salem
salem
أعمدة

نوافذ : انتخابات القرن

09 نوفمبر 2020
09 نوفمبر 2020

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

لا يعلو صوتٌ فوق صوت الانتخابات الأمريكية التي جرت يوم ٣ نوفمبر ولا تزال تشغل الرأي العام ليس الأمريكي فقط، بل العالم

نظرا لما تمثله هذه الانتخابات من أمل للكثير من الناس على وجه الكوكب ومن أهمية بالغة في استعادة الولايات المتحدة دورها الريادي في العالم.

لم يصاحب أي انتخابات أمريكية منذ تاريخ استقلال الولايات المتحدة الأمريكية في ٤ يوليو عام (1776 م) حتى اليوم، ما صاحب انتخابات هذا العام من إثارة وتقارب وتوقعات وتحمس ومناصرة وتغير في النتائج لكل من مرشحَيْ الحزب الديمقراطي والجمهوري، نظرا لتقارب المرشحين بايدن وترامب في عدد الأصوات والولايات الموالية لهما من مجموع الـ ٥٠ ولاية أمريكية، وكذلك الحالة المتسارعة لتغير مواقف و ولاءات بعض الولايات من المترشحين والتي خطف بايدن عددا منها بعد أن كانت تعد معقلا ومناصرة تاريخيا للجمهوريين وهذه واحدة من أبرز النقاط في هذه الانتخابات.

حبست الانتخابات الماراثونية التي تابعها العالم بهذا الاهتمام لأول مرة الأنفاس حتى مساء السبت الماضي الذي تجاوز فيه بايدن رقم ٢٧٠ صوتا المطلوبة بإعلان نتائج بنسلفانيا واحدة من معاقل الانتخابات المهمة ذات الثقل في عدد الأصوات في المجمع الانتخابي وموطن ولادة ونشأة بايدن نفسه والتي أوفت بوعودها معه بوقوفها إلى جانبه وكذلك أصوات ولاية جوريا الجمهورية تاريخيا.

طبعا الخسارة لم تكن ولن تكون سهلة على الرئيس الأمريكي الحالي بعد أن اطمأن لفوزه السهل قبل الانتخابات، وهذه كانت مغالطة للمؤشرات والتوقعات في حملته، فلم تكن الصورة الحقيقية واضحة لديه رغم تأكيدات فوزه بولاية ثانية.

وها قد عاد الديمقراطيون مرة أخرى إلى سدة الحكم بعد خسارة هيلاري أمام ترامب في عام ٢٠١٦ م بعد نهاية عهد أوباما ذي الدورتين.

عودة بايدن تعني الكثير ليس للأمريكيين فقط، بل والعالم، فالحزبان الديمقراطي والجمهوري في الحقيقة وجهان لعملة واحدة في تنفيذ الرؤية الأمريكية الشاملة خارجيا مع اختلاف في الداخل حول الموضوعات التي تخص حياة المواطن الأمريكي لكن في الثوابت الأساسية هناك تطابق بينهما في التنفيذ.

الفرق الذي نريد أن نوضحه بين الحزبين، هو أن الجمهوريين أكثر اندفاعًا في مواقفهم السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية الخارجية مثل جورج بوش الابن الذي غزا العراق في عام ٢٠٠٣ وضلل الشعب الأمريكي بمبرر وجود أسلحة للدمار الشامل كانت حكومة صدام تمتلكها، وبحث عنها ليل نهار ليقنع العالم بها ولم يجدها، ثم اعتذر في مؤتمر صحفي عن غزوته القاتلة والمدمرة بعد أن تحول العراق إلى مليشيات وتنظيمات مسلحة تقاتل بعضها البعض، وتناول ترامب مسألة حل القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية والتي قدم فيها رؤيته لصفقة القرن، والتي لم يكن الفلسطينيون أصحابها (القضية) حاضرين كطرف وأراد تمريرها بين الإسرائيليين والعالم، ونقله السفارة الأمريكية إلى القدس واعترافه بالقدس كاملة عاصمة لإسرائيل، والذي كان خطأ استراتيجيا فادحا، هذان نموذجان من تعاطي الجمهوريين الذين يعتمدون على بعض المعلومات التي يشوبها القصور في الوضوح للتعاطي معها وبعض الميول السياسية الأيدلوجية، لكن في واقع الحال، داخليا حقق ترامب نجاحات على صعيد إنعاش الاقتصاد وتقليل الباحثين عن عمل من الأموال التي جلبها لأمريكا من الخارج. الديمقراطيون لا يختلفون كثيرا عنهم، لكنهم أكثر حنكة في إدارة القضايا السياسية ومواقفهم الخارجية، كقضية الشرق الأوسط والسلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين، فهم أكثر وضوحا كما فعل كلينتون في مفاوضات كامب ديفيد في تسعينيات القرن الماضي، وهذا ما سيعمل عليه بايدن في إطلاق مفاوضات بين الإسرائيين والعرب ودفع ملف الأزمة الخليجية.

والعودة إلى المنظمات الدولية الأممية التي خرجت الإدارة الحالية منها، وترميم العلاقة مع حلف الناتو التي أدت إلى بعض التوتر بين واشنطن وبرلين خلال الفترة الماضية، والعلاقة المتوترة مع الصين، والمضي في السلام بين الأفغان، والملفات السورية واليمنية والليبية ودعم التقارب بين تركيا واليونان في المنطقة، وإغلاق ملفات التوتر بين واشنطن وإيران وإعادة النظر في العلاقة مع لبنان وموضوع حزب الله والعقوبات على بعض الشخصيات الحزبية والتعامل مع روسيا وغيرها، والتي كلها تحتاج إلى خطوات جريئة في المرحلة المقبلة، وعلى الصعيد الداخلي التركيز على الواقعية في التعامل مع جائحة كورونا، ودعم نمو الاقتصاد ليقود إنعاش الاقتصاد في العالم والذي يتوقع أن ترتفع مؤشراته، وخدمة المواطن الأمريكي اجتماعيا والأقليات.