أعمدة

نحن من نعلم الناس كيف تتعامل معنا

01 نوفمبر 2020
01 نوفمبر 2020

حمده بنت سعيد الشامسية

[email protected]

"لوكان في حياتك شخص يعاملك بالطريقة التي تعامل بها نفسك، لما كنت أبقيته في حياتك" - شيري هبر

التقي في حياتي مع شخصيات مذهلة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، مثيرة للإعجاب بشكل كبير، معطاءة، وناجحة على جميع المستويات، ما إن تبدأ في الحديث عن ذاتها إلا وتذكرت المقولة التي بدأت بها هذه المقالة.

فالصورة التي تراها هذه الشخصيات عن نفسها مخالفة تماما للصورة التي يراها الاخرون، فيها كثير من القسوة، وجلد الذات و تحقيرها.

صادفت في حياتي الكثير ممن يملكون طاقات جبارة، لو استغلت لتغير ليس حياتها فقط ولكن العالم من حولها، خاصة إذ ما تجمعت هذه الطاقات معا.

لكنها للأسف طاقات عير مستغلة لأن أصحابها غير مدركين لها، وغير واعين لها، فتهدر هذه الطاقات سدى في سلسلة من الشفقة على الذات، والخوف.

تأتي بعض الأحيان بعض النساء لطلب المشورة في مشاكل تتعلق بالعمل أحيانا، وأحيانا بالحياة الشخصية، وغالبا ما تكون شكوى من سوء معاملة، أو حقوق مهضومة، لكن عندما أستمع لها وهي تتحدث، أجد أنها من مد بيده السلاح للطرف الآخر ليحاربها به، وفي كثير من الأحيان ما تفعله بنفسها فعلا أقسى مما يفعله الاخرون بها.

فهي في حالة دائمة من تأنيب وتعنيف نفسها، مع أي موقف صغير يمر بها، فهي لا تنتظر من يفعل ذلك عنها، والمشكلة أن ما تعنف عليه نفسها أعمال جميلة، وجهود جبارة لا تراها، ولا تعترف لنفسها بها، فليس من المستغرب أن لا يرى الاخرون هذه الجهود.

اذكر بأن إحدى الفتيات الرائعات جدا، لجأت لي منذ فترة تشتكي من مشاكل في العمل، كتجاهل المسئولين لها، وعدم إسناد مهمات، وسوء معاملة الموظفين لها، رغم كونها شخصية جميلة، وموهوبة كما بدت لي، نصحتها بأن تتجاهل الاخرين وما يفعلون، وما لا يفعلون بها، وتركز على ذاتها، على تقوية نفسها من الداخل، على حب نفسها واحترامها والاعتراف لها بالتميز، كانت بين فترة وأخرى تتواصل معي لتشتكي من هذا وذاك، وكانت إجابتي دائما لها: عليك بنفسك.

اختفت فجأة، فساورني قلق عليها، فتحدثت إليها، فإذا هي شخصية مختلفة تماما، أسندت لها المؤسسة مشروع في مجال تخصصها، وبدأت تتفاعل مع زملاءها، وتحضر اجتماعات مع الإدارة العليا، ووسعت نطاق معارفها وأصبحت تحضر كثير من الفعاليات بعد العمل، مستغلة فترة الزخم في الفعاليات الافتراضية، لم يتغير شيء من حولها، فهي مازالت في نفس العائلة، وفي ذات المؤسسة، ما تغير هو نظرتها لنفسها.

نحن من نعلم الناس كيف تتعامل معنا.