1540264
1540264
الاقتصادية

الشباب يتطلعون إلى اقتصاد أكثر ديمومة ومرونة والريادة في العلوم والتكنولوجيا

16 نوفمبر 2020
16 نوفمبر 2020

كتبت - رحمة الكلبانية -

خلال الخمسين عامًا الماضية تحقق الكثير من الآمال والطموحات للشباب العماني بفضل رؤى الحكومة، وتضافر جهود أبنائها، ويطمح الشباب للمزيد من التقدم والرفعة خلال العقود القادمة، حيث يتطلعون إلى عمان حديثة تنافس الدول المتقدمة في قطاعات العلوم والتكنولوجيا والبحث العلمي، تعتمد في اقتصادها على مصادر غير ناضبة، دون المساس بهويتها المختلفة والمستمدة من التنوع الثري الذي تزخر به. كما نادى مجموعة من الشباب في لقاءات رصدتها «عمان» إلى تعزيز مشاركتهم في صنع اقتصاد أكثر ديمومة ومرونة.

ويحظى الشباب في السلطنة باهتمام بالغ منذ بداية النهضة إلى يومنا الحاضر، وهو ما أكد عليه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- منذ توليه الحكم، حين قال في خطابه السامي في 23 فبراير: «إن الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها، وسوف نحرص على الاستماع لهم وتلمس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم ولا شك أنها ستجد العناية التي تستحق».

ولطالما كان الشاب العماني محور التنمية، وقد خصص القائد الراحل السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- عام 1993 ليكون عامًا للشباب، ودعا في خطابه السامي في العام ذاته كافة المسؤولين في القطاعين الحكومي والأهلي إلى إعطاء مزيد من العناية والرعاية إلى مختلف شرائح المجتمع وبالأخص الشباب، وقال -رحمه الله- : «بارتقاء الشباب ترتقي حياة المجتمع وتزدهر، وينمو الاقتصاد الوطني وتجد الزراعة والصناعة والتجارة طريقها إلى التطور والتقدم».

ديمومة اقتصادية

وقال المهندس أيمن بن سعيد السعيدي صاحب مصنع إطفاء لمعدات الحريق ومهتم في مجال الصناعة: إن ما يفرضه الوضع العالمي والاقتصادي اليوم يحتم علينا الإسراع في التغيير نحو اقتصاد أكثر ديمومة والاعتماد على المصادر غير النفطية، والتركيز على المقومات الأخرى التي يمكن أن تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي ودفع عجلة التنمية كالاهتمام بالعلوم الحديثة ودعم البحوث وتعزيز قطاعات الصناعة والسياحة والتكنولوجيا الذي سيشكل الجانب الأكبر من الإيرادات الحكومية في المستقبل ويضع لنا اسم السلطنة في مصاف الدول المتقدمة.

وأضاف السعيدي: يجب علينا نحن الشباب المتخصص الدخول في العمل الوطني وتطوير مفاهيم الاستثمار الحكومي الخدمي فوجود الشباب في المجالس البلدية والشورى سيعزز من نوعية المشاريع والتوجهات الحكومية بما يتناسب مع التطور العالمي في العلوم بشتى جوانبها، فتقديم الخدمات العامة على سبيل المثال أصبح متقدمًا ومتطورًا بخلاف الخدمات التقليدية المقدمة فتوحيد الجهود من خلال مشاركة الشباب المتخصصة لتطوير الأعمال الحكومية المقدمة ونوعيتها لتكون الأفضل على مستوى العالم.

إشراك الشباب

ومن جانبها، أكدت نوف بنت سعيد السعيدية -تنفيذي تواصل مؤسسي ببيت بيان للاستثمار- على أهمية إتاحة الفرصة للشباب للحديث الشفاف في المنابر الثقافية والسياسية وتبادل الآراء بكل وضوح والسماح لهم في المشاركة في اتخاذ القرارات.

وترى السعيدية أن تعزيز ثقافة العمل الحر ومسارات التطور الذاتي بالإضافة إلى دمج التدريب العملي مع التعليم من خلال تحسين أساليب التعليم في المدارس والجامعات من الممكن أن يعزز من مهارات وإمكانات الشباب بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية. وأضافت: انخراط الشباب في أنشطة متعددة منذ سن مبكرة يحقق الرغبة والشغف ويدفعهم لتحقيق المزيد.

وعند سؤالها حول القطاعات التي يمكن أن تنتقل بعمان لمرحلة اقتصادية أكثر ازدهارًا، قالت السعيدية: إن الاستثمار في قطاع تكنولوجيا الأعمال والخدمات من شأنه أن يسرع من عجلة التنمية ويفتح الباب أمام مشاريع وشراكات عابرة للقارات. كما من المهم تعزيز مفهوم القيمة المضافة في القطاعات الزراعية والصناعية وتنشيط القطاع السياحي بما يتناسب مع رغبات وتطلعات السياح.

السياحة والتنويع

وينظر أحمد بن محمد الحوسني، رائد عمل والمدير التنفيذي لشركة المصادر لخدمات الأمن والسلامة إن الاستثمار في مجال السياحة والاستغلال الأمثل للموقع الجغرافي للسلطنة والترويج لها سينعكس إيجابًا على الاقتصاد العماني مستقبلا، وذلك لما تتميز به السلطنة من تنوع طبيعي يميزها عن باقي دول المنطقة بل والعالم. كما دعا إلى تمكين الشباب وروّاد الأعمال للمشاركة بالنهوض بهذا القطاع والقطاعات الأخرى وإثرائها بأفكارهم المتجددة.

وأشاد الحوسني بالخطى المتوازنة التي تنتهجها السلطنة نحو تلبية حاجات المواطن في الأزمات الاقتصادية المتكررة من خلال تنويع مصادر الدخل وتعزيز دور القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الخارجية والذي يتضح جليًا من خلال رؤية عمان 2040. وقال: إن وجود خطة مفصلة ورؤية واضحة للمستقبل كالتي تعد بها 2040 هو أمر مطمئن وباعث للأمل للشباب.

هوية واضحة

ويرى سعيد بن علي بن جمعة المغيري، مهندس مشاريع في شركة صناعة الأنابيب بأنه من المهم أن تعبر المرحلة المقبلة من مستقبل عمان عن هوية المجتمع بصورة تتوافق مع شخصية الفرد العماني وتنسجم مع طبيعته وتكوينه لإيجاد فضاءات تنفرد بها السلطنة. وقال: التقدم دون التخلي عن خصوصيتنا أمر بالغ الأهمية، وذلك ليجد الشاب نفسه واقفًا على أرضية صلبة تمثله فيستطيع التحرك فيها بكل قناعة وانتماء.

وأضاف إنه لا بد من توظيف المهارات والمواهب بشكل عملي ومدروس عن طريق تخطيط احترافي يمكن الشباب من الريادة في جوانب فنية و عملية، ويمكن لذلك أن يتأتى من خلال فتح قنوات التواصل للشباب مع مختلف الجهات، وعن طريق الاستماع الجاد بهدف الاستفادة من تجاربهم لخلق بيئة محفزة.

التمكين الثقافي

وتنظر فاطمة بنت سعيد المعولية، كاتبة ومؤسسة صالون مقهى الأدب بإن مستقبل السلطنة والمرحلة القادمة تعتمد على الشباب وتمكينهم فكريًا وثقافيًا، حيث قالت: إن هنالك عدة جوانب ثقافية وفنية يجب إعطاؤها المزيد من التركيز والاستثمار فيها، كالمبادرات الثقافية والجلسات الأدبية والفنية، وتوفير أماكن مخصصة لهذه المبادرات يرفع من إنتاجية الشاب العماني وقدراته المعرفية، وتعزز من الأفكار التي تخدم الاقتصاد؛ فوعيُ الشباب ركيزة مهمة لرفع المستوى الاقتصادي في البلاد. كما يمكن للسلطنة مواكبة الفكر المعاصر الجديد بتوفير أماكن بتقنيات عالية للشباب العماني حتى يصقل مهاراته التقنية، وإعطائهم المساحة الإعلامية الكافية، والثقة الإدارية لتنظيم الفعاليات والورشات والمهرجانات التي تخدم القطاع السياحي للبلاد.

وقالت المعولية: إن ما وصل الشاب العماني إليه اليوم من نجاح وتقدم ما هو إلا دلالة على الدعم الذي لم تكف السلطنة على تقديمه له طوال الخمسين عامًا الماضية. فوجود بيئة داعمة وحاضنة له أتى من فكر صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- حين تحدث إلى الشعب العماني قائلا: «عقدنا العزم على إعطاء الشبيبة العمانية اهتمامًا خاصًا بهم من العناية والرعاية، ورفع معنوياتهم ومستوياتهم لكي يكونوا مؤهلين للمهام التي سيتحملونها، وقادرين على المحافظة على كرامة هذا البلد واستقلاله، على قواعدنا الإسلامية وتقاليدنا وعاداتنا العُمانية العريقة الموروثة من أجدادنا الأمجاد». وتطمح المعولية أن ترى المزيد من التمكين والتسهيلات وإعطاء الشباب ثقة أكبر لتطوير أعماله.