أفكار وآراء

دور المحافظين والإدارة المحلية

13 أكتوبر 2020
13 أكتوبر 2020

عوض بن سعيد باقوير - صحفي ومحلل سياسي -

من أهم سمات دور الإدارة المحلية للمحافظات هو البعد عن المركزية ووجود خطط محلية في مجال التنمية المستدامة ووجود ميزانيات لبرامج المشاريع واستغلال الميزة النسبية لكل محافظة في القطاعات المختلفة على سبيل المثال قطاع السياحة والثروة السمكية وفي المجال الزراعي وفي مجال ريادة الأعمال، بمعنى ان نظام المحافظات الجديد هو خلق ديمومة في مجال التنمية وخلق محافظات ومدنا تعج بالنشاط الاقتصادي وتكون رافدا قويا للاقتصاد الوطني.

من المراسيم المهمة التي صدرت في إطار إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدوله هو نظام المحافظات ووجود مجلس للمحافظين ووجود صلاحيات واستقلال مالي وإداري للمحافظات في السلطنة، وهذا يشكل نقلة نوعية في مجال الإدارة المحلية من خلال وضع رؤية خاصة لكل محافظة واستغلال الميزات التي تميز كل محافظة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وفي مجال التنمية المستدامة. وسوف تظهر ملامح تلك الرؤى للإدارة المحلية للمحافظات قريبا خاصة بعد الاجتماع الأول لمجلس المحافظين الذي يرأسه معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية وضم أصحاب المعالي محافظي مسقط وظفار ومسندم، كما كان هناك الاجتماع مع المحافظين بهدف الاطلاع على أهمية العمل والإنجاز في المرحلة القادمة على ضوء الاختصاصات التي حددها المرسوم السلطاني الخاص بالمحافظات.

نحو اللامركزية

من أهم سمات دور الإدارة المحلية للمحافظات هو البعد عن المركزية ووجود خطط محلية في مجال التنمية المستدامة ووجود ميزانيات لبرامج المشاريع واستغلال الميزة النسبية لكل محافظة في القطاعات المختلفة على سبيل المثال قطاع السياحة والثروة السمكية وفي المجال الزراعي وفي مجال ريادة الأعمال، بمعنى ان نظام المحافظات الجديد هو خلق ديمومة في مجال التنمية وخلق محافظات ومدنا تعج بالنشاط الاقتصادي وتكون رافدا قويا للاقتصاد الوطني.

إن المحافظات سوف يكون لها دور كبير وهنا يأتي الدور المحوري للمحافظ وحتى الولاة من خلال وضع خطط واضحه ومؤشرات بحيث تنطلق تلك المحافظات ومدنها وقراها لتشكل منظومة مجتمعية متطورة حتى نشهد مدنا متطورة وان يكون القرار سريعا، ويخدم الهدف من قانون المحافظات الذي يركز على خلق مجتمعات نشطة في كل القطاعات بعيدا عن المركزية.

ومن هنا فإن مجلس المحافظين يضطلع بدور كبير في هذه المرحلة خاصة في المجال الاقتصادي وفي مجال التخطيط في ظل وجود ميزات نسبية لكل محافظة من خلال تعظيم مواردها الطبيعية والبشرية.

إن عواصم الدول المركزية تكون دوما مكان استقطاب كل الكوادر الوطنية وهذا ما حدث في السلطنة خلال نصف قرن حيث كانت العاصمة مسقط مكان جذب للأعمال والسكن وهذا شيء طبيعي للعواصم، ومع الامتداد الجغرافي الشاسع للسلطنة فإنه من الضرورة خلق عواصم محلية إن جازت التسمية خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية وفي مجال الخدمات والأعمال والمشاريع ذات العائد للاقتصاد، وخلال سنوات نرى تلك العواصم في المحافظات بشكل مختلف عن النمطية الحالية واعتمادها على العاصمة مسقط في مجال مركزية القرار.

إن البعد عن المركزية هو خطوة حاسمة في إطار النهضة المتجددة التي يقودها بحكمة واقتدار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه-، كما أن قانون المحافظات ودور مجلس المحافظين هو انعكاس طبيعي للنقلة النوعية في مجال خلق التنمية المستدامة وخلق ادارة محلية وحركة اقتصادية تجذب الكوادر الوطنية لكل محافظات السلطنة من خلال وضع الرؤى والخطط والبرامج، بحيث نرى عواصم محلية تعج بالنشاط والجذب المجتمعي وهذا سوف يشكل ميزات مهمة منها تقليل الاندفاع نحو العاصمة مسقط والتي أصبحت ذات ثقل سكاني كبير، وأيضا الضغط على الخدمات، ومن هنا فإن وجود الخدمات الصحية المتكاملة في المحافظات سوق يقلل التكلفة وحتى الحركة على الطرقات، كما أن وجود الميزة النسبية في مجال مشاريع عقارية في مدن المحافظات سوف يجعل من الاستقرار في تلك المحافظات أمرا مشجعا وتكون هناك انسيابية في توزيع السكان، فهناك على سبيل المثال محافظة الوسطى والتي يمكن أن تشكل منطقة جذب كبيرة وخاصة في المنطقة الاقتصادية في الدقم وحتى الولايات الأخرى في المحافظة من خلال وجود المشاريع الكبرى التي سوف تجذب آلاف الشباب من كل محافظات السلطنة، وهذا هو القصد في وجود ذلك الاستقطاب للمحافظات وهذا هو الهدف الأهم من تطوير المحافظات في ظل قانون المحافظات والإدارة المحلية بحيث خلال سنوات قليلة نرى الدور التنموي الجديد والمتطور لمحافظات السلطنة والتي تحوي الكثير من المقدرات الطبيعية والبشرية.

الدور الإعلامي

إن أي منجز في الوطن او حتى في أي مكان في العالم يلعب الإعلام التقليدي والإعلام الإلكتروني دورا محوريا ومن هنا فإن الاقتراح هنا هو وجود وحدات إعلامية متميزة في كل محافظة تتبع للمحافظ، بحيث يكون هناك تسليط الضوء بشكل مستمر للخطط وأن يكون المجتمع المحلي متفاعلا مع انسياب المعلومات والشفافية في الطرح، وأن تكون تلك الوحدات الاعلامية ذات تنسيق مع الإعلام الوطني بحيث تكون هناك مؤتمرات صحفية بين فترة وأخرى وان نرى النشاط الميداني حاضرا للمحافظين وهذا امر مهم ومتوقع على ضوء الرؤية المستقبلية عمان 2040 والتي سوف تنطلق أولى سنواتها العام القادم 2021 ، ومن هنا فإن الإعلام الوطني عليه دور كبير في المتابعة الميدانية وإيجاد كوادر وطنية من الشباب للاضطلاع بمسؤولية المرحلة المتجددة. فالمحافظات في المرحلة القادمة تحتاج رؤية إعلامية جديدة على ضوء ما سوف تشهده المحافظات من حراك تنموي وخطط حددها قانون المحافظات، وفي هذا الإطار فإن تدفق المعلومات من الوحدات الإعلامية ووجود حسابات نشطة على شبكات التواصل هو شيء مهم وهي الطريقة الأسرع لتدفق المعلومات وان يكون هناك رصد مجتمعي للتفاعل المواطنين في كل محافظة، ومن هنا نخلق التفاعل المجتمعي الإيجابي خاصة ونحن في عصر المعلومات وفي مرحله تحتاج إلى شفافية في طرح تلك المعلومات.

إن تطوير الوحدات الإعلامية في كل محافظة هو امر مهم في ظل النقلة المنتظرة للمحافظات وإبراز الخطط الجديدة ودور المحافظات المرتقب وتفاعل بين المواطنين والإدارة المحلية لكل محافظة على الأصعدة: الاقتصادي والاجتماعي والبلدي وكل ما يخص الخدمات في المحافظات، كما أن وجود القرار المحلي سوف يسهل على المواطنين إنجاز معاملاتهم في خدمات الإسكان وغيرها بعيدا عن المركزية. إن انجاز الخدمات أصبح سهلا في كثير من القطاعات ومن خلال التطبيقات الإلكترونية ولعل نموذج شرطة عمان السلطانية هو أحد النماذج الممتازة في سرعة انجاز المعاملات، ومن هنا فإن سرعة الإنجاز في المحافظات سوف يكون له انعكاس إيجابي على المواطن واستقراره في محافظته وولايته بعيدا عن الروتين والبيروقراطية.

العواصم الجديدة

إن وجود عواصم متخصصة شيء مهم وحيوي في مجال الرؤية العامه للسلطنة، فالسلطنة حققت طفرة كبيرة في مجال التنمية الشاملة خلال نصف قرن وأصبحت الدولة العصرية التي تحدث عنها في خطابه الأول السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - حقيقة واقعة ومن خلال النهضة المتجددة فإن المطلوب هو إيجاد آليات جديده للتطوير وهذا ما هدفت اليه المراسيم السلطانية خاصة في مجال إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، ومن هنا فإن خلق عواصم جديدة في المحافظات تعج بالانشطة المختلفة هو أمر حيوي يتم من خلاله خلق فرص العمل للباحثين عن عمل،ووقف الزحف على العاصمة مسقط، وأيضا إيجاد عواصم في المجال السياحي وفي مجال اللوجستيات وفي المجال السمكي وهذا هو المقصود بالعواصم الجديدة في إطار القطاعات الإنتاجية المختلفة، وهذا سوف يترتب عليه وجود إدارات محلية نشطة تتخلص من العمل التقليدي وان يكون للتقنية دور حاسم في إنجاز المعاملات. وفي إطار تطوير المحافظات وخلق ذلك الزخم التنموي فإن ثمة تطورات محتملة بين المحافظات وهو تنشيط المطارات الداخلية واستكمال الطرق الحيوية كما يجري الآن في الطريق الاستراتيجي أدم - ثمريت الذي يربط بين عدد من المحافظات، كما أن تنشيط التجارة بين مرافئ السلطنة البحرية سوف يكون له انعكاسات إيجابية في مجال التجارة وتبادل السلع الداخلية ووجود جمعيات لرجال الأعمال في كل محافظة سوف ينشط مجال ريادة الأعمال والتي تعد من الخيارات الاستراتيجية لتنشيط المحافظات وخلق جذب لآلاف الشباب في كل محافظة واستغلال المميزات النسبية لكل محافظة كما تمت الإشارة، وعلى ضوء ذلك فإن مستقبلا واعدا ينتظر المحافظات وازدهارها في كل القطاعات، وأن تصبح مراكز جذب خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية وتحريك أدواتها الأساسية كالمطارات والمرافئ البحرية وتعظيم قيمها المضافة، ومن هنا فإن قانون المحافظات والدور المهم لمجلس المحافظين سوف يشكل تلك النقلة النوعية للقادم من السنوات في إطار الرؤية الشاملة لعمان 2040.

إن الموقع الاستراتيجي لكل محافظة هو أمر مهم تنطلق من خلاله رؤية كل محافظة للتطوير والانطلاق بحيث نرى المحافظات وقد أصبحت تتنافس في كل المجالات وتحقق طفرة تنموية تخدم الوطن والمواطن، لتخطو السلطنة خطوات كبيرة نحو تحقيق المزيد من التنمية المستدامة وتحقيق مؤشرات الرؤية الشاملة للسلطنة في ظل النهضة المتجددة التي تهدف إلى جعل السلطنة ذات مكانة مرموقة في المحيط الإقليمي والدولي في ظل معطيات السياسة الخارجية الحكيمة وفي ظل الاستقرار السياسي والأمني الذي تعيشه بلادنا منذ نصف قرن وهو يتواصل في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه -.