1530243_127
1530243_127
الاقتصادية

صندوق النقد الدولي:اتباع خطط متوسطة المدى يساهم في تخفيف المخاطر وتعزيز مصداقية ضبط المالية

28 أكتوبر 2020
28 أكتوبر 2020

على الدول إعطاء أولوية للإنفاق على بنود حماية الصحة والتعليم والفئات الضعيفة

أهمية كبيرة للإجراءات التي تركز على الإنصاف مثل زيادة تصاعدية النظم الضريبية

عمان: قال تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي حول التحديات المالية في دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أن جائحة كوفيد-19 وما تلاها من أزمة اقتصادية تطلبت اتخاذ إجراءات طارئة على صعيد المالية العامة نظرا للتراجع الحاد في الإيرادات مما أدى الى تأثيرات حادة على مركز المالية العامة في كثير من بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى التي كانت في وضع ضعيف بالفعل قبل الجائحة. وأكد الصندوق على أن خطط الميزانية متوسطة المدى والحوكمة الأفضل يساهمان في توسيع الحيز المالي المتاح في هذه الدول، كما يمتد أثرهما إلى تخفيف المخاطر على المالية العامة أيضا، مشيرا إلى أن وضع خطة متوسطة الأجل للميزانية سيكون عاملا مساعدا للبلدان في الإحاطة بالتكلفة الكاملة لسياساتها وتعزيز مصداقية الضبط المالي المستهدف. وينبغي دعم هذه الخطط من خلال قواعد المالية العامة التي تضع حدودا رقمية لإجمالي الميزانية وتضمن الاستمرارية المالية على المدى المتوسط. وأوضح الصندوق أن مثل هذه الخطط تطبق فقط في ثلث بلدان المنطقة، وسيشكل تحسين الحوكمة وكبح الفساد عاملين ضروريين في إطار سعي البلدان إلى توسيع الحيز المتاح في ماليتها العامة وتعزيز صلابتها في مواجهة الصدمات. ويمكن أن تؤدي زيادة الشفافية إلى تخفيف مخاطر المالية العامة، بينما يساعد الحد من التهرب والتحايل الضريبيين على زيادة الإيرادات الحكومية. وحدد الصندوق أهم تحديات المالية العامة التي تنتظر المنطقة، موضحا أن بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى طبقت مجموعة متنوعة من إجراءات المالية العامة لمعالجة الجائحة. وقد تطلب الأمر تحركا عاجلا نظرا لطبيعة الأزمة غير المسبوقة. فالبلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ركزت على زيادة الإنفاق الصحي وقدمت تحويلات اجتماعية موجهة للفئات المستحقة، بينما أعطت البلدان المصدرة للنفط أولوية للتخفيضات الضريبية المؤقتة، وتمديد أجل استحقاق المدفوعات، وزيادة الإنفاق على جوانب أخرى مثل دفع رواتب جزئية للحفاظ على الوظائف. وكان متوسط استجابة المالية العامة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى دون المستوى المتوسط في اقتصادات الأسواق الصاعدة، وهو ما يعكس في الأساس ضيق الحيز المالي. فمتوسط حجم حزم الإجراءات المتعلقة بالإيرادات والنفقات في بلدان المنطقة المستوردة للنفط تعادل هذا العام ضعف مثيلاتها في البلدان المصدرة للنفط (2% من إجمالي الناتج المحلي مقابل1% من إجمالي الناتج المحلي). وكانت الحاجة إلى زيادة الإنفاق أقل في بعض البلدان المصدرة للنفط التي تتمتع بنظم قوية للرعاية الصحية والاجتماعية. وفي المقابل، كانت فرصة زيادة الإنفاق ضئيلة في بلدان أخرى، أي أن الحيز المالي المتاح لها كان محدودا. غير أنه في مقابل زيادة الإنفاق كانت هناك تخفيضات تكاد تعادلها في بنود أخرى، ولا سيما الإنفاق الرأسمالي. وأضاف انه من المتوقع حدوث ارتفاع في عجوزات المالية العامة والدين العام، فسوف تتأثر بلدان المنطقة بتكلفة الإجراءات الطارئة والانخفاض الكبير المتوقع في الإيرادات، ويظهر هذا جليا في البلدان المصدرة للنفط بوجه خاص، حيث تعاني من انهيار الطلب على النفط وتراجع أسعاره. ويتوقع لإيراداتها أن تتراجع بنحو 224 مليار دولار هذا العام، وهو ما يصل إلى أكثر من 8% من إجمالي ناتجها المحلي المتوقع. ومن المتوقع أيضا أن يرتفع الدين الحكومي إلى حد كبير. فبالنسبة لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، على سبيل المثال، من المتوقع أن يرتفع متوسط مستوى الدين الحكومي من 64% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2019 إلى أكثر من 75% بحلول عام 2022، وأكثر من 80% في حوالي ثلث البلدان. ومع ارتفاع العجوزات، من المتوقع أن يزداد متوسط مستوى احتياجات التمويل في المنطقة بأكثر من 4% من إجمالي الناتج المحلي بسبب الجائحة، مما يصل باحتياجات التمويل العام الكلية المتوقعة إلى 613 مليار دولار أمريكي هذا العام، ثم تنخفض إلى 571 مليار دولار في عام 2021. وستكون الاحتياجات في منطقة "الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان" أكبر منها في القوقاز وآسيا الوسطى، وهو ما ينطبق على البلدان المستوردة للنفط مقارنة بالبلدان المصدرة للنفط. ومن المتوقع أيضا أن تكون بلدان "الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان" أكثر اعتمادا على الموارد المحلية، بينما تكون منطقة القوقاز وآسيا الوسطى أكثر اعتمادا على التمويل الخارجي. وسيؤدي ارتفاع الدين إلى تآكل الحيز المالي وزيادة المخاطر على المالية العامة، فهناك عدد كبير من بلدان المنطقة، وخاصة البلدان المستوردة للنفط في "الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان"، دخل هذه الأزمة وهو يمتلك حيزا ضيقا للغاية في ماليته العامة أو دون حيز على الإطلاق لأي إنفاق إضافي منها. وسيؤدي اقتران تأثير ارتفاع الدين والمطالب التمويلية وتحديات تنفيذ عمليات الضبط المالي إلى الحد من قدرتها على دعم التعافي. وأكد الصندوق على ان توسيع الحيز المالي سيكون عاملا حاسما في دعم التعافي، فمع استمرار التهديد الكبير الذي تشكله جائحة كوفيد-19 على الصحة العامة وعودة النشاط الاقتصادي الطبيعي، لا تزال الحاجة قائمة للدعم المالي المقدم للشركات في القطاعات الأشد تضررا وكذلك الأسر الضعيفة. فكيف تستطيع البلدان، إذن، تقديم المساعدات اللازمة على المدى القصير مع توسيع الحيز المالي على المدى المتوسط؟ سيكون إعطاء أولوية للإنفاق على بنود حماية الصحة والتعليم والفئات الضعيفة مع استعادة حجم الضرائب إلى مستويات ما قبل الأزمة عاملين أساسيين في المستقبل القريب. وعلى المدى المتوسط، فإن الإجراءات على جانبي النفقات والإيرادات التي تركز على الإنصاف والكفاءة، مثل زيادة تصاعدية النظم الضريبية، من شأنها المساعدة على توسيع الحيز المالي. وينبغي للحكومات أن تعمل أيضا على تخفيض دعم الوقود بالتدريج، واحتواء فاتورة أجور القطاع العام، وتخفيض الإنفاق على غير الأولويات.