Screen Shot 2020-08-02 at 1.00.49 PM
Screen Shot 2020-08-02 at 1.00.49 PM
أعمدة

عرض وظيفة

16 نوفمبر 2020
16 نوفمبر 2020

حمدة بنت سعيد الشامسية

[email protected]

بدأت مسيرتي المهنية مع اللجنة العمانية-الأمريكية المشتركة، عندما ذهبت لموعد المقابلة الشخصية، تفاجأت بالمنسقة التنفيذية لممثل الولايات المتحدة تخبرني بأن الوظيفة التي تقدمت لها تم التعيين عليها، ولم يبق سوى وظيفة (مساعد إداري) بالدرجة الثالثة، وهي درجة تمنح لخريجي الدبلوم آنذاك.

كان هذا في نهاية الثمانينات، حيث إن الخريجين -خاصة الخريجين من الخارج- قلة، وتتنافس عليهم المؤسسات، أو بالأحرى كانت توضع أمامهم قائمة الوظائف ليختاروا من بينها، وكنت خريجة جديدة، شابة طموحة، أحلامي تعانق السماء، ولدي قناعة بأنني قادرة على تغيير العالم، وكانت هذه خطتي بالفعل، فأن تأتي هذه المرأة وتحطم (الايغو) المتضخم ذات، كان صعبًا للغاية، لفتاة تتغذى على التحدي.

نظرت إليها مستنكرة، أنا خريجة جامعية من الولايات المتحدة الأمريكية، كيف تجرؤني على عرض وظيفة كهذه، اخترقتني نظرتها كرصاصة وهي تنطق بعبارتها التي غيّرت مجرى حياتي: في هذه المؤسسة عزيزتي نحن لا نوظف شهادات، نحن نوظف كفاءات، شعرت بالإهانة الممزوجة بالغضب والتحدي، وقلت لها متحدية: جميل جدا، وهذا هو بالضبط ما أبحث عنه، لكن إذا أثبت لكم بأنني أكثر من مجرد شهادة، هل سأحصل على الوظيفة التي أريد، هزت رأسها دون أن تجيب، فأجبت بدوري أنني أقبل الوظيفة، مدت يدها مصافحة، ومددت يدي متحدية، والباقي جزء من التاريخ.

لم تمر ثلاثة أشهر هي فترة الاختبار إلا وأنا أشغل وظيفة أكبر من تلك التي تقدمت لها، بعد استقالة الموظف الذي كان يشغلها، وكان المكتب صغيرا جدا، يتكون من مجموعة صغيرة من الموظفين، وكنت أصغر موظفة ضمن الكادر العماني الذي يتكون من خمسة أشخاص، لم تمر السنة الثالثة إلا وأنا نائبة لمدير دائرة المالية.

اليوم وأنا أستحضر تلك الذكريات، أدرك بأن تلك المحطة كانت هي التي وضعتني في أول الدرب، لمسيرة مهنية رائعة وثرية، وربما لولا تلك المرحلة ما تشرفت بأن أكون من أوائل القياديات العمانيات، في سن مبكر جدا.

الدرس: لا ترفض وظيفة، لمجرد أنها ليست في تخصصك، أو أن الراتب لا يتفق وطموحاتك، فقد تكون تلك الوظيفة هي العتبة التي لا بد أن تعبرها لشيء أجمل وأعظم ينتظرك، الوظيفة رزق يرسله رب العباد في أشكال عدة، قد ترفضها، فتجد نفسك تجاهد على خط آخر مدى الحياة، لأنه ليس خطك، ليس مسارك، دخلته عنوة، أما حلمك فهو لا يتدلى في عنقك كحلم ثقيل، فهو مثل الثوب الذي يكون مقاسه مثاليا عليك، سوى ذلك فليس لك .... للحديث بقية