Untitled-1
Untitled-1
العرب والعالم

الاتحاد الأوروبي يحذر من تطور النزاع.. وبوتين يعتبرها «مأساة يجب أن تتوقف»

07 أكتوبر 2020
07 أكتوبر 2020

نزوح نصف سكان «ناجورني كاراباخ» جرّاء المعارك مع أذربيجان -

عواصم - وكالات: نزح نصف سكان إقليم ناجورني كاراباخ بسبب المعارك بين الإقليم الانفصالي الذي يشكل الأرمن غالبية سكانه وأذربيجان، فيما دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى وقف «المأساة» الجارية التي لا يوجد أي مؤشر إلى تراجع حدتها.

واندلع القتال في أحد أكثر النزاعات المجمدة والقابلة للانفجار منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، في 27 سبتمبر ولم يظهر الطرفان أي رغبة في التوصل إلى تسوية.

واكتسب الصراع بعدا دوليا أثار قلق الغرب مع دعم تركيا لأذربيجان، فيما تأمل وأرمينيا أن تنال تأييد روسيا التي بقت حتى الآن على الهامش. وفي مقابلة مع التلفزيون الحكومي «روسيا» بثها الكرملين، قال بوتين «إنها مأساة هائلة. هناك ناس يموتون. نأمل أن يتوقف هذا النزاع في أسرع وقت ممكن».

وتابع بوتين «إن كان من غير الممكن وقف هذا النزاع بشكل نهائي، لأننا بعيدون عن ذلك، فإننا ندعو على الأقل، وأشدد على ذلك، إلى وقف لإطلاق النار»، مؤكدا أنه «ينبغي تحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن».

وحوّل القصف الذي نفّذته القوات الأذربيجانية ستيباناكرت، المدينة الرئيسية في كاراباخ، إلى مدينة أشباح مليئة بالذخيرة غير المتفجّرة والحفر الناجمة عن القذائف.

وقال أرتاك بلغاريان المسؤول المكلف ملف حقوق المدنيين في أوقات الحرب في قره باغ لوكالة فرانس برس «بحسب تقديراتنا الأولية، نزح نحو 50% من سكان كاراباخ و90% من النساء والأطفال أي ما يعادل نحو 70إلى 75 ألف شخص». وأكد أن السكان الذين نزحوا جراء القتال توجهوا إلى مواقع أخرى في المنطقة ذاتها أو إلى أرمينيا وغيرها.

ودوّت صفارات الإنذار للتحذير من غارات جوية طوال الليل الذي شهد عدة انفجارات في مدينة تغرق في ظلام دامس.

قال مراسل وكالة فرانس برس إن ضربات جديدة استهدفت المدينة صباح أمس الاربعاء، فيما يشير الضوضاء المرافق للضربات إلى أن المصدر كان طائرة مسيّرة.

واتّهمت أذربيجان القوات الأرمينية بقصف أهداف مدنية في المناطق المأهولة، بما في ذلك ثاني كبرى مدن البلاد كنجه، التي تعد أكثر من 330 ألف نسمة. قالت المتحدثة باسم الادعاء جوناي سالم زاده إن 427 مسكنا يقطنها نحو 1200 شخص دمرت منذ بدء الصراع الحالي.

وندّدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في نهاية الأسبوع «بالقصف العشوائي وغيره من هجمات غير القانونية مزعومة»، قائلة إن «العشرات» من المدنيين لقوا حتفهم بالفعل.

«دعم تركيا الكامل»

تخوض باكو ويريفان نزاعا منذ عقود للسيطرة على المنطقة التي يهيمن عليها الأرمن وانفصلت عن باكو خلال حرب اندلعت في أوائل تسعينات القرن الماضي وأودت بنحو 30 ألف شخص.

وأعلن إقليم قره باغ الذي يسكنه نحو 140 ألف نسمة غالبيتهم العظمة من الأرمن استقلاله، لكن لم تعترف أي جهة بعد، ولا حتى أرمينيا، باستقلال الإقليم.

والمحادثات الهادفة إلى تسوية النزاع، والتي بدأت مع تفكك الاتحاد السوفييتي في 1991، متعثرة بشكل كبير منذ اتفاقية لوقف إطلاق النار عام 1994. واندلعت عدة مواجهات لين الطرفين خلال العقود الماضية، أكبرها في ابريل 2016 وأدت إلى مقتل 110 أشخاص.

لكن المحللين يقولون إن العنصر الذي غيّر قواعد اللعبة هذه المرة هو دعم تركيا، التي قيل إنها أرسلت مقاتلين سوريين موالين لأنقرة لدعم أذربيجان وكذلك طائرات مسيّرة محلية الصنع تم نشرها بالفعل بنجاح في ليبيا وسوريا.

واعتبر رئيس الوزراء الأرميني الثلاثاء في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن تجدد المعارك في اقليم ناجورني كاراباخ سببه الدعم التركي «الكامل» لأذربيجان، متهما انقرة بإرسال مقاتلين أجانب، ما يعني أن الحرب باتت في رأيه «عملية لمكافحة الارهاب» تقوم بها القوات الأرمينية.

من جهته، دعا وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو العالم لدعم ارذربيجان «الطرف الذي على حق»، واصفا أرمينيا «بالمحتل».

«واثق» في روسيا »

حتى الآن، نأت روسيا وريثة الاتحاد السوفييتي السابق، بنفسها عن النزاع مع تصاعد أزمات أخرى، مثل الاحتجاجات في بيلاروس المجاورة، وتسميم المعارض أليكسي نافالني والاضطرابات الآن في قرغيزستان.

وتقيم روسيا علاقات جيدة مع طرفي النزاع اللذين تمدهما بالسلاح، لكنها أقرب إلى أرمينيا العضو في حلف عسكري تهيمن عليه موسكو. ووجه رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان تحذيرا مبطنا في مقابلة مع فرانس برس إلى أذربيجان من توسيع النزاع، مذكرا بتحالفه العسكري مع الشقيق الأكبر الروسي. وقال «إنني واثق من أن روسيا ستفي بالتزاماتها إذا تطلب الوضع ذلك».

وخلال المقابلة المتلّفزة، أعلن بوتين أن روسيا «ستحترم التزاماها في إطار منظمة المعاهدة الأمنية الجماعية»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المواجهات «لا تجري على أراضي أرمينيا» بل على أراضي ناجورني كاراباخ، الإقليم الانفصالي الأذربيجاني المدعوم من يريفان.

لكن في حال امتد النزاع إلى الأراضي الأرمنية، فإن ذلك قد يحمل روسيا على التدخل لا سيما وأن لديها قاعدة في أرمينيا.

ومعظم الوفيات المؤكدة هي في الجانب الأرميني الذي أفاد عن سقوط 240 قتيلا، من المقاتلين الانفصاليين. ولا تعلن أذربيجان عن أي خسائر في صفوف قواتها.

الاتحاد الأوروبي يحذر من تطور النزاع

من جانبه، حذر مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من تطور النزاع بين أذربيجان وأرمينيا حول منطقة ناجورني كاراباخ إلى صراع إقليمي. كما حذر من أن الجهات الإقليمية الفاعلة يمكن أن تنجر إلى الصراع من خلال الكمية المتزايدة من المعلومات المضللة. وشدد بوريل أمام البرلمان الأوروبي أمس الأربعاء في بروكسل على أن «الحل الوحيد هو العودة إلى طاولة المفاوضات».

ولفت إلى أن «طاولة المفاوضات متاحة منذ 30 عاما دون إحراز أي نوع من التقدم». وخاضت أذربيجان وأرمينيا حربا بشأن منطقة ناجورنو كاراباخ المتنازع عليها في أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي مع تحولهما لدولتين مستقلتين وسط تفكك الاتحاد السوفييتي. وأكد بوريل على أن «الحرب ليست بديلا».

ألمانيا تدعو اذربيجان إلى قبول عقد هدنة

دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، اذربيجان إلى قبول عقد هدنة في منطقة ناجورني كاراباخ في جنوب القوقاز.

وخلال استجواب الحكومة في البرلمان الألماني، قال السياسي المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الأربعاء إنه في الوقت الذي أبدت فيه ارمينيا استعدادها المبدئي للقبول بهدنة، فإنه لم يرد حتى الآن وعد بهذا الخصوص من الجانب الاذربيجاني.

وأضاف ماس أنه في حال لم تخفض اذربيجان من حدة لهجتها في هذه القضية، فإنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يصعد من ضغوطه على باكو. كان والصراع الناشب بين الدولتين الجارتين منذ عقود، تأجج على نحو كبير منذ أسبوع ونصف الأسبوع.

إيران تحذر من «حرب إقليمية»

أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس الأربعاء أن بلاده لن تتساهل مع تواجد «مقاتلين» على حدودها في إطار النزاع بين جارتيها أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناجورني كاراباخ، محذّرا من تحوله إلى «حرب إقليمية».

وتأتي تصريحات روحاني بعد اتهامات من دول عدة لتركيا، الداعمة لأذربيجان، بنقل عناصر من مجموعات موالية لها في شمال سوريا للقتال إلى جانب قوات باكو في الإقليم الانفصالي ذي الغالبية الأرمنية.

وقال الرئيس في كلمة متلفزة خلال اجتماع للحكومة الإيرانية «من غير المقبول بالنسبة لنا أن يرغب البعض بنقل مقاتلين من سوريا وأماكن أخرى إلى مناطق قريبة من حدودنا تحت ذرائع مختلفة. كنا واضحين في إبلاغ جارتينا أذربيجان وأرمينيا بذلك».

وتابع «لا يجب أن تتحول هذه الحرب إلى حرب إقليمية. الذين يقومون، من جهة أو أخرى، بصبّ الزيت على النار، لا يخدمون أحدا. يجب على الجميع القبول بالحقائق، القبول بحقوق الأمم، واحترام وحدة أراضي الدول».

وشددت إيران منذ اندلاع الجولة الأحدث في النزاع الذي تعود جذوره إلى عقود مضت، على ضرورة ضبط النفس، مبدية استعدادها للمساعدة في بدء محادثات.

لكنها حذرت البلدين من تكرار سقوط قذائف على مناطق حدودية في شمال غرب إيران، وحمّلتهما مسؤولية «أي اعتداء» على أراضيها.

ومنذ بدء جولة المواجهات الحالية، أعلنت مصادر رسمية في طهران عن اتصالات بين مسؤولين في إيران من جهة وكل من روسيا وأرمينيا وأذربيجان من جهة أخرى، لكن لم يتم الإعلان عن تواصل بين طهران وأنقرة بشأن ناجورني كاراباخ.