mohammed-shizawi
mohammed-shizawi
أعمدة

مرحلة جديدة من البناء والتنمية

25 نوفمبر 2020
25 نوفمبر 2020

محمد بن أحمد الشيزاوي -

تكتسب المرحلة المقبلة من مراحل البناء والتنمية في السلطنة أهميتها من مجموعة من الأسس التي حددها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - في خطابه السامي بمناسبة العيد الوطني الخمسين لتكون منطلقا لنهضة عمان المتجددة واستكمالا لما شيّده جلالة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - من «نهضة عصرية جعلت الإنسان محور اهتمامها ورسّخت دولة المؤسسات والقانون»؛ انطلاقا من إرث عُمان التاريخي العريق ودورها الحضاري والإنساني، وقد تمكنت السلطنة خلال العقود الخمسة الماضية من تحقيق تنمية شاملة غطّت «كافّة ربوع السلطنة على اتساع رقعتها الجغرافية ووصلت منجزاتها لكل أسرة وكل مواطن على هذه الأرض الطيبة».

ومع أن جميع ما تحدث عنه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله - يحتل أهمية قصوى باعتبار الخطاب يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ عمان الحديثة إلا أنه من المهم تسليط الضوء على عدد من القضايا المهمة التي ترسم مستقبل عُمان وتحدد أولوياتها وسط العديد من التحديات المحلية والعالمية؛ لعل أبرزها ما يلي:

أولا: التأكيد على أن أهداف النهضة المتجددة هي وضع عُمان في المكانة المرموقة لها انطلاقا من الأسس والمبادئ والقيم التي سعت إلى تحقيقها نهضة عمان الحديثة التي انطلقت في 23 يوليو 1970 مع التأكيد على تكريس كافة موارد السلطنة وإمكانياتها لتحقيق ذلك و»المحافظة على المصالح الوطنية باعتبارها أهم ثوابت المرحلة القادمة».

ثانيا: اعتبار «رؤية عمان 2040» ركنا أساسيا في تحقيق تطلعات المرحلة المقبلة مع التأكيد على أن نجاح الرؤية يقع على عاتق جميع أبناء الوطن؛ كلٌّ في مجال عمله واختصاصه وإمكانياته.

ثالثا: التأكيد على أن الهدف من تطوير الجهاز الإداري للدولة وإعادة تشكيل مجلس الوزراء هو تحقيق رؤية عمان 2040 وتنفيذ الخطط التنموية المناطة بها، وقد أكد جلالة السلطان المعظم عند الحديث عن هذا الجانب أنه يجري العمل على تطوير أدوات المساءلة والمحاسبة لتكون ركيزة أساسية من ركائز عُمان المستقبل التي تستهدف صون حقوق الوطن والمواطنين وترسيخ العدالة والنزاهة.

رابعا: العمل على تقليل الآثار السلبية الناتجة عن الأزمة المالية العالمية وانخفاض أسعار النفط وانتشار جائحة كورونا على مختلف القطاعات الاقتصادية والقطاعات الصحية والتعليمية.

خامسا: تحقيق الاستدامة المالية للدولة من خلال مجموعة من الخطط الوطنية التي تستهدف الوصول بالاقتصاد الوطني إلى بر الأمان مع توفير نظام للحماية الاجتماعية للمواطنين الذين قد يتأثرون بالإجراءات التي تتضمنها خطة التوازن المالي، مع التأكيد على أن هدف نظام الحماية الاجتماعية هو إيجاد «مظلة وطنية شاملة لمختلف جهود وأعمال الحماية والرعاية الاجتماعية».

إن المتأمل في مضامين الخطاب السامي بمناسبة العيد الوطني الخمسين للنهضة يجد أنه يضع أسسا لمرحلة جديدة لا تنفصل البتة عن المرحلة السابقة إلا أن التحديات المحلية المتمثلة في زيادة الإنفاق الحكومي وازدياد العجز والدَّين العام وتزامنها مع تحديات عالمية كأزمة تراجع أسعار النفط وجائحة كورونا يضاعف المسؤوليات الوطنية والأدوار المطلوب تأديتها من مختلف شرائح المجتمع مع التأكيد على المسؤوليات الجسام الملقاة على الجهاز الإداري الجديد للدولة الذي تم تشكيله وفق الاختصاصات المنوطة بكل جهة، وإذا عدنا إلى خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020 - 2024) نجد أنها تتضمن العديد من المحاور أبرزها دعم النمو الاقتصادي من خلال تحسين بيئة الأعمال وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنشيط وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي من خلال مجموعة من المبادرات التي نتطلع أن تكون في صدارة اهتمامات الجهاز الإداري الجديد للدولة وأن نجد في المستقبل القريب توجيهات واضحة إلى هذه الوحدات تحدد المطلوب من كل جهة ودورها في تحقيق أهداف خطة التوازن المالي خاصة فيما يتعلق بدورها في استقطاب الاستثمارات وتشجيع الاستثمار المحلي؛ إذ لا يمكن للخطة أن تحقق أهدافها بدون توسيع مجالات الاستثمار وبما يؤدي إلى تنويع مصادر الإيرادات الحكومية وتعزيز الموازنة العامة للدولة.

[email protected]