صفاء البلوشية
صفاء البلوشية
الثقافة

صاحبة بوتيك دار البريسم للأزياء صفاء البلوشية: مشاركتي في مشروع الموسوعة العمانية بالبحث الميداني عن الأزياء كان ملهما

10 سبتمبر 2020
10 سبتمبر 2020

- "البريسم" هو نوع من الأقمشة باهظ الثمن والذي يتم ارتداؤه في المناسبات السعيدة كالزواج والأعياد قديما.

- في زمن الكورونا التسويق الإلكتروني لم يكن سهلا، فالزبائن لديهم أسئلة كثيرة، وقد لا يشترون في النهاية.

حوار: فاطمة الإسماعيلية

الأحلام والأفكار قد تكون مدونة على جدار الفكر والعقل، السعي لتنفيذها على أرض الواقع يتطلب كثيرا من العزم والجهد، هذا ما سعت إليه صفاء البلوشية صاحبة بوتيك دار البريسم للأزياء، خريجة قسم الفنون المسرحية بجامعة السلطان قابوس تخصص التصميم، والتي جمعت بين موهبتها وصقلتها بدراستها وتأثرها بعالم المسرح والفنون والأوبرا في إيطاليا ومشاركتها المتميزة في التصميم لعدد من المسرحيات في السلطنة قررت أن تصعد لسلم العمل التجاري، فكانت دار البريسم للأزياء التي أسستها عام 2009.

تحدثنا صفاء بداية عن مسيرتها الدراسية والمهنية قائلة: "تخرجت من جامعة السلطان قابوس قسم الفنون المسرحية تخصص تصميم، وأعمل باحثة في القسم نفسه، حصلت في بداية التحاقي بالعمل على منحة من السفارة الإيطالية استطعت أن أكتسب ثقة سعادة السفير الإيطالي باختياره لي وقتها، فأثناء دراستنا تعمقنا في بدايات ظهور بذور المسرح عند قدماء الإغريق والرومان في المعابد من خلال طقوسهم الدينية وتمجيد الآلهة وقصص أساطير الآلهة وعن الجمهور في ذلك العصر وطريقة ارتداء الأزياء و وضع الأقنعة لأن المكياج لم يكن معروفا في تلك الفترة وغيرها من المعلومات، وعليه تم اختياري للاستفادة من هذه المنحة – والتي تقع تحت إطار التبادل الثقافي - وكانت فرصة ثمينة لزيارة أقدم المسارح ومشاهدة عروض الأوبرا وبعض المسرحيات والاطلاع على ثقافتهم مما أكسبني خبرة كبيرة".

الأعمال المسرحية

وعن مشاركتها في الأعمال المسرحية بالسلطنة قالت: "بعد عودتي من إيطاليا شاركت في العديد من العروض المسرحية كمصممة للديكور المسرحي والأزياء المسرحية حصدت من خلالها عدة جوائز وشهادات تكريم وكنت أميل لتصميم الأزياء بشغف كون أن عالم الأقمشة ودمج الألوان يثري مخيلتي بالعديد من الأفكار، فعندما أكون أمام نص كاتب يحتوي على شخوص وأحداث تدور عن موضوع ما وفي مكان ما وفي فترة تاريخية محددة فلا بد بالنسبة لي أن أقرأ التاريخ قراءة جيدة حتى أتمكن من تقديم الشخصية وإقناع الجمهور بأنها تعود لتلك الحقبة، كما أن تصميم الأزياء المسرحية يختلف تماما عن تصميم الأزياء العادية أو أزياء المناسبات، فالثانية تعتمد على الموضة الدارجة ورغبة الشخص بلون معين ومقاييس الجسم، أما الأزياء المسرحية فيجب أن يكون بها توازن مع بقية عناصر العرض المسرحي".

الموسوعة العمانية

شاركت صفاء في إعداد الموسوعة العمانية، لتكون جزءا ممن جمعوا ملامح الأزياء العمانية، وحول هذه المشاركة تقول: "جاءت الفرصة الأجمل والأقرب إلى قلبي ترشيحي من قبل وزارة التراث والثقافة للانضمام إلى مشروع الموسوعة العمانية والقيام ببحث ميداني عن الأزياء التقليدية النسائية والرجالية وأزياء الأطفال ومكملات زينة المرأة العمانية قديما، الحديث عن هذه التجربة الرائعة يطول فقد قمت بالتعاون مع جمعيات المرأة العمانية في مختلف مناطق السلطنة بالتنسيق لإجراء مقابلات مع نساء عمانيات من مختلف الفئات العمرية للحديث عن تطور الأزياء منذ ما قبل عام 1970 إلى الوقت الحاضر، وأثناء إجراء هذه المقابلات كان ذكر قماش البريسم يتردد كثيرا على ألسنة النساء فهو القماش الوحيد باهظ الثمن والذي يتم ارتداؤه في المناسبات السعيدة كالزواج والأعياد.

المشروع التجاري

وحول بدأ التفكير في مشروعها التجاري الخاص قالت: "أعجبني إيقاع اسم (بريسم) أثناء حديثي مع النساء عن الأزياء العمانية، وقررت بعدها أن أخوض تجربة فتح مشروع نسائي خاص وهو دار البريسم للأزياء معتمدة على المخزون السمعي والبصري الذي مررت به خلال فترة البحث الميداني وبالمعلومات التي حصلت عيها عن مسميات أجزاء الأزياء قديما وعن الألوان الدارجة وأشكال النقوش والتطريز ومسميات الأقمشة".

وتضيف صفاء: "جعلت من الماضي الجميل نقطة بداية لتطوير الزي العماني مع إضافة لمسة عصرية دون المساس بالقصة الأصلية فأنا غيورة جدا على إدخال أي تغيرات للشكل الأساسي لزي المرأة العمانية في مختلف مناطق السلطنة، ومن الأفكار التي أعتز فيها هي دمج المشغولات الفضية العمانية التقليدية في الأزياء التي أقوم بتصميمها".

وتابعت: "شاركت بعدها في عدد من عروض الأزياء وفي بعض الفعاليات الخاصة بالمرأة العمانية إلى جانب المعارض.

وقدمت أزياء مختلفة مستوحاة من التراث الأصيل، وتوالت الأفكار لدي وقررت تصميم مسكات خاصة للعرائس لحفلة ليلة الحناء وليلة عقد القران مستوحاة من المجوهرات العمانية في عام 2016 كانت مسكة المشوك هي أول مسكة قدمتها بمناسبة العيد الوطني 46 المجيد طبعا ولأن الفكرة جديدة ومميزة لم يكن الإقبال من السلطنة فقط وإنما من خارجها كذلك، وبعدها صممت مسكات مختلفة بشكال مختلفة مثل مرية وقلادة السمط والشوكة وغيرها".

التقليد

وحول تحفظها عن فكرة التقليد تقول: "لست ضد فكرة تطوير أي فكرة أعجبتني، فأن شخصيا أتأثر أحيانا بتصاميم عالمية تدفعني إلى ابتكار فكرة أجمل وأعمق، ولكن هناك فرق بين هذا وبين التقليد طبق الأصل، فذلك مجهود شخص آخر تعب وقضى ساعات يفكر ويقوم بنماذج ومقاسات ليصل في النهاية إلى الشكل الملائم وتأتي فئة لا يهمها من الموضوع سوى الكسب المادي والشهرة على حساب الآخرين، هذا الأمر دفعني إلى التوقف عن عرض أفكار جديدة على شبكات التواصل كالانستجرام خوفا من التقليد. وفي النهاية يبقى التصميم الأصلي والحقيقي أجمل بكل التفاصيل".

عن التحديات التي واجهتها بداية مشروعها ذكرت: "هناك عقبات عند بداية أي مشروع متعلقة بالتمويل والتسويق و كسب ثقة الزبائن، كما أن عرض الأزياء بالتواجد في المناسبات وعروض الأزياء وشراء الخامات وعمل التصاميم والإشراف على التنفيذ يتطلب كثيرا من الجهد، أيضا فإن إدارة المحل والتعامل مع الموظفين، ولكن عندما يحب الشخص ما يقوم به يصبح هناك تحد بينه وبين نفسه ليصل إلى نقطة الرضا التي تدفعه إلى الاستمرار في النجاح. وترتيب الأولويات و دراسة السوق و معرفة الفترات المناسبة لعرض مجموعة جديدة".

كورونا

أما أبرز التحديات التي واجهتها الآن مع انتشار جائحة كوفيد 19 قالت:" بطبيعة الحال تأثر عملي التجاري مثل ما تأثرت كثير من الأمور في المجتمع ، فتوقف العمل في المحل طيلة ثلاثة أشهر تقريبا شكل تحديا كبيرا بالنسبة لي خاصة فيما يتعلق بدفع رواتب العمال وإيجار المحل، وأيضا لا ننسى توقف المناسبات في تلك الفترة أيضا، و التسويق الإلكتروني لم يكن سهلا، والزبائن لديهم أسئلة كثيرة ، وقد لا يشترون في النهاية، خاصة بالنسبة لمن لم ير البضاعة عن قرب ويتأكد من جودة القطع، أيضا من أبرز التحديات أنني لم أستطع الحصول على زبائن جدد مثل كل عام، ولكن عندما فتحت الأنشطة التجارية مجددا ، قمت بعمل بعض العروض والحسومات حتى استطيع أن أقف وأعود مجددا لنشاطي.

نصيحة

واختتمت صفاء حديثها معنا بنصيحة للقراء، إذ قالت: "من الأهمية أن يتمتع صاحب التجارة بالصبر و الكفاح و الهدوء و التنظيم فهي من أسباب النجاح والاستمرار، نصيحتي لمن يرغب في إنشاء مشروع خاص أقول بأن السماء تتسع لكثير من الأفكار وهي مفتوحة للجميع، وعماننا الحبيبة أرض الخير انطلقوا بأفكار متجددة وبحماس مدروس بتأن استفيدوا من خبرات الآخرين حتى لا تقعوا في نفس العثرات، عماننا تنتظر من الجميع ليشمروا عن سواعدهم لتبقى عمان درة مصون بشعبها الوفي وفي مصاف الدول المتقدمة".