أفكار وآراء

بـايــدن والاقتـصـاد

11 نوفمبر 2020
11 نوفمبر 2020

مصباح قطب -

بعد أن حسم المرشح الديمقراطي جو بادين انتخابات الرئاسة الأمريكية، من المفيد متابعة سياساته وانعكاساتها في كل مجال، وخاصة هنا في الجانب الاقتصادي. قدمت أسواق المال الكبرى رد فعلي أولي كاشف بعد ظهور نتائج التصويت، لكنه لا يعكس كامل القصة. يعد أبرز ما تعهد به بادين بهذا الخصوص - وفق مقال شامل لـ« جوزيف ر. بايدن» (في فورين أفيرز)-، هو اتخاذ خطوات لمعالجة تضارب المصالح، وغسيل الأموال، وفساد تمويل الحملات في الانتخابات. بايدن تعهد أيضا بأن تجهز إدارته الأمريكيين للنجاح في الاقتصاد العالمي وللفوز بالمنافسة على المستقبل ضد الصين أو أي بلد آخر.

اعتبر أن الأمن الاقتصادي هو الأمن القومي، وان أكبر أصول أمريكا هم الطبقة الوسطى ولذا يلزم التأكد من أن الجميع حرفيا يمكنهم المشاركة في نجاح البلد. قال: سيتطلب ذلك استثمارات هائلة في النطاق العريض والطرق السريعة والسكك الحديدية وشبكة الطاقة والمدن الذكية وفي التعليم، مع التأكد من حصول كل أمريكي على رعاية صحية جيدة وبأسعار معقولة؛ ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولارًا في الساعة، وقيادة ثورة الاقتصاد النظيف لخلق عشرة ملايين وظيفة جديدة جيدة. أعرب بايدن عن اعتقاده انه لا يوجد سبب يجعل أمريكا تتخلف عن الصين أو أي بلد آخر عندما يتعلق الأمر بالطاقة النظيفة، أو الحوسبة الكمومية، أو الذكاء الاصطناعي، أو 5G، أو السكك الحديدية عالية السرعة، أو سباق القضاء على السرطان، «فلدينا أعظم الجامعات البحثية في العالم. لدينا تقليد قوي في سيادة القانون. والأهم من ذلك، لدينا عدد غير عادي من العمال والمبتكرين الذين لم يخذلوا بلدنا أبدًا» .حسب قوله.

أكد أنه لن يسمح بالتلاعب بقواعد الاقتصاد الدولي ضد أمريكا لأنه عندما تتنافس الشركات الأمريكية في ساحة لعب عادلة، فإنها تفوز....قال: «نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على بناء الأفضل في أمريكا وبيع الأفضل في جميع أنحاء العالم. وهذا يعني إزالة الحواجز التجارية التي تعاقب أو تصد شركاتنا ومقاومة الانزلاق العالمي الخطير نحو الحمائية المدمرة». شدد أنه لن يتفاوض على صفقات جديدة دون وجود قادة عماليين وبيئيين على الطاولة.

أكد أن الطريقة الأكثر فاعلية لمواجهة التحدي الصيني هي بناء جبهة موحدة من حلفاء وشركاء أمريكا لمواجهة السلوكيات التعسفية وانتهاكات حقوق الإنسان في الصين. ذكر أيضا انه سيعود للانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ في اليوم الأول، ثم سيعقد قمة لانبعاثات الكربون الرئيسية في العالم، يتضمن ذلك التصور الإصرار على أن توقف الصين -أكبر مصدر للكربون في العالم- ما تفعله بالبيئة مضيفا أنها تزيد ضخ التلوث إلى بلدان أخرى عن طريق تمويل مشاريع طاقة وقود أحفوري قذر بمليارات الدولارات من خلال مبادرة الحزام والطريق!!، وبشأن تقنيات المستقبل تحتاج أمريكا كما يرى إلى بذل المزيد من الجهد لضمان استخدام هذه التقنيات لتعزيز المزيد من الديمقراطية والازدهار المشترك، وليس للحد من الحرية والفرص في الداخل والخارج. كشف أن إدارة بايدن ستقوم مع الحلفاء الديمقراطيين لأمريكا بتطوير شبكات 5G آمنة يقودها القطاع الخاص.

يبقى لي أن أشير إلى أن بايدن لم يتحدث عن الضرائب في هذا التصور وإن كان من المؤكد أنه سيغير الفلسفة الضريبية لترامب على الأقل من اجل تمويل الرعاية الصحية التي تحدث عنها وفيما عدا حديثه عن الحد الأدنى للأجور فلا شيء مما قاله يزعج مجتمع الأعمال الأمريكي المحافظ، وقد راعى بايدن انه جاء إلى مقعده بفضل أصوات اليسار المؤيد للسيناتور بيرني ساندرز فوضع في برنامجه ما يحقق لهم الحد الأدنى من المطالب دون أن يخسر الأطراف الأخرى، لهذا فهناك شبه إجماع على أن بادين رجل توازني في كل الاتجاهات. ما سيؤثر على منطقتنا بشكل أوضح ويحتاج إلى خيال في التعامل معه هو موقفه في ملف الطاقة ومن الصين والتكنولوجيات الجديدة...