الاقتصادية

النقد الدولي يدعو لزيادة الاستثمار العام لانتشال الاقتصاد العالمي من الانهيار

06 أكتوبر 2020
06 أكتوبر 2020

  •  زيادة الاستثمار العام بنسبة 1% من إجمالي الناتج العالمي يمكن أن ترفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.7%، والاستثمار الخاص بنسبة 10%، والتوظيف بنسبة 1.2%

أشار العدد الجديد من تقرير الراصد المالي من صندوق النقد الدولي إلى أن زيادة الاستثمار العام في الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة يمكن أن تساعد على انتشال النشاط الاقتصادي من الانهيار الاقتصادي العالمي الأكثر حدة وعمقا في التاريخ المعاصر. ويمكن أن تؤدي زيادة هذا الاستثمار أيضا إلى خلق ملايين الوظائف بشكل مباشر على المدى القصير وملايين أخرى بشكل غير مباشر على مدار فترة أطول. فزيادة الاستثمار العام بنسبة 1% من إجمالي الناتج العالمي يمكن أن تعزز الثقة في التعافي وترفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.7%، والاستثمار الخاص بنسبة 10%، والتوظيف بنسبة 1.2% إذا كانت الاستثمارات عالية الجودة وإذا لم تتسبب أعباء الديون العامة والخاصة الحالية في إضعاف استجابة القطاع الخاص للدفعة التنشيطية.

وقال خبراء الصندوق: إنه حتى قبل الجائحة، كان الاستثمار العالمي ضعيفا طوال عشر سنوات، رغم الطرق والجسور المتهالكة في بعض الاقتصادات المتقدمة والاحتياجات الهائلة للبنية الأساسية في مجالات النقل والمياه النظيفة والمرافق الصحية وغيرها في معظم الاقتصادات الصاعدة والنامية. والاستثمار يشكل حاجة ملحة حاليا في القطاعات التي تقوم بدور حيوي في السيطرة على الوباء، مثل الرعاية الصحية، والمدارس، والمباني الآمنة، والمواصلات الآمنة، والبنية الأساسية الرقمية.

وأضاف : إن أسعار الفائدة المنخفضة عالميا تعد مؤشرا على أن وقت الاستثمار قد حان. فالمدخرات وفيرة، والقطاع الخاص في حالة انتظار، وكثير من الناس عاطلون عن العمل وقادرون على شغل الوظائف التي يخلقها الاستثمار العام. ويلاحَظ أن الاستثمار الخاص مكبوح من جراء عدم اليقين الحاد الذي يحيط بمستقبل الجائحة وآفاق الاقتصاد. ومن ثم، فالوقت مناسب في كثير من البلدان للقيام باستثمارات عامة عالية الجودة في المشروعات ذات الأولوية، وهو ما يمكن تحقيقه عن طريق الاقتراض بتكلفة منخفضة. ويمكن أن يساهم الاستثمار العام بدور محوري في التعافي، مع إمكانية توليد ما يتراوح بين وظيفتين إلى 8 وظائف بشكل مباشر مقابل كل مليون دولار من الإنفاق على البنية الأساسية التقليدية، وما يتراوح بين 5 وظائف و14 وظيفة مقابل كل مليون دولار من الإنفاق على البحوث والتطوير، والكهرباء الخضراء، والمباني ذات الكفاءة.

ويرى الصندوق بأنه ينبغي للبلدان لضمان خلق الوظائف الآن من خلال الاستثمار أن تكثِّف العمل في صيانة البنية الأساسية، حيثما كان ذلك آمنا. وبأنه قد حان الوقت أيضا للبدء في مراجعة واستئناف المشروعات الواعدة التي تأخرت بسبب الأزمة، وتعجيل المشروعات قيد الإعداد حتى تؤتي ثمارها في غضون العامين القادمين، والتخطيط لمشروعات جديدة تتوافق مع أولويات ما بعد الأزمة.

التوازن الصحيح

وقال الخبراء : إن بعض البلدان سيتعذر عليها الاقتراض من أجل الاستثمار نظرا لصعوبة أوضاع التمويل. ومع ذلك، فإن الزيادة التدريجية للاستثمار العام الممول بالاقتراض يمكن أن تؤتي ثمارها، إذا لم ترتفع مخاطر تجديد الدين (المخاطر المرتبطة بإعادة تمويل الدين) وأسعار الفائدة بدرجة مفرطة وما دامت الحكومات تختار المشروعات الاستثمارية بحكمة. وقد تحتاج البلدان أيضا إلى إعادة توزيع الإنفاق أو تدبير إيرادات إضافية للإنفاق على الاستثمارات ذات الأولوية.

وستحتاج البلدان الأفقر – وخاصة في سياق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 – إلى الحصول على دعم من المجتمع الدولي في صورة منح. ويعد الاستثمار في التكيف مع تغير المناخ أمرا حيويا، وخاصة في البلدان المعرضة للفيضانات وموجات الجفاف. وقد كانت المعونة الرسمية متاحة، ولكن تقديرات خبراء صندوق النقد الدولي تشير إلى أن المبلغ المخصص لها في 2018 وقدره 10 مليارات دولار لا يكفي لتغطية الاستثمارات البالغة 25 مليار دولار المطلوب إنجازها سنويا في الاقتصادات منخفضة الدخل.

تحفيز الاستثمار الخاص

وقال التقرير: إن هذه الفترة تتسم بارتفاع عدم اليقين، ويستطيع الاستثمار العام دعم ثقة مستثمري القطاع الخاص في التعافي ويحفزهم على الاستثمار أيضا، فيما يرجع جزئيا إلى كونه إشارة لالتزام الحكومة بالنمو المستدام. كذلك يمكن لمشروعات الاستثمار العام أن تحفز الاستثمار الخاص بصورة أكثر مباشرة. فعلى سبيل المثال، الاستثمارات في الاتصالات الرقمية، أو توصيل الكهرباء، أو البنية الأساسية للنقل، تسمح بظهور مشروعات أعمال جديدة. وبالمثل، تشير نتائج بحثنا إلى أن الاستثمارات في الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية مرتبطة بزيادات كبيرة في الاستثمار الخاص في حدود أفق زمني يبلغ عاما واحدا. وأضاف: أن الاستثمار العام عنصر قوي في حزمة الإجراءات التنشيطية للحد من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الجائحة. وبينما تواصل البلدان إنقاذ الأرواح والأرزاق، يمكنها وضع الأساس لاقتصاد أكثر صلابة عن طريق الاستثمار في أنشطة غنية بالوظائف، وعالية الإنتاجية، وأكثر مراعاة للبيئة.