1507830_127
1507830_127
العرب والعالم

كارثة السيول تشرّد آلاف الأسر اليمنية للمرّة الثانية

10 سبتمبر 2020
10 سبتمبر 2020

صنعاء- "عمان"- جمال مجاهد:

كشفت تقديرات حديثة للأمم المتحدة عن تضرّر ما يزيد على 62 ألف أسرة يمنية في محافظات صنعاء ومأرب وحجّة وريمة والمحويت والحديدة جرّاء كارثة السيول الجارفة والأمطار الغزيرة، وتضرّر الأسر النازحة بشدّة مرّة أخرى.

وفاقمت الكارثة من الأوضاع الإنسانية لليمنيين، إذ تزامنت مع نقص حاد في تمويل عمليات الإغاثة وأزمة الوقود وتصاعد القتال وانخفاض قيمة العملة وغزو الجراد الصحراوي، بالإضافة إلى تفشّي فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد19).

وفي أواخر شهري يوليو وأغسطس الماضيين، ضربت الأمطار والسيول للمرّة الثانية خلال العام الحالي، المحافظات في جميع أنحاء اليمن.

ويؤكد مصدر في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تحدّث لـ "عمان" أن السيول ألحقت أضراراً بالبنى التحتية ودمّرت المنازل والمساكن الإيوائية، وتسبّبت بوفيات وإصابات وأتلفت المزروعات وقتلت المواشي، كما فاضت السدود ودمّرت شبكات المياه وانقطعت الطرق وانهارت المنازل.

وقال المصدر "إن شركاء العمل الإنساني مستمرّون بإجراء التقييمات للتحقّق من الأرقام المقدّمة من السلطات المحلية، بينما كانت الاستجابة جارية طوال شهر أغسطس".

وأكد أنه "حتى الـ 30 من أغسطس، تم تنبيه شركاء العمل الإنساني إلى آلاف الأسر في جميع أنحاء البلد قد تكون بحاجة إلى الاستجابة الطارئة، من خلال آلية الاستجابة السريعة التي تتألّف من المواد الغذائية الطارئة وأطقم مواد النظافة ومواد أساسية أخرى".

ووفقاً للمفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقد ما يقدّر بنحو 300 ألف شخص في اليمن منازلهم ومحاصيلهم وماشيتهم وممتلكاتهم الشخصية في الأشهر الثلاثة الماضية جرّاء السيول والفيضانات الشديدة.

ومن بين النازحين الجدد أشخاص أجبروا في السابق على الفرار من ديارهم بسبب النزاع الذي تفاقم منذ مارس عام 2015، وعليهم مرّة أخرى إعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم.

وتسبّبت السيول الجارفة الناجمة عن الأمطار الغزيرة في وفاة وإصابة وفقدان عشرات الأشخاص، وإلحاق أضرار كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة.

وتشمل المناطق الأكثر تضرّراً محافظات مأرب وعمران وحجّة والحديدة وتعز ولحج وعدن وأبين، حيث تسبّبت الفيضانات بمقتل ما لا يقل عن 148 شخصاً في الشهرين الماضيين وحدهما.

وفي منطقة حبابة في محافظة عمران (شمال صنعاء)، أدّى الانهيار المفاجئ والكارثي لسد "الرونة" إلى فيضان 250 ألف متر مكعّب من المياه، وطال تأثير ذلك آلاف الأشخاص في مواقع النازحين داخلياً في "التحسين" و"سوق الليل" وأماكن أخرى.

وقال المتحدّث باسم المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أندريه ماهيستش في تقرير حديث "كان العديد من النازحين داخلياً الذين شرّدتهم الفيضانات يعيشون أصلاً في حالة من الفقر المدقع، وغالباً ما يكونون في مآو مؤقّتة مكتظّة مصنوعة من الأغطية البلاستيكية أو الطين التي جرفتها المياه أو تعرّضت لأضرار جسيمة".

ويجبر السكان الآن على الاحتماء في المساجد أو المدارس أو مع الأقارب أو العيش في العراء أو في مبان مهجورة، والتي يتعرّض بعضها لخطر الانهيار أو في أي مكان ممّا تبقّى من منازلهم المتضرّرة.

وأضاف ماهيستش "الكثير من هؤلاء كانوا يصارعون أصلاً من أجل البقاء، مع وجود فرص عمل قليلة أو معدومة وبالكاد يستطيعون تحمّل تكلفة وجبة واحدة لأسرهم كل يوم، فيما ترتفع مستويات اليأس والإحباط مع وصول أسوأ أزمة إنسانية في العالم إلى مستويات جديدة من التردّي".

وأعربت المفوّضية عن "قلق عميق من تعرّض المجتمعات النازحة بشدّة لوباء فيروس كورونا"، حيث يصعب على الكثيرين ممارسة التباعد الاجتماعي أو الجسدي، أو الحصول على المياه النظيفة لغسل اليدين أو اتّباع تدابير أخرى لمنع انتقال الفيروس، إذ تضرّرت البنية التحتية الصحية في البلاد بشدّة نتيجة لسنوات من الصراع.

وقد يطال تأثير كل ذلك آلافاً آخرين، حيث من المتوقّع استمرار موسم الأمطار. كما أن قدرات العديد من السدود التي يتواجد بعضها في حالة سيّئة بسبب الإهمال في السنوات الأخيرة نتيجة للصراع، أصبحت مثقلة بشكل متزايد.

وفي مأرب، وصل السد إلى مستوى الفيضان وهو معرّض بشكل كبير للانفجار إذا ما غمرت الأمطار الغزيرة والممتدة الحوض. وقد يؤدّي ذلك إلى تدمير المنطقة المروية عند المصب، حيث تتواجد المواقع التي تستضيف آلاف الأشخاص الذين نزحوا داخلياً بسبب النزاع، بالإضافة إلى الأجزاء السفلية من مدينة مأرب (مركز المحافظة الواقعة شرق صنعاء).

وأكدت المفوّضية أنها "تسارع إلى توفير الدعم الطارئ في مجال المأوى ومواد الإغاثة الأساسية مثل البطّانيات وفرش النوم لآلاف الأشخاص، فضلاً عن تقديم المشورة إلى أولئك الذين يكافحون من أجل التكيّف مع فقدان منازلهم وأحبّائهم. نعمل جنباً إلى جنب مع شركائنا على إشراك مجتمعات النازحين لرفع مستوى الوعي بشأن تدابير الحماية والوقاية من فيروس كورونا".

ونبّهت إلى أنه "مع ذلك لا تزال قدراتنا تعاني من القيود بسبب النقص الحاد في التمويل. وبالنظر للمستويات الحالية، فإن مخزوننا من المأوى ومواد الإغاثة الطارئة سوف ينفد في غضون أسابيع، ما يترك بعضاً من احتياجاتهم الأساسية غير مستوفاة".

ويعتمد الآن ما يقرب من أربعة ملايين نازح وعائد ولاجئ وطالب لجوء على المساعدات الإنسانية المنتظمة للبقاء على قيد الحياة.

وأعلنت المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 13% من اليمنيين (أكثر من 1 من أصل 8 أشخاص) نزحوا من منازلهم بسبب النزاع المستمرّ والذي لا يزال يتسبّب بقتل المدنيين، ما يجعل اليمن رابع أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

وتستضيف اليمن حوالي 281 ألف لاجئ وطالب لجوء معظمهم من الصومال (96%) وإثيوبيا (3.6%). وتضاءلت قدرة اللاجئين وطالبي اللجوء على إعالة أنفسهم بشكل كبير على مر السنين بسبب النزاع وتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن.