أعمدة

كيف هو التقاعد؟

21 سبتمبر 2020
21 سبتمبر 2020

أكثر سؤال ربما يطرح علي في الفترة الأخيرة، وفي الغالب يطرحه الواقفون في طابوره، من أجل الاطمئنان على وضعهم أكثر منه اطمئنانا على وضعي، وشخصيا أجد أن اتخاذ قرار مصيري كهذا من خلال تجربة شخص آخر هي نهج غير سليم، فلكل امرئ ظروفه وتجربته، فشخص خطط لهذا القرار منذ سنوات طويلة، واتخذه مختارا وعن قناعة، يختلف وضعه كثيرا عمن جاءه القرار على حين غرة، ولم يكن قد حسب له حسابا.

أيضا فترة التقاعد نفسها غير كافية لتحكم عليها، فكونها قد مضت عليها بضع أسابيع، أعتقد أن الأمر سيتطلب أكثر من أسابيع ليدرك المرء أنه كان قد اتخذ قرارا سليما من عدمه، هل الأعمال التي تقاعد من أجلها ستستهلك عمره القادم أم أنه بالغ في تقديرها، وأنه قادر على إنجازها خلال أسابيع قليلة ثم يبقى ما تبقى له من عمر تنهشه مشاعر الملل والضجر.

ماذا بشأن الوضع المالي، هل جميع المتقاعدين أوضاعهم المالية تسعفهم لعيش حياة مريحة بعد التقاعد، بحيث يكون العمل بعدها خيار مطروح لا بحكم الحاجة؟ أم أنه استيقظ فجأة ليكتشف أن جل دخله من الوظيفة صرف على كماليات لم يبقَ منها شيء، أغرق نفسه من أجلها في ديون ستأكل جزءا كبيرا من معاش التقاعد.

ماذا عن الوضع النفسي، هل جميع المتقاعدين، لديهم ذات الاستعداد النفسي لتقبل قرار مصيري كهذا؟

كثير من العوامل تجعل الإجابة على سؤال مثل هذا متباينة جدا، ولا تصلح لأن تتخذها مثالا تحتذى به، فلكل ظروفه، ثم أنك لا تضمن أن الإجابة التي تحصل عليها هي إجابة صحيحة تمثل الواقع الذي يعيشه المرء، فليس من السهل أن يعترف لك زميل بشعوره الحقيقي، خاصة في حال كون التقاعد إجباريا، ليس من السهل أن يقر المرء بأنه يشعر بالأسى على نفسه، وبأنه يشعر بأنه قد تم الاستغناء عنه، وبأنه أصبح بلا جدوى، لن يخبرك الآخرون أنهم غارقون في الديون وأنهم خائفون وقلقون على مصيرهم ومصير من يعيلون.

سبق أن كتبت مرارا هنا بأنه إن لم تخطط لحياتك، سيأتي حتما من يخطط لها عوضا عنك، وحينها قد لا ترضيك الخطة.

حمده بنت سعيد الشامسية

[email protected]