الثقافة

النادي الثقافي يطلق «الملتقى العماني القطري في مجال أدب الطفل واليافعين»

24 أكتوبر 2020
24 أكتوبر 2020

  • التعاون مع منصة «إف دبليو» للتدريب والملتقى القطري للمؤلفين

عمان- عامر بن عبدالله الأنصاري

نفذ النادي الثقافي بالتعاون مع منصة «إف دبليو» للتدريب والملتقى القطري للمؤلفين، نفذ «الملتقى العماني القطري في مجال أدب الطفل واليافعين»، وذلك أمس السبت، عن بعد عبر الاتصال المرئي، بهدف مناقشة تجربة دول مجلس التعاون في أدب الطفل واليافعين وخاصة تجربة السلطنة ودولة قطر.

انطلق الملتقى بجلسة افتتاحية، أدارتها الدكتورة وفاء الشامسية، وتحدث فيها الكاتب والشاعر عبدالرزاق الربيعي نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي، مشيرًا إلى أهمية هذا الملتقى، حيث تتأتى من أهمية أدب الطفل الذي هو من أصعب مجالات الكتابة كونه يتطلب معرفة عميقة بعلم نفس الطفل، والتربية، والشغف بعالم الطفولة، والنظر للعالم بعين الدهشة، وقال: «الطفل مشروع مبدع وواجبنا رعاية هذا المشروع وتوفير البيئة الحاضنة من خلال تقديم الدعم والرعاية والمحفزات فالطفل هو «أب للرجل» كما يوصف، ورعايته رعاية للمستقبل».

وتحدث عن امتلاك السلطنة لتجربة في أدب الطفل تمخضت عن إصدارات، وجوائز، قائلًا: «من محاسن هذه الملتقيات أنها تعرّفنا بتجارب متحققة في أدب الطفل، في البلدين الشقيقين، وأبواب النادي مفتوحة للتعاون، وقد اعددنا خططا وبرامج ومسابقات سنعلن عنها تتحدث عن جهود النادي في دعم الكتابة للطفل».

ثم قدمت أ. مريم ياسين الحمادي المدير العام للملتقى القطري للمؤلفين نائب رئيس مجلس أمناء جائزة الدولة في أدب الطفل بقطر كلمة قالت فيها: إن الملتقى يأتي توثيقًا لرغبات مشتركة، ونحن ندعم مثل هذه المبادرات لنوصل رسالتنا في هذا المجال، ونحن نسعى لمجتمع مبدع به الطفل يكون واعيًا يفكر خارج الصندوق، متمنين تكرار مثل هذه اللقاءات.

أهداف الملتقى

وحول أهداف الملتقى قالت الدكتورة وفاء الشامسية: «يأتي هذا الملتقى كمبادرة ثقافية تمت من خلال التفاهم بين الجانبين العماني والقطري، وتركز الاهتمام فيها على أدب الطفل واليافعين، لما له من دور رئيس وعميق في تأسيس حراك ثقافي مستقبلًا يحقق الحضور الذي نتمناه لأدب الطفل واليافعين، وهدفت منصة FW منذ البدء إلى مد جسور التواصل والتبادل الثقافي مع مختلف الأقطار والثقافات المشتغلة في هذا المضمار، مما يتيح فرصة أكبر للاستفادة من خبرة الآخر، والتعرف إليه والإعداد لتعاون قادم لأجل تقديم ما يتناسب مع احتياجات طفل اليوم، ونحن نثمن مشاركة الملتقى القطري للمؤلفين، ونشكر النادي الثقافي على دعم الملتقى ورعايته وبثه عبر حسابات النادي في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي».

مضامين قصص الأطفال

كانت الجلسة الأولى بعنوان «قراءات تحليلية في مضامين قصص الأطفال»، قدمتها الكاتبة أمامة اللواتية وتحدث فيها كل من الأديبة د.حصة العوضي، والباحثة فاطمة الزعابية.

وجاء في الجلسة الأولى أن الكثير من مضامين قصص الأطفال العالمية جاءت تتحدث عن خرافات، منها السحر والشعوذة والرعب وغيرها، وترجمت تلك القصص إلى لغات عالمية منها اللغة العربية، وأصبحت تتداول منذ القدم إلى اليوم مع تحسينات في الرسومات والصور، وتلك القصص حاضرة في كافة معارض الكتاب، بمعنى أن قصص الأطفال غالبا ما تكون مكررة ومستهلكة، منها الأميرة النائمة، والأقزام السبعة، وذات الرداء الأحمر، كل تلك القصص إلى وقت قريب تملأ المكتبات.

وأشارت الدكتورة حصة العوضي إلى حدوث نقلة في مكتبة الطفل العربي، حيث مع بدايات القرن الواحد والعشرين برزت أسماء كثيرة تكتب في أدب الطفل أثرت مكتبته، مستبعدين الكثير من الخرافات والأساطير ليبدعوا حكايات جديدة تعتمد على الوعي والمنطق والهوية العربية، فانتشرت القصص الدينية والتاريخية والأخلاقية، كما أن قصص الطفل في الوقت الحاضر ملائمة للعصر الحديث ومعطياته.

كما تناولت المضمون المناسب للفئة العمرية، مؤكدة أن المضمون المناسب للأطفال ما بين التاسعة والثانية عشرة غير ملائمة للأطفال الأصغر سنا، فلا بأس بالمضامين الخيالة مع الفئة العمرية ما بعد التاسعة، إلا أن الأطفال الأصغر سنا يجب أن نتلاقى في تقديم قصص لهم ذات خيال مطلق، مثل الأبطال الخارقين خوفا من أن يجربوا الأفعال الخطرة.

فيما ذكرت الباحثة فاطمة الزعابية تعريف أدب الطفل بأنه «فن من فنون الأدب له خصائص وعناصر بنائه التي من خلالها يتعلم الطفل فن الحياة».

مشيرة إلى خصاص الطفل حيث إنه شغوف بالقصص وتتبع أحداثها لما فيها من تشويق وخيال، ويغلب عليه سمة الإحيائية لأي شيء حوله ثم ينتقل بعدها لمرحلة اصطناعية المادة، ويربط الطفل بين أحداث لا علاقة منطقية بينها وهذا يفسر شغفه بالمغامرات كما يصنف الأشياء وفق السعادة أو الألم الذي تسببه.

وقدمت الباحثة فاطمة الزعابية نماذج من كتابات كل من الدكتورة وفاء الشامسية، وعائشة الحارثية، ومريم القمشوعية في مجال أدب الطفل.

الخيال العلمي والفانتازيا

تحدث في الجلسة الثانية كل من الروائي محمد قرط الجزمي من السلطنة، والأديب الباحث صالح غريب من دولة قطر، والباحث عبدالعزيز الراشدي، وإدارة الجلسة الكاتبة لينا العالي من دولة قطر، وتناولت الجلسة الثانية محور «القصة العلمية والحكايات الشعبية وحضورها في أدب الأطفال والناشئة».

وبإدارة الكاتبة لينا العالي تنقلت بالأسئلة المتعلقة بالمحور بين ضيوفها، فقال الروائي محمد قرط الجزمي: إن الخيال حاضر ومؤثر بشكل كبير في الطفل، ويمكن من خلاله تمرير الكثير من المبادئ والقيم بطريقة غير مباشرة وبعيدة عن التلقين، وقد ضرب مثالا قديما على ذلك، وهو شخصية «بينوكيو» الدمية الخشبية التي كلما كذبت كلما طال أنفها، من تأليف الكاتب الإيطالي «كارلو كولودي»، حيث لقَّن الأطفال أضرار الكذب دون توبيخ مباشر، حاملًا رسالة إلى أن الكذب تشويه خَلْقي وخُلُقي، فلم يتأثر «بينوكيو» بملامحه فقط، بل تعلم أضرار الكذب وعواقبه، وذلك ما تأثر به الطفل.

كما عرج الجزمي إلى موضوع الخيال، مفرقا بين الخيال العلمي والفنتازيا، فيرى أن الفنتازيا غالبا ما تكون في القصص الأسطورية من التنين وغيرها، أما الخيال العلمي فهو خيال يأخذنا إلى المستقبل ويحاكي الواقع بعد زمن طويل، مؤكدا أن الخيال العلمي ليس في صناعة شخصيات خيالية فقط، مثل الكائنات الفضائية، فإذا تناول الكاتب شخصية فضائية وتقوم بأفعال يقوم بها الإنسان العادي فلا يدخل ذلك في الخيال، إنما الخيال يكون في الشخوص وفي الفكرة، كما أشار إلى أن كاتب الخيال العلمي يجب أن يتجاوز مرحلة المثقف إلى مرحلة العالِم، فعندما يتحدث عن الفضاء يجب عليه معرفة عوالم الفضاء وتأثيرها على الإنسان.

مشيرا إلى أن أدب الطفل ليس فقط للأطفال، قائلا: «السعادة أن تكون طفلًا، وأي كتاب للأطفال لا يعني أن يكون للأطفال فقط، بل يجيب على الكبار العودة إلى طفولتهم من خلال القراءة في أدب الطفل».

وحول القصص الشعبية، أشار إلى قصة قديمة من بيئة «مسندم» حيث البحر والجبال ومضيق هرمز الذي تعبر فيه السفن التجارية قديما وحديثا، إذ مرت على سفينة دوامة إعصار ونجت بأعجوبة، بعدها تناول الناس أن تلك الدوامة جنية اسمها سلامة، لديها 7 بنات، تحاول الجنية في كل مرة خطف رجل حتى تزوجه إحدى بناتها، وهذه الحكاية قديمة، واليوم هناك جزيرة صغيرة باسم «سلامة وبناتها»، مستدلا بأن الموروث الشعبي ليس فقط لنقل الأخلاقيات، بل كذلك لمعرفة تاريخ المنطقة وتفاصيلها والبيئة حينها.

وعرج محمد الجزمي إلى غزارة خيال الأطفال، متحدثا عن تجربته في رواية يعمل عليها، حيث أعطى كل واحد من أبنائه مشكلة وطلب منهم البحث عن حلول، فتفاجأ بعمق خيال الأطفال واستسقى من تلك التجربة أفكارا جديدة، مؤكدا أهمية الاستماع إلى الأطفال ومنحهم أذنا صاغية.

التراث الشعبي

ومن جهته تحدث صالح غريب، الباحث في التراث الشعبي بوزارة الثقافة والرياضة بدولة قطر، عن الحكايات الشعبية، مشيرا إلى أهمية تخليدها للأجيال القادمة، كما أشار إلى جهود مركز التراث الشعبي لدول مجلس التعاون الخليجي في تنفيذ مشروع الحكاية الشعبية بدول مجلس التعاون الخليجي، حيث قام المركز بجمع هذه الحكايات من كافة دول الخليج، والجميل في المشروع أنه في الفصل الأول نقدم الحكايات باللهجات المحلية لكل دولة، ثم تُسرد الحكاية مرة أخرى باللغة الفصيحة، كما أن المشروع- وهو كتاب يجمع الحكايات الشعبية- يحتوي على قاموس لمعاني المفردات المحلية في كل دولة خليجية، بهدف تخليد تلك المصطلحات، مشيرا إلى أن الانفتاح استبدل الكثير من الألفاظ.

وقال: «الطفل يملك خيالًا عاليًا، علينا أن نصل إلى مستوى تفكيره، ووجدنا ذلك في الحكايات الشعبية، مثال ذلك عندما كان يُقال للأطفال لا تخرج في الظهر حتى لا تأتيك (حمارة القايلة)، وهي شخصية خيالية، ولكن الطفل يخاف ويصنع في مخيلته هذه الشخصية».

متسائلا بتعجب من أعطى هذه الراوية الشعبية البسيطة هذا الخيال العالي في الوصف، وهناك حكايات شعبية كثيرة دقيقة التفاصيل ما كان له الأثر الإيجابي على الطفل، رغم تفاصيل الخيال إلا أن اللغة بسيطة يفهمها الأطفال وتؤثر عليهم.

ومن هنا جاءت فكرة مشروع الحكاية الشعبية، وهي مسألة دقيقة تشمل كافة محافظات ومناطق دول المجلس ومن أبناء تلك المحافظات والقرى.

ومما قاله في مشاركته بالملتقى: «كان هدفنا من مشروع الحكايات الشعبية كذلك أن يستقي كُاتب الدراما وكتاب السينما من الحكايات الشعبية، ولكن للأسف لم نحقق هذا الهدف».

كما قال: «الكثير من رواة الحكايات الشعبية يخجلون التحدث عنها، فللأسف هناك طبقة كبيرة تستهزئ من الحكايات الشعبية وتأخذ الجانب الساذج منها متناسية قيمها النبيلة، وأتمنى أن يكون عندما وعي ثقافي، فتلك الحكايات في صميمها تتضمن رسائل هادفة، وهناك جهات منها وزارات التربية عليها الاهتمام بهذا الموروث الشعبي الجميل».

وتابع: «ما يثلج الصدر أن معارض الكتب مليئة بأدب الطفل، أصبح الكاتب الخليجي المتمكن يعتمد على الأساسيات حين كتابته للرواية والقصة المخصصة للطفل».

زيادة المدارك اللغوية

فيما تحدث الباحث عبدالعزيز الراشدي عن أثر الموروث الشعبي، قائلا: «الطفل عندما يسمع الحكايات الشعبية، يقوم بالسؤال عن معاني بعض الكلمات والمصطلحات، وذلك بدوره يوعي الطفل بموروثه، وهذه من الفوائد التراث الشعبي حيث توثق علاقة طفل اليوم بماضيه وتزيد من مداركه اللغوية».

وتابع الراشدي حديثه: «الأدب الشعبي الموجه للأطفال مليء بالدروس والعبير وتجليات الفروق بين الإيجابيات والسلبيات، ما تصنع في نفس الطفل الاستقرار، لأنه يتعلم من الشخصيات الخيرة، وكيف تنتصر على الشر، كما أنها تتضمن الكثير من المبادئ التي تُلقن الأطفال المبادئ بطرق غير مباشرة، ما تُكُّون عنده قناعة باتباع تلك المبادئ، وتأثير ذلك عليه، ويقيس الخير مقابل الشر، والصدق مقابل الكذب، والنجاح مقابل الفشل، كما أن الحكايات الشعبية تفتح مدارك الطفل إلى مجالات فنون كثيرة، مثل الرسم، والتأليف، وغيرها، وينبغي التأكيد أن الراوي يجب أن يستمتع بأسلوب السردي، ويحبذ أن تترجم إلى أعمال فيلمية حتى يتلقاها الطفل بأكثر من طريقة».