Screen Shot 2020-11-24 at 1.39.12 PM
Screen Shot 2020-11-24 at 1.39.12 PM
أعمدة

قائمة ٢٠٢٠

01 ديسمبر 2020
01 ديسمبر 2020

أمل السعيدية

قبل نحو خمسة أعوام فطنتُ لجهلي بأم كلثوم! أكاد لا أعرف من أغانيها شيئاً ولا أسماء الأغاني، ما عدا مقاطع شهيرة اشتهرت في برامج الموسيقى للهواة، والتي أصبحت ذائعة الصيت في عالمنا العربي بداية الألفية الثانية، فجرتْ العادة على أن يعيدوا غناء أغانٍ خالدة. اعتمد جيلي في ثقافته الموسيقية على التلفزيون وحده، لم يكن الإنترنت قد انتشر بصورة كبيرة بعد هنا في السلطنة، بالإضافة لكلفته العالية، ولم تكن محطات التلفاز آنذاك تبث أغاني كلاسيكية، وكان لدي فكرة طفولية عندما انتبهت لجهلي بأم كلثوم جوهرها، أنني لن أصبح جيدة في الكتابة ما لم أتعرف عليها! قررتُ البحث عن قوائم جاهزة لأغانيها، معدة وفقا لترتيبها الزمني، أو موضوعها، أو ملحنها. فاكتشفتُ شيئاً آخر في ذلك الحين، أن ثقافة القوائم لا تنتشر كثيرًا في فضاء محتوى الإنترنت العربي، قبل سبعة سنوات تقريباً صمم شباب سعوديون على تقديم موقع للقوائم الموسيقية فقط، لإعادة إحياء التراث الطربي في العالم العربي لكنه سرعان ما اختفى وتفرق صانعوه. لستُ من محبي القوائم في أي شيء، فليس من السهل أن تتبع خطا شخص آخر فيما يفترض أنه نشاطٌ قوامه الحرية، كالقراءة ومشاهدة الأفلام، وسماع الموسيقى، لكن قد تضعك هذه القوائم في الطريق، وهناك يمكن أن تختار التوقف متى شئت. تنتشر هذه الأيام بما أننا في نهاية عام ٢٠٢٠ قوائم مختلفة بعضها تعدُ صيدا ثمينا للمشتغلين في صناعة المنتج الثقافي، بالتأكيد إن كتاباً احتلَ المرتبة الأولى في أهم كتب يجب أن تقرأ من هذا العالم في نيويورك تايمز، يُقدم وتسويقه معه، وبغض النظر عن هذه القوائم والمعايير التي يتم اختيار الأعمال بها، فإن فكرة إنشاء قائمة خصوصاً في هذا العام، أمر جدير بالاهتمام. لم يكن عاماً عادياً، لقد غيرت الجائحة وجه كل شيء، بعضنا كان يحس بأن الوقت يسرق من بين يديه علانية، وآخرون شعروا ببطء الوقت وثقله في ظل الترقب والخوف وتدفق الأخبار عن هذا الفيروس الغريب. "هوا هسو" في مقالة على نيويوركر بعنوان "السنة الخاصة بي في عمل القوائم" عبر عن تردده أمام القوائم هو الآخر، لكنه وفي ظل الظروف الراهنة قرر كتابة واحدة هذا العام لا لمشاركتها مع الآخرين بالدرجة الأولى بل لأنها وعلى حد تعبيره "تذكير كيف أن عام 2020 لم يكن كأي عام، بل كان سلسلة من الحقب الصغيرة أو العصور والقمم والوديان. كان هناك أسبوعان قرأت فيهما الكثير من التسعينيات، كتابات حول العرق والتعددية الثقافية. الأسبوع الذي دخلت فيه لقراءات دراسات الفنانين بحرص. عطلة نهاية الأسبوع عندما قرأت السير الذاتية لبعض لاعبي كرة القدم. كل مجموعة من الكتب كانت بوابة أردت الهروب إليها." تأملتُ في العام الذي مضى بدوري، وأستطيع أن أقول أنني فعلتُ الكثير من الأشياء على الرغم من أنني لم أغادر شقتي معظم الوقت! بدأ العام بإنهاء ثلاثية القاهرة لنجيب محفوظ، قرأتُ بعدها ثلاثة أجزاء من البحث عن الزمن المفقود لبروست، قرأتُ مذكرات أورهان باموق عن مدينة إسطنبول، وحظيتُ قبل نهاية العام بزيارة هذه المدينة والتوقيع على انطباعات باموق عنها وجها لوجه. قرأتُ كتباً كثيرة ليست هذه المساحة المناسبة للكتابة عنها الآن، ولدي كل ما قرأته في قائمة خاصة، وأتفق كثيراً مع رأي "هوا هسو" الذي يرى بأن " القوائم تجعل العالم يبدو قابلاً للإدارة ، وتنقل إمكانية النظام. إنها توفر الحدود ، والشعور بالحدود. لقد أتاحت لي إدراك الشعور بالزخم في فترة ركود عالمي.. أصبح الاحتفاظ بالقائمة جزءًا من سلسلة مهام تهدف إلى تطبيع عام غريب. يشير الاحتفاظ بها إلى إمكانية يوم ما في المستقبل".