدول في مسائل عديدة، كما في مؤشر الخلو من مخاطر الإرهاب الذي تصدرته السلطنة بمعدل صفر، ولسنوات متتالية، كل هذه الأمور تعطي بلا شك نسيجا متصلا يؤكد على ما هو قائم فعليا.

تؤمن سياسة السلطنة الخارجية بحاجة العالم إلى الألفة والتكامل في المجالات الاقتصادية والمعرفية بحيث تتحقق الفائدة للجميع من خلال الصلات الطيبة والإنسانية، ولا شك أن رأس سنام ذلك كله هو السلام لا شيء سواه، إنه هو الذي يصنع اللحظة المعاصرة ويقود إلى المستقبل الأفضل لبناء عالم أكثر أمانا واستقرارا وتعايشا بين الجميع.