Mohammed
Mohammed
أعمدة

خطة التوازن المالي ومرحلة اقتصادية جديدة

10 نوفمبر 2020
10 نوفمبر 2020

محمد بن أحمد الشيزاوي -

يأتي الإعلان عن خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020-2024) في الوقت الذي تستهل فيه السلطنة مرحلة اقتصادية جديدة تم التمهيد لها بصدور العديد من التشريعات والقوانين التي صدرت في عامي 2019 و2020 بهدف استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتشجيع رؤوس الأموال المحلية على الاستثمار في البلاد وتوفير البيئة المشجعة لها للنمو، كما تأتي أيضا منسجمة مع إنشاء جهاز الاستثمار العماني وإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة.

ولعله من الأهمية الإشارة إلى أن الخطة بحسب البيان المنشور في الصحافة المحلية الأسبوع الماضي تضمنت «عدة مبادرات وبرامج تهدف في مجملها إلى إرساء قواعد الاستدامة المالية للسلطنة، وخفض الدَّين العام، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي بتوجيهه نحو الأولويات الوطنية، وزيادة الدخل الحكومي من القطاعات غير النفطية، وتعزيز الاحتياطيات المالية للدولة، وتحسين العائد على استثمار الأصول الحكومية بما يضمن تعزيز قدرتها على مواجهة أي صعوبات وتحديات مالية، وبما يضعها على مسار النمو والازدهار الاقتصادي».

وعندما نستعرض محاور تحقيق أهداف الخطة نجد أنها تركز على خمسة عناصر رئيسة هي: دعم النمو الاقتصادي، وتنشيط وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية، وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وإرساء وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، ورفع كفاءة الإدارة المالية العامة، وبالنظر إلى هذه المحاور نجد أنها تستهدف تحقيق غايات كبرى يتطلع إليها المجتمع العماني، كما تتضمن الخطة العديد من الجوانب المهمة التي يمكن استعراضها باعتبارها مدخلًا لمرحلة اقتصادية جديدة مثل مبادرة مراجعة الرسوم الحكومية التي تستهدف بناء قاعدة بيانات أولية بالخدمات الحكومية وإيجاد إطار تنظيمي موحد لتسعيرها، ومبادرة تقييم ومراجعة إجراءات سوق العمل، ومبادرة تسهيل الدخول إلى السلطنة والعديد من المبادرات الأخرى التي نتطلع إلى الإسراع في تنفيذها لتحقيق أهداف الخطة.

غير أننا نود أن نتوقف في هذا المقال عند بعض التحديات التي قد تواجه الخطة وهي تحديات إن لم نهتمّ بها في وقت مبكر فإن خطة التوازن المالي لن تحقق أهدافها، وعلى سبيل المثال فإن المحور الأول من الخطة تحدث عن «دعم النمو الاقتصادي» من خلال عدد من المبادرات إلا أنه لم يحدد فترة تنفيذ هذه المبادرات، كما أن نجاح بعض هذه المبادرات يتطلب تهيئة البيئة المناسبة لذلك وتضافر جهود مختلف وحدات الجهاز الإداري مع وجود برنامج زمني لتنفيذها وتحديد دور كل جهة في ذلك، وعلى سبيل المثال فإن مبادرة تسهيل الدخول للسلطنة لا يمكن أن تنجح إن لم يجد السياح ما يشجعهم على زيارتنا من خلال تسليط الضوء بشكل أكبر على أنواع السياحة المتوفرة بالسلطنة كسياحة المغامرات أو السياحة الثقافية أو استكشاف الطبيعة أو التسوق أو سياحة المؤتمرات أو غيرها من الأنماط السياحية الأخرى التي تحتاج إلى تفعيل أكبر لتحقيق أهدافها مع ضرورة أن تكون أسعار الفنادق ومرافقها منافِسة وفي متناول السياح.

وعندما تتحدث الخطة عن رفع الدعم عن الكهرباء علينا أن ندرس هل سيؤثر ذلك على النشاط الاقتصادي وأسعار البضائع والمنتجات والخدمات خاصة أن رفع الدعم عن الكهرباء يتزامن مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وكما هو معلوم فإن هناك العديد من العناصر التي تحدد وجهات المستثمرين إلى هذه الدولة أو تلك، ومع أن السلطنة تتمتع بالعديد من الميزات المشجعة للاستثمار كالأمن والأمان والاستقرار السياسي والموقع الجغرافي إلا أن زيادة تكلفة الخدمات المرتبطة بالإنتاج كالغاز والكهرباء والإقامة قد لا تشجع المستثمرين على الاستثمار في البلاد، فضلًا عن أن رفع الدعم سوف يفضي إلى زيادة أسعار المنتجات والخدمات وهو واحد من التحديات التي لا بد من الالتفات إليها، وأعتقد أن هناك العديد من البدائل التي يمكن التفكير فيها قبل رفع الدعم، من أهمها إعادة هيكلة شركات الكهرباء.

وهنا يحق لنا أن نتساءل: هل نحتاج إلى هذا الكمّ من شركات توزيع الكهرباء أم أن شركة واحدة برئيس تنفيذي واحد ومجلس إدارة واحد يفي بالغرض؟، خاصة أن إنشاء الشركات خلال السنوات الماضية كان بهدف تخصيصها وعدم تحميل الحكومة أي أعباء مالية بشأن مصاريفها وهو موضوع يحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة.