salim
salim
أعمدة

نوافذ: المواطن.. وتكاليف الحياة

07 سبتمبر 2020
07 سبتمبر 2020

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

خلال السنوات العشر الماضية زادت الأعباء المالية على المواطن من جهات عدة، وأثرت على دخوله المالية وقلصتها وتآكلت معها طموحاته التي ينتظر لها أن تتزايد أرقامها خلال الفترة المقبلة والتي قد يصل معها هذا المواطن إلى عدم القدرة على الإيفاء بتلك الالتزامات؛ نظرا لتوقف دخله عند رقم معين، وهي لدى الغالبية، في الوقت الذي تتزايد أرقام تلك الالتزامات مما يؤثر على تدبير حياته.

هذه المعادلة ببساطة والتي يجب أن نتوقف معها وأن نراعي كيف يمكن أن نحافظ ونوازن بين مكانة المواطن المالية التي لا يجب أن ترهقه وتشغله عن واقعه وحاضره بما يتناسب مع دخله، واحتياجات الدولة، وهذه تحتاج إلى المزيد من التفكير وأن لا تكون الأمور عامة على من يستطيع ومن لا يستطيع تحملها.

هناك سلسلة من المستحقات المالية الشهرية يدفعها هذا المواطن، كالكهرباء والماء والهاتف والصرف الصحي وأحيانا هواتف وقروض البنك ودفع رسوم المعاملات والعاملة والعامل لديه، والضرائب والتي آخرها مشروع ضريبة القيمة المضافة وبعضهم رسوم المدارس والعلاج في الخارج والأبناء الذين لم يوفقوا في نسب تقبلها الجامعات المحلية، ونفقات البيت والأسرة ومطالبات الأبناء في شراء الاحتياجات وأقساط السيارة والقائمة تطول.

كل هذه الأعباء المالية لا يخلو منها أي بيت، وهناك فئات تستطيع وقادرة على ذلك، وهي بالتأكيد أقل من تلك الفئات التي تعاني من تحمل تلك النفقات.

اليوم أصبحت لدى المواطن حالة ترقب حول كل ما يمكن أن يضاف عليه من أعباء مالية إجرائية، والتي ينظر لها على أنها تقتطع من قوت أبنائه، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد من حالة ركود منذ ٢٠١٧ وكساد وتراجع في العالم، وزاد من تلك المعاناة ما حدث هذا العام من إغلاق للأنشطة التجارية بسبب الجائحة وما سببته من خسائر فادحة وكبيرة تحتاج إلى سنوات لتعويضها والعودة إلى مسارها الطبيعي، خاصة الذين يعملون في هذا القطاع.

لذلك كل تلك المعطيات تفرض واقعا جديدا علينا، وهو التريث في المضي قدما نحو تطبيق المزيد من الضرائب ورفع الرسوم، لأنها ستقلل من القيمة الشرائية السوقية وسيحجم الكثير عن ذلك، وإعطاء المزيد من الوقت لتعافي حالة الاقتصاد في الدولة وفي العالم المرتبط به من أجل أن تعود عجلة الاقتصاد إلى الدوران والانتعاش من جديد، وبعد هذا الوقت الذي تستقر فيه الأمور يمكن العودة إلى طرح العديد من الأفكار التي تعضد خزينة الدولة.

الوضع المالي للمواطن صعب في ظل تراجع الإيرادات، لكي تضاف عليه المزيد من تلك الأعباء المالية، كما أنه لا يحتمل زيادة الرسوم عليه في التعاملات الحكومية الخدمية وغيرها مما يستوجب معها النظر بشكل أوسع يتجاوز مدى حاجة الدولة وأن تكون عند إمكانياته، فليس من المنطق أن ترتفع إلى تلك الأرقام لأن ذلك لن يساهم في حالة الانتعاش، بل إلى التراجع والبحث عن بدائل أخرى لا تستفيد منها خزانة الدولة، وهذا ما سينعكس سلبا على التوجهات القادمة، فمن الأفضل أن تكون أقل من ذلك ويتم تحصيلها بدلا من رفعها وتراجع دافعيها.

ثم إن هناك ضرورة لتدخل أيضا الدولة في لجم بعض المؤسسات الخاصة المعنية بتقديم عديد الخدمات للمواطن، من خلال تحديد بعض الأسعار والرسوم المبالغ فيها التي تدفع من قبل المواطن، وأن لا تترك دون متابعة مما يضاعف من تلك الأعباء التي نتحدث عنها.

الجميع يتفهم أن الدولة لن تكون الجهة الريعية دائما، وأن على المواطن أن يتحمل جزءا من ارتفاع تكلفة الحياة، لكن هناك أمرين علينا مراعاتهما، الأول لابد أن تكون هذه الحالة بالتدرج، والثاني من المهم أن تتم في حالة الاقتصاد المزدهر.