oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

قيادة واعية ومستقبل مشرق

17 نوفمبر 2020
17 نوفمبر 2020

يزهو العمانيون اليوم بعيدهم الوطني كما لم يزهوا بشيء من قبله، ويراكمون فيه فرحًا تاريخيًا راسخًا عبر السنين، ليس لأن نهضتهم الحديثة، على أهميتها ومكانتها، أكملت في هذا اليوم الاستثنائي، نصف قرن من الزمن، فالنهضة بمعناها الحضاري فكرًا ومعرفة كانت تتصف بالديمومة عند العمانيين، وكانت شغلهم الشاغل على مر العصور وهم يبنون حاضرهم ويعمّرونه ويرسمون خطوط مستقبلهم المشرق. ولكن زهو العمانيين اليوم مصدره أن حضارتهم التي يزيد عمرها عن عشرة آلاف سنة، ما زالت ممتدة نحو المستقبل بنفس الروح والشموخ ونفس الرسالة الخالدة في نماء المنطقة وازدهارها واستتباب أمنها وشرط «البناء لا الهدم والتقريب والإتلاف لا التفريق والاختلاف» وهو هدف حضاري أساسي كان، مع غيره، وراء بقاء عُمان كيانًا سياسيًا قويًا ومتماسكًا عبر التاريخ الطويل، لا تزعزعه المتغيرات الطارئة والآنية التي عصفت بالإقليم على مدى القرون الماضية. وبقيت عُمان أرضًا وإنسانًا متمسكة بقيمها الإنسانية الفاعلة والمؤثرة وراكمت خلال ذلك فعلًا حضاريًا أعطى المجتمع العماني قوة ومنعة وتماسكًا. وهذا المنجز الحضاري بكل تجلياته هو أعظم ما يفخر به العماني في يومه المجيد هذا، لأنه منجز ما زال البناء عليه مستمرًا باعتباره «أمانة تاريخية» يحملها قادة عُمان وشعبها عبر الزمن. وإذا كان جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - أعزه الله - وهو يتسنم عرش عمان قد أكد على هذا الإرث الذي قام عليه الكيان الحضاري لعمان في خطابه التاريخي في فبراير الماضي فلأنه قائد قرأ التاريخ جيدًا، وعرف جوهر بلاده وفلسفة حضارتها ومكامن قوتها. وهذه القراءة من شأنها أن تفتح آفاق المستقبل واسعة، لأن الأمم التي لا تقرأ مستقبلها على صفحة تاريخها أمم لا جذور لها ولا رسوخ وهي محكوم عليها في أي لحظة من لحظات حركة الرياح أن تتماهى مع الرمال التي قامت عليها وشُيدت فوقها. والأمم التي لا تؤمن بالتحديات ولا تواجهها بالتضحيات أمم لا تستطيع أن تتقدم نحو المستقبل. وعُمان كما قال جلالة القائد في الخطاب التاريخي نفسه «تأسست وترسخ وجودها الحضاري بتضحيات أبنائها وبذلهم الغالي والنفيس من أجل بقاء عزتها ومنعتها». ورغم أن عُمان في هذا العام قد عاشت فقدًا أليما برحيل مؤسس نهضتها الحديثة السلطان الخالد قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- إلا أنها لم تتوقف عن البناء، أو الالتزام بدورها التاريخي نحو نفسها ونحو الآخر فأنجز خلفه السلطان هيثم بن طارق المعظم وبإرادة صلبة البنية الأساسية التي تحتاجها المرحلة القادمة من مراحل البناء في عُمان وهي تخطو نحو عتبة عقد جديد من عقود الزمن الزاهي وتستعد لتطبيق «رؤية عمان 2040» التي يبدأ العمل بها مطلع العام القادم، وهي رؤية أنجزت عبر مشاركة شعبية واسعة ولذلك فهي تجسّد الطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً. ولمّا حظيت الرؤية بمشاركة شعبية فإن الجميع مطالب بتحمل مسؤوليته اتجاه تنفيذها، وإذا كان السلطان هيثم - أعز الله سلطانه - قد وعد العمانيين على أن يسهر من أجل ازدهار ورفعة هذا البلد العظيم، ووضع أمانة هذا البلد على عاتقه حاضرًا ومستقبلًا، فهو بدوره أمانة في ضمير كل عماني، ولنا أن نتطلع إليه بعيدًا عن كل التحديات التي تمر بها المنطقة وأن نلتف حوله من أجل المستقبل، من أجل مستقبل عمان العظيمة التي نؤمن بها إلى الأبد.