salim
salim
أعمدة

نوافذ: إضاءات في طريق التوازن

02 نوفمبر 2020
02 نوفمبر 2020

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

يحمل الطرح الذي قدم قبل يومين في خطة التوازن المالي ٢٠٢٠ -٢٠٢٤ م نقاطا مضيئة في اجتهادنا للعودة إلى الوضع المستقر في الجانب المالي للدولة بعد السنوات العجاف التي تراجعت فيها العوائد منذ عام ٢٠١٤ حتى ٢٠٢٠ مما راكم الدين العام وخدمة الدين إلى أرقام أجبرتنا على التراجع في تصنيف المؤسسات الثلاث الدولية المعروفة. وهي خطة طموح قصيرة المدى يراد لها أن تصل إلى الأرقام والنسب التي ذكرتها الخطة والتي أهمها تقليل العجز المالي إلى ١.٧ ٪؜ من الناتج الإجمالي في ٢٠٢٤، وإنعاش الإيرادات غير النفطية التي يراد الوصول بها إلى ٣٦٪؜ من الإجمالي العام للدولة، و التي ستمثل فيها الثلث تقريبا حتى عام ٢٠٢٤، كما هي ضمن خطة رؤية عمان ٢٠٤٠. خطة الإنعاش التي قامت على ٥ محاور، تلفت الأنظار في عدد منها وتُعد بها إضاءات جيدة للغاية، إن سارت الأمور بالشكل الطبيعي والمتوقع، والتي أولها دعم النمو الاقتصادي المتمثل في عدد من العناصر، والثاني تنشيط وتنويع الإيرادات الحكومية، والثالث ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، والرابع تعزيز منظومة الحماية، والخامس رفع كفاءة الإدارة المالية العامة. هذه المحاور بما حوت من تفاصيل متنوعة استطاعت أن توازن بين الاحتياجات الملحة وبين التركيز على تبسيط الإجراءات ودفع عجلة الاقتصاد في عدد من المسارات الرافدة لها، وأكدت على مشاركة القطاع الخاص في بناء الاقتصاد الذي لا يستقيم بدونه، وتسهيل إجراءات إنعاشه بتشجيعه، ودعم إقامة المشاريع، وتسهيل بيئة العمل فيه للمستثمرين، والتشاور معه في توحيد المصالح حتى لا تكون الإجراءات من جانب الدولة فقط، وتغيبُه عن المشهد، وهذه أبرز الخطوات إن كتب لها التطبيق ستصنع فارقا في قادم الأيام . أول المحاور دعم النمو الاقتصادي الذي سيتمثل في تحسين بيئة الأعمال كمبادرات التحول الإلكتروني، ومبادرات تنشيط السوق العقاري، ومبادرة مراجعة الرسوم الحكومية، ومبادرة تقييم و مراجعة إجراءات سوق العمل )، إلى جانب تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، كمبادرة تسهيل الدخول إلى للسلطنة وإعفاء مواطني ما يزيد على 100 دولة من شرط الحصول على تأشيرة، وهذا سيمثل قفزة مهمة للسياحة شريطة أن تكون لها ضوابط تدر بالعوائد، لا أن تكون كتجربة السفن السياحية. في المحور الثاني تعزيز عوائد الاستثمارات الحكومية كما قالت الخطة، (إنشاء جهاز الاستثمار لتحسين كفاءة إدارة الاستثمارات الحكومية ومتابعتها)، وتعزيز إدارة الضرائب والتحصيل الضريبي، تطبيق ضريبة القيمة المضافة (بناء على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول الخليج الموقعة عام 2016 وضريبة الدخل على أصحاب الدخل المرتفع المتوقع تطبيقها في عام 2022 م، وهذه العناصر ستوسع مسار تدفق الإيرادات إلى خزينة الدولة التي يراد أن تقلل فجوة الفارق في العجز. في المحور الثالث ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق كما ذكرت الخطة وتتمثل عناصرها؛ في الشراء الاستراتيجي الحكومي الموحد، ورفع كفاءة الانفاق الإنمائي، ومراجعة المصاريف التشغيلية وضبط الإنفاق (تشكل الرواتب 60 % من إجمالي المصروفات الجارية – ربط الرواتب بالأداء الفردي والمؤسسي لزيادة الكفاءة – توفير نظام التقاعد المبكر لبعض الفئات)، وإعادة توجيه دعم الخدمات العامة، حيث يصل الدعم الحكومي إلى قرابة بليون ريال عماني سنويا، حيث سيتم إعادة توجيه فئات المشتركين الحالية في قطاعي الكهرباء والمياه، وهناك بالتأكيد مراعاة الدخول الأقل . المحور الرابع تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية التي تهدف إلى تحسين عملية تحديد الأسر الأكثر عرضة للتأثر جراء الإجراءات المالية المتخذة، وهذا مهم ويمثل إنصافا لحالات المواطنين الأقل دخلا. والخامس كما ذكرت، رفع كفاءة الإدارة المالية العامة، وذلك من خلال تحديث نظام الإدارة المالية العامة، وتعزيز قدرات مكتب الدين العام، وتطبيق نظام حساب الخزينة الموحد – إنشاء السجل الوطني للأصول، وهذه ستوحد المسار في المالية العامة من خلال رفع كفاءتها وتعزيز قدرتها وفاعليتها وتوحيد جهودها. كل ما ذكر في المحاور وعناصرها التي ألقينا عليها الضوء باختصار، يؤدي إلى خفض الإنفاق الحكومي وتوحيد الشراء وتعزيز الإيرادات وإيجاد بيئة تحفيز للاقتصاد وتسهيل الإجراءات وحماية أصحاب الدخل الأقل وفتح السياحة وجعل القطاع الخاص شريكا ليقوم بدوره في الانتقال من الاقتصاد الريعي الذي تنفذه الدولة إلى الاقتصاد الواقعي وهو تفعيل دور القطاع الخاص، وهذه نقطة تحول تاريخية بعد ٥٠ سنة من نهضة عمان.