أعمدة

انقضاء خطاب الضمان

29 سبتمبر 2020
29 سبتمبر 2020

د. عبد القادر ورسمه غالب

[email protected]

انقضاء خطاب الضمان يتم بالوفاء أو بغير وفاء. وحالة انقضاء خطاب الضمان بالوفاء من البنك، يلجأ إليها المستفيد عند عدم تنفيذ مقدم خطاب الضمان "الآمر" لالتزاماته التعاقدية المنصوص عليها في الاتفاق الأساسي. وليتمكن المستفيد من تنفيذ خطاب الضمان، لابد من تقديم المطالبة خلال مدة سريان خطاب الضمان ووفق الإجراءات والشكليات المقررة في الخطاب. وإذا تم هذا، يجب على البنك الضامن تنفيذ تعهده والتزامه بالوفاء للمستفيد وسداد قيمة الخطاب.

هناك إجراءات لا بد منها عند تقديم المطالبة بالوفاء بمبلغ الضمان. ولكي تكون المطالبة بتنفيذ خطاب الضمان مستوفية للشروط لوضعها موضع التنفيذ، يجب على البنك الضامن التأكد من صفة الأشخاص الذين يتقدمون للمطالبة بالوفاء. وكذلك يجب عليه التأكد من توفر المقتضيات والشكليات التي تستلزمها صحة تقديم المطالبة بالوفاء وذلك وفقا لما نص عليه في خطاب الضمان.

معظم الآراء الفقهية، تتفق على أن خطاب الضمان يقوم على الاعتبار الشخصي فقط، ولهذا، ولصحة المطالبة بالوفاء لابد من صدور المطالبة من المستفيد نفسه، أو من ممثله ووكيله بوكالة خاصة بذلك أو من الوصي المخول. مع العلم، أن قوانين التجارة تنص على أنه لا يجوز للمستفيد التنازل عن حقه الوارد في خطاب الضمان إلا بموافقة البنك. وكذلك يشترط حصول البنك على موافقة مقدم خطاب الضمان "الآمر". ولما كان خطاب الضمان مرتبطا بخصوصية "الاعتبار الشخصي" لذلك تنص القوانين على عدم جواز النزول عنه إلا بموافقة أطرافه الثلاثة، الآمر والمستفيد والبنك.

يلتزم البنك بالوفاء مباشرة بعد تقديم المستفيد مطالبته بتسييل خطاب الضمان وفق التعليمات الواردة فيه. ولا يجوز للبنك، أن يطالب المستفيد بأي تبرير أو تفسير عن مدى صحة هذه المطالبة وذلك ما لم تكن شروط بعض أنواع الضمانات تفرض عليه ذلك. وليس من واجب البنك إجراء أي فحص أو تحقيق للتأكد من صحة تنفيذ الأمر للالتزامات التعاقدية، ولا يمكنه أن يدفع بأي دفع مستمد من هذه العلاقة مهما كانت.

أما في حالة انقضاء خطاب الضمان بغير وفاء، نجد أن وفاء البنك بالتزامه تجاه المستفيد، قد ينتهي بدون الوفاء بسداد قيمة الخطاب. وذلك في حالات معينة منها، انتهاء المدة المحددة في الخطاب دون تقديم المطالبة بالوفاء، أو تقادم الخطاب، أو استحالة تنفيذ الخطاب إذا لم يكن مشروطا، وأخيرا بالإبراء الصادر من المستفيد إلى الزبون خلال مدة الأجل المحدد في الخطاب.

ينقضي خطاب الضمان إذا انقضى الأجل المحدد دون أن يستعمل المستفيد حقه في المطالبة بمبالغ الخطاب، لأن خطاب الضمان يتضمن تعهدا بدفع مبلغ معين خلال فترة معينة، فإذا لم يطلب المستفيد دفعه خلال الفترة المحددة في الخطاب أصبح البنك في حل من التزامه وبالتالي ينقضي خطاب الضمان. وكذلك ينقضي خطاب الضمان غير محدد المدة بالتقادم، حيث يبدأ سريان التقادم في خطاب الضمان غير محدد المدة وغير المشروط من تاريخ بدأ التزام البنك، أما إذا كان الخطاب غير محدد المدة مشروطا فإن سريان التقادم لا يبدأ إلا من وقت تحقق الشرط، أما إذا تخلف الشرط أو استحال تحققه فإن التزام البنك ينقضي.

وينقضي خطاب الضمان أيضا باستحالة تنفيذ الزبون لالتزاماته نحو المستفيد، شريطة أن تكون هذه الاستحالة راجعة إلى قوة قاهرة، أو ظرف فجائي لا يد للمدين فيه، أو كانت راجعة إلى فعل الدائن نفسه. ويفرق الفقه، بصدد هذه الاستحالة وأثرها على التزام البنك في خطاب الضمان بحسب ما إذا كان هذا الخطاب مشروطا وهذا هو حال خطاب الضمان لدى أول طلب مبرر أو مستندي، أو كان غير مشروط وهو حال خطاب ضمان لدى أول طلب، ففي الحالة الأولى ينقضي خطاب الضمان باستحالة تنفيذ الزبون لالتزامه لأن الشرط المعلق عليه تنفيذ الخطاب يصبح غير ممكن لسبب أجنبي أو بفعل الدائن، أما في الحالة الثانية فلا يتأثر التزام البنك باستحالة التنفيذ سواء كانت راجعة لسبب الأجنبي أو إلى فعل الدائن.

وأيضا ينتهي خطاب الضمان بالإبراء، على أن الإبراء الصادر من المستفيد إلى الزبون على التزام البنك في خطاب الضمان يختلف أثره إذا كان هذا الخطاب مشروطا أو غير مشروط. فإذا كان الخطاب مشروطا في حصول إخلال من الزبون بالتزامه تجاه المستفيد، كان للإبراء أثره على التزام البنك بصدد خطاب الضمان، لأن الشرط يستحيل تحققه بعد حصول الإبراء إذ لا يتصور أن يقع من الزبون إخلال بالتزامه نحو المستفيد بعد أن أبرأه منه ولذلك ينقضي التزام البنك بانقضاء التزام الزبون قبل المستفيد بالإبراء. أما إذا كان الخطاب غير مشروط فلا يكون للإبراء أثر على التزام البنك قبل المستفيد إذ يظل هذا الالتزام قائما ومع ذلك يكون لهذا الإبراء أثر إذا نص فيه على تنازل المستفيد عن حقه في خطاب الضمان. كما يعتبر من الإبراء تسليم المستفيد الخطاب إلى الزبون لإعادته إلى البنك بعد أن قام الزبون بتنفيذ التزامه تجاه المستفيد، بهذا تبرأ ذمة البنك قبل المستفيد وتبرأ ذمة الزبون قبل البنك ويكون من حقه أن يسترد غطاء خطاب الضمان.

كل هذه الإجراءات والخطوات، يجب اتباعها بكل مهنية خاصة من البنك الذي يجب أن يلعب دورا مهنيا مؤتمنا عليه في هذه العلاقة. وكذلك على جميع أطراف خطاب الضمان، التأكد التام من محتوياته لدرجة نافية للجهالة حتي تتم العملية بنجاح وتعود بالفائدة لجميع الأطراف ذات العلاقة.