Untitled-1
Untitled-1
إشراقات

الأزواج والزوجات مطالبون بحسن التأسي والاقتداء بالنبي الكريم

10 سبتمبر 2020
10 سبتمبر 2020

متابعة: سيف بن سالم الفضيلي -

دعا الشيخ أفلح بن أحمد الخليلي أمين فتوى بمكتب الإفتاء الأزواج والزوجات إلى حسن التأسي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو القدوة الحسنة الكاملة في معاملتهما لبعضهما وأداء الحقوق فيما بينهما، وبذل قصارى الجهد من أجل التأسي به صلوات الله وسلامه عليه على مقدار ما حبانا الله به من جهد وقدرة..

جاء في محاضرة قدمها عبر قناته على اليوتيوب بعنوان (الأسرة السعيدة.. مواقف نبوية في التعامل مع الأزواج).

وقال الخليلي المرأة حينما تتبعل لزوجها بحسن طاعته وحسن التقرب إليه تكون - بإذن الله تعالى - سالكة سبيل الخير والرشاد ولها بذلك أجر عظيم وهي منعمة في الدنيا بشكر زوجها لجميلها ومنعّمة أيضا بحسن جزاءها عند ربها، وأوضح فضيلته أن تبادل الهدايا فيما بين الزوجين يثمر الود والمحبة إلا أن الهدايا وحسن التلاطف لا يكفيان ما لم تعمر البيوت بعبادة الله تعالى.. وإلى التفاصيل.

استفتح أفلح الخليلي محاضرته بقوله: إن الله تعالى قال لنبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه) أي بهدى الأنبياء اقتدي.. كما أمر الله تعالى محمدا صلوات الله وسلامه عليه أن يقتدي بهدى الأنبياء قبله أمرنا أن نقتدي بهدي محمد صلوات الله وسلامه حينما قال (لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) في قوله جل شأنه (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) وقال (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ) وهذه دعوانا جميعا نحن ندعي إننا نحب الله فالله تعالى يقول (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي) دعوى حب لا بد لها من برهان وبرهانها الاقتداء الحقيقي بالنبي صلوات الله وسلامه عليه، كثير من الناس يقولوا نقتدي برسول الله صلوات الله وسلامه عليه ويسلط الضوء على جزئية واحدة يريد أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم فيها.

ويؤكد أن رسولنا صلوات الله وسلامه وعليه كان قدوة في جميع مجالات الحياة في تعامله مع أسرته في تعامله مع الأطفال من أولاده وأحفاده وفي تعامله مع أطفال المسلمين وفي تعامله مع الرجال وفي تعامله مع النساء وفي تعامله مع الصديق ومع العدو في تعامله حتى مع الحيوان الأعجم في تعامله مع البيئة كان يمثل النموذج الكامل في جميع مجالات الحياة فما هي نماذج الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام في تعاملهم مع أزواجهم.

وقال أفلح الخليلي: قبل أن يطالب الزوج زوجته بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أداء الحقوق وبالاقتداء بأزواجه عليه ينصف زوجته من نفسه، وعلى الزوجة قبل أن تطالب زوجها بأن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم أن تنصف زوجها من نفسها؛ فكل واحد منا يكون رقيبا على نفسه قبل أن يكون رقيبا على زوجه.

وأوضح الخليلي: من منن الله تعالى أن جعل ديننا الحنيف دين فطرة فالله تعالى هيأ لنا الزواج حتى يقضي كل واحد من الجنسين حاجته من الوطر من الآخر (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ) وهذه الفطرة الإنسانية جعلها الله تعالى ممتدة ليست في قضاء الوطر فقط وإنما تشمل الحاجة إلى الأولاد والله تعالى أباح لنا ذلك فديننا الحنيف وشريعة محمد صلوات الله وسلامه عليه جاءت متلائمة تمام التلاؤم مع الفطرة (وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) (إنما حبّب إليّ من دنياكم النساء والطيب) النبي صلى الله عليه وسلم حينما تكلم عن ذلك تكلم عن فطرة سوية وتكلم عن رجولة كاملة ومن مقتضيات الرجولة الكاملة أن تتوق نفس صاحبها إلى النساء بكل ما تحمله هذه الكلمة من مضمون فتتوق نفسه إلى الأنس بزوجه بالحديث الطيب بالمعاملة الحسنة بالإضافة إلى ما أحل الله تعالى للرجال من النساء والعكس.

ونبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه قعّد قاعدة عامة وأخبر بقوله عن فعله فقال (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا معاشر الرجال بأن خيرنا هو خيرنا لأهلنا وانه صلوات الله وسلامه عليه يمثل قدوة لنا (وأنا خيركم لأهلي) فهو القدوة الحسنة لنا في ذلك كله، وهذا الحديث وان كان في لفظه يتناول الرجال لكنه أيضا يتناول النساء.

فالمرأة حينما تتبعل لزوجها بحسن طاعته وحسن التقرب إليه تكون بإذن الله تعالى سالكة سبيل الخير والرشاد ولها بذلك أجر عظيم وهي منعمة في الدنيا بشكر زوجها لجميلها ومنعّمة أيضا بحسن جزاءها عند ربها.

وآخر وصايا نبينا صلوات الله وسلامه عليه في حجة الوداع وبعد ذلك يوصي بالنساء خيرا.

النبي إبراهيم وزوجه

وتناول فضيلته بعض جوانب التعامل التي عامل بها النبي إبراهيم عليه السلام زوجه: الله تعالى ذكر عن ضيف إبراهيم عليه السلام بأنهم أتوا زائرين له فجاءت الآية مبينة لعمله فقالت (فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ، فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ)، في الآية الكريمة الله تعالى قال (فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ) وهذا يبين لنا عظم التعاون بين إبراهيم عليه السلام وبين زوجه وكانا شيخين كبيرين لكنه ذبح العجل وذهب بأهله والمرأة الكبيرة في السن التي صرحت بأنه عجوز وأنها عقيم لم تتوانَ في طبخ العجل ولهذا راغ إلى أهله من أجل أن تقوم بحسن إعداد الطعام لزوجها وضيفه فبذلت جهدها وهيأت الطعام ولم تتعلل لا بكبر سن ولا بمشقة بالغة في تهيئة العجل فبادرت إلى ذلك والله ذكر موقفا آخر لها حينما قال (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ) وقد ذكر بعض أهل العلم في هذه الكلمة التي تعبر عن نشاط وخدمة لضيوف زوجها فهي قائمة في تهيئة الأمور لهم وإعداده خير إعداد لأنها تريد أن تخدم زوجها وتريد أن تتودد إلى زوجها بحسن خدمة ضيوفه، وهذه المرأة التي بلغت اليأس وجاوزته بزمن لم تتعلل بضعفها ولا بشيخوختها وعجزها وإنما كانت مبادرة ففيها روح الشباب.

أنتقل إلى المثل الثالث من قصة إبراهيم عليه السلام وهذا الموقف أثّر عليّ تأثيرا بالغا؛ لأنه يعبر عن كرم أخلاق سيدنا إبراهيم عليه السلام، فسيدنا إبراهيم عليه السلام كان متزوجا بزوجه سارة على المشهور الذي يذكر عن اسمها فلم تلد له زمنا طويلا وبقي ممسكا بهذه الزوجة محسنا تمام الإحسان إليها حتى بلغت من الكبر مبلغا، فلم يطلقها لأنها لم تلد له المولود ولم يتزوج عليها أول أمره وإنما بقي معها يكابد شوقه إلى الولد من دون أن يحصل على ذلك إلى أن جاءته البشارة، وعندما جاءته البشارة قالت زوجه آنذاك (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا) بمعنى أن هذه المرأة عندها مانعان من الولادة أولهما أنها عجوز وثانيهما أنها عقيم، ولكن مع ذلك كله تعجبت وذكرت مانعا هنا قالت (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) ثم أشارت إلى زوجها (وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا) إبراهيم عليه السلام لم يذكر المانع الذي في زوجه مراعاة لمشاعرها فهو حتى في باب العبارة يراعي زوجته وذكر المانع الواحد المتعلق به فقال (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) لم يقل هذه العجوز أنى لي أن ارزق منها بولد وهي عجوز وعقيم فمن أين آتي بالولد منها لم يشر إلى زوجه لا إلى عقمها ولا إلى كبر سنها مراعاة لها وأنبياء الله تعالى قمة في الأخلاق فعلينا أن نتعلم مما ذكروه ومما سكتوا عنه لأنهم سكتوا عما سكتوا عنه من أجل عظم الأخلاق والآداب.

مثل أخلاق النبي محمد

يعرج الخليلي إلى سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع أزواجه فيقول: الآن نريد أن ننتقل إلى سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه فقد كان سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه مثالا عظيما لكل مُثُل الأخلاق وكان فعله مصدقا لقوله (وأنا خيركم لأهلي). وإذا أردنا أن نقف مع ومضات سيرة النبي صلوات الله وسلامه عليه فنجد صعوبة لأننا لا نعرف ماذا نقدم وماذا نترك لان كل ومضة من تلك الومضات العظيمة تعلمنا الشيء الكبير فعلينا أن نمتثل تلك القدوة وأن نحسن التعلم ثم بعد أن نحسن التعلم علينا أن نحسن الاقتداء ولا نكون ممن تعلمنا من دون أن نطبق فمن بركة العلم حسن تطبيقه ومن بلاء العلم أو ضرره البالغ الإعراض عن تطبيقه (فويل لمن يعلم ولم يعمل مرة وويل لمن يعلم ولم يعمل مرتين) كما قال سيدنا صلوات الله وسلامه عليه.

ويضيف: نقف أمام بعض الوقفات ونتناول بعض الروايات ونريد أن نصوّر لأنفسنا وأن نسأل أنفسنا هل نحن نمثل هذه القدوة؟ وهل نحن نتعامل بمقتضاها أو لا؟ نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه كان يحسن تعامله مع أزواجه تمام الإحسان وهذا جلي في زواجه بخديجة رضوان الله تعالى عليها فقد تزوج نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه امرأة تكبره بخمسة عشر عاما، من منا يرغب بالزواج بامرأة تكبره بهذا السن من منا يرغب في الزواج بثيّب سبق لها أن تزوجت ولها جملة من الأولاد، نبينا الكريم عليه صلوات الله وسلامه عليه كان يمثل القدوة ويمثل حسن التعامل هو يحسن مع زوجه ومع أولاده فكان مع خديجة رضوان الله تعالى عليها نعم الزوج وكانت هي نعم الزوجة فلم تثر الصخب ولا اللغط عليه صلوات الله وسلامه عليه وإنما كانت مؤنسة مشجعة ملاطفة حتى حينما جاءه الوحي ورجع خائفا مرعوبا أكدت له ما رأته من حسن سيرته وبما من الله تعالى عليها من عقل راجح بأن الله لا يمكن أن يخزيه أبدا فتلك المرأة بذلك الجمال والأخلاق العالية كانت مثالا للمرأة الحسنة التي يأمل الرجال في الحصول على عشر معشار أخلاقها فجدير بمن حصل على عشر معشار أخلاقها أن يمسك بتلك المرأة بيديه ورجليه ولا يفرط فيها بتاتا.

فتلك المرأة رضوان الله تعالى عليها عاملت النبي صلى الله عليه وسلم خير المعاملة وصبرت معه وصابرت وعندما جاءه الوحي أكدت له كما قلنا وآمنت مع أنها تعرف حق المعرفة أن قومها سيحاربونه حربا شعواء لا هوادة فيها لكنها جادت عليه بمالها ونفسها وآمنت به حينما كفر به الناس وواسته بكل ما تجد حتى يبقى مؤديا لواجبه إلى أن اختارها الله تعالى.

فلألم النبي صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة وحزنه البالغ عليها وعلى عمه أبي طالب الذي كان مناصرا له سمي ذلك العام بعام الحزن، نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ليس رجلا ضعيفا بل كان رجلا عظيما قويا يتحمل المحن والشدائد لكن المصيبة كانت عظيمة آلمته ألما بالغا لكن لم يجزع ولم يقل إلا ما يرضي ربه لكنه ذكر الجميل للزوجة المحسنة وبقي على ذكر الجميل بعدها بأزمان طويلة وبقي يذكرها وكان ممثلا لخلق الوفاء معها فكان يرسل اللحم إلى صديقاتها ويحسن إلى قرابتها ويبذل ما يستطيع من أجل الإحسان إلى المرأة وان ماتت فما أجمل خلق الوفاء (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ما نسي فضل خديجة وما نسي فضل عمه أبي طالب مع إن عمه لم يؤمن، لكنه ذكر جميله.

من مواقفه مع أم المؤمنين عائشة

وأتى الخليلي إلى بعض المواقف التي كانت مع أم المؤمنين عائشة رضوان الله تعالى عليها مع بقية النسوة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه كان يحسن معاملة أزواجه كانت تشرب عائشة رضوان الله تعالى عليها حتى وإن كانت حائضا فيضع فمه الشريف في الموضع الذي وضعت فيه عائشة فمها بمعنى انه يقدمها في الشرب ويأذن لها بالشرب قبله مع انه كان من المفترض أن تشرب بعده لمقامه صلوات الله وسلامه عليه فهو سيد الخلق أجمعين ولأنه زوج وله قيادة في الأسرة بما حباه الله تعالى به لأنه كان يمثل الخلق فتشرب عائشة رضوان الله تعالى عليها ويضع فمه في موضع أكلها من اللحم وهذا يمثل عظم خلقه صلوات الله وسلامه عليه.

وكانت عائشة رضوان الله تعالى عليها سألت بمَ يبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم حينما يدخل على أهله قالت (يبدأ بالسواك) وهذا الحديث يدل على النبي صلى الله عليه وسلم مطهر لأخلاقه أولا بحسن التعامل وهو مطهر لبدنه حتى لا تجد زوجته منه شيئا تكرهه، فهو صلوات الله وسلامه عليه يبقى مع زوجه ومن المعلوم قرب الإنسان من زوجه وما يتبع ذلك من الوصال أحيانا أو ما كان الوصال النهائي لكن قرب الرجل من زوجه يدفعه إلى حسن التبعل وحسن التزين لزوجه كما تتزين له وهذا أمر أكده ابن عباس رضوان الله تعالى عليه حين يتزين لامرأته كما يحب أن تتزين له وذكر ما جاء في كتاب الله (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) والنبي صلوات الله وسلامه عليه كان يمثل حسن اللطف في التعامل ولهذا كان يقبل وهو صائم، يقبل وهو متوضئ يقبل وامرأته حائض بل يباشرها ويستمتع بها فيما دون الفرج لأنه محرم دون شك بنص القرآن الكريم، لكن النبي صلوات الله وسلامه عليه كما يظهر لمن تتبع سيرته كان قويا مستغنيا عن الحاجة إلى ذلك لكنه كان يراعي حاجة زوجه العاطفية فيقبلها مراعاة لحاجتها مراعاة لأنسها هي أكثر من مراعاته لحاجته هو.

فهو في أثناء صيامه كان يترك الطعام أياما ويبيت من دون عشاء ولا سحور لأنه يبيت يطعمه ربه ويسقيه فلا يحتاج إلى شيء من ذلك.

ذو النفس العظيمة التي حباها الله تعالى بأنس القرب منه مستغنٍ عن قبلة يقبل بها زوجه لكنه يريد أن يؤنس تلك الزوجة ويريد أن يريح نفسها المحتاجة إلى ذلك.

وهذا لا ينصح بالعموم أن يطبقه الناس إلا لمن كان يملك إربه فعائشة رضوان الله تعالى بينت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يملك إربه فلا تدفعه القبلة إلى الوقوع في محظور بعد ذلك.

وكان صلوات الله وسلامه عليه يكون في مهنة أهله وكان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم وكان يحلب شاته ويخدم نفسه، فنبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ما كان يتعالى على عمل يخدم به نفسه أو يخدم به أهله فكونه في مهنة أهله أي في خدمتهم، وهذا يمثل حسن تعامل النبي صلوات الله وسلامه عليه.

وسلط أفلح الخليلي الضوء على زاوية أخرى من تعامله صلى الله عليه فقد كان النبي صلوات الله وسلامه عليه يشارك أهله في المعروف كان النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر يعتكف وكان كما تقول السيدة عائشة رضوان الله تعالى عليه (كان إذا دخلت العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله).

نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يكون معتكفا في العشر عادة لكن مع ذلك تشير الرواية بأنه كان يوقظ أهله ولا أعرف أكان يخرج أو كان ينبه عائشة رضوان الله تعالى عليها باعتبار قرب غرفتها من المسجد الشريف بندائه حتى تسمعه ولا يحرمها من قيامها لليلها.

نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه حث الرجال أن يوقظ الواحد منهم أهله وحث النساء أن توقظ الواحدة منهن زوجها حتى يجتمع الزوجان على معروف.

كان نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه لا يصلي السنن غالبا في المسجد وإنما يصليها في بيته حتى يري أهله حتى يشجعهم على الطاعات كان يصلي في البيت وعائشة تكون مستلقية أمامه فحينما يسجد تنحني أو تفسح له المجال لسجوده لضيق المكان لكنه كان يصلي ليري زوجته النموذج العملي لتعمر البيوت بالهدي والخير وبالصلاح والإصلاح وهذا الأمر له أثره البالغ وهو الذي يرزق الله تعالى به الأزواج الود (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) فعلينا أن نقيم الود بحسن التعامل.

ربما يقول الرجال بأنك طالبتنا بالكثير ولما تنصفنا من النساء فلا أريد حتى أنصف الرجل من النساء أن أشير إلى حديث للنساء يوضح صبرهن أيضا عن عائشة رضوان الله تعالى عليها (كان يمر برسول الله صلى الله عليه وسلم هلال وهلال وهلال ما يوقد في بيت من بيوته نار) قلت يا خالة: على أي شيء كنتم تعيشون قالت على الأسودين التمر والماء).

مَنْ مِنَ النساء تصبر على زوجها وتعيش معه هلالا وهلالا وهلالا يعني ثلاثة أشهر من دون أن تقض بأضراسها شيئا من اللحم ومن دون أن تستمع بالخبز والأرز والطيبات المتنوعة والفرش والبسط المنثورة التي تقدم فيها ألذ أنواع الطعام.

وأشار فضلتيه في ختام محاضرته إلى أهمية الهدية وما لها من تأثير عاطفي: كثير من الأزواج يعرفون الهدية فيقدم الواحد وردة حمراء وتقدم له وردة بنفسجية، يقدم لها هدية وتقدم له أخرى؛ ونبّه إلى أن الهدايا وحسن التلاطف لا يكفي ما لم تعمر بيوتنا بالهدي ما لم تعمر بيوتنا بعبادة الله تعالى.

ما ذكرنا قليل من كثير فعلينا أن نحسن التأسي وأوصي الرجال بحسن الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأوصى النساء بحسن الاقتداء به صلوات الله وسلامه عليه فهو القدوة الحسنة الكاملة، لكن لا أنا ولا أنت وأنتِ نستطيع نقارب ذلك المستوى، لكن علينا أن نبذل قصارى جهدنا من أجل أن نتأسى به صلوات الله وسلامه عليه على مقدار ما حبانا الله به من جهد وقدرة.