العرب والعالم

ترامب يروج لنظريات المؤامرة ..وبايدن يحاول إبراز التناقض بينه وبين خصمه

03 سبتمبر 2020
03 سبتمبر 2020

قبل ثمانية أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية..

ويلمينغتون (الولايات المتحدة)- (أ ف ب) - بعد يومين من زيارة دونالد ترامب لكينوشا، سيحاول الديمقراطي جو بايدن إبراز التناقض بينه وبين خصمه الجمهوري في السباق للرئاسة الأمريكية، عبر لقاء في المدينة مع عائلة جايكوب بليك الذي جرح برصاص الشرطة ما أدى إلى موجة غضب جديدة ضد العنصرية.

وفي العلن، يريد نائب الرئيس السابق باراك أوباما أن يزور المدينة الواقعة في ولاية ويسكنسن الأساسية في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الثالث من نوفمبر «لبلسمة جروح» كينوشا.

لكن الإشارة الواضحة هي أنه بعد أشهر من أقصى درجات الحذر بسبب وباء كوفيد-19 سيعود السياسي المخضرم إلى الساحة.

وكان بايدن (77 عاما) قام الإثنين بأول رحلة رسمية بالطائرة متوجها إلى بيتسبرغ في ولاية أساسية أخرى هي بنسلفانيا. وقد وافق الأربعاء على الرد على أسئلة صحفيين للمرة الأولى منذ أسابيع في معقله ديلاوير في ولاية واشنطن. أما خصمه الجمهوري، فيضاعف رحلاته قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية. وقد زار الأربعاء مدينة أخرى تحمل اسم ويلمينغتون في ولاية كارولاينا الشمالية. ويسخر ترامب (74 عاما) باستمرار من جو بايدن معتبرا انه «يفتقد إلى الحيوية».

وقال بايدن الأربعاء «أرغب في الخروج أكثر مما أفعل الآن لكن أعتقد أن أي رئيس يتحمل مسؤولية أن يكون نموذجا يحتذى به» عبر احترامه إجراءات الوقاية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.

وبعد مشاورات مع خبرائه الطبيين، قرر نائب الرئيس السابق التوجه إلى كينوشا الخميس.

وكانت هذه المدينة الواقعة على ضفاف بحيرة ميشيغن الكبيرة، شهدت الأسبوع الماضي أعمال شغب ليلية بعد إصابة الأمريكي الأسود جايكوب بليك بجروح خطيرة بسبع رصاصات أطلقها عليه شرطي أمام أبنائه، خلال توقيفه الذي تم تصويره في 23 أغسطس.

«إرهاب داخلي»

أججت هذه الصور موجة الغضب التاريخية ضد العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة.

وقال بايدن في مؤتمر صحفي نادر أمام بضعة صحفيين فقط وقفوا بعيدا على دوائر كبيرة رسمت على الأرض «يجب أن نبلسم الجروح».

وأكد عضو في فريق بايدن لوكالة فرانس برس أنه سيلتقي في كينوشا أقرباء بليك الذي يعالج في المستشفى وأصيب بشلل.

وبعد ذلك سترافقه زوجته جيل بايدن في محطة أخرى في ويسكنسن، لم تكشف بعد.

وكان ترامب أحدث مفاجأة في 2016 عندما فاز في هذه الولاية بفارق طفيف، بينما لم تقم منافسته هيلاري كلينتون بحملة فيها. لكن الأنظار موجهة هذه المرة إلى هذه الولاية.

ومع أنهم يدركون أهميتها، اختار الديمقراطيون أن ينظموا هذا الصيف مؤتمرهم لترشيح بايدن رسميا في كبرى مدنها ميلووكي. لكن المؤتمر جرى بالكامل عبر الانترنت بسبب انتشار كورونا.

وزار الرئيس الجمهوري الذي يكرر تأكيده «القانون والنظام»، كينوشا الثلاثاء. وقد تفقد مع تجار أنقاض المحلات التجارية التي أحرقت وشكر الشرطة ووصف التظاهرات العنيفة بأنها «إرهاب داخلي». لكنه لم يلتق أقارب بليك ولم يكلف نفسه عناء ذكر اسمه.

وبلغ التوتر أوجه في 25 أغسطس عندما أطلق شاب يبلغ من العمر 17 عاما النار من بندقية نصف آلية في ظروف غير واضحة على ثلاثة متظاهرين، ما أسفر عن سقوط قتيلين. وأدى اعتقاله في اليوم التالي إلى عودة بعض الهدوء الهش.

ورفض ترامب إدانة تصرفات هذا الشاب كايل ريتنهاوس الذي اتهم بالقتل العمد مع سبق الإصرار.

تبرعات شهرية قياسية

خلافا لمنافسه، يدين جو بايدن باستمرار «العنصرية المؤسسية» في الولايات المتحدة. وفي ما بدا ردا على الملياردير النيويوركي الذي يتهمه بالتراخي في مواجهة أعمال الشغب، انتقد أيضا لأيام عدة بحماس أكبر «العنف والحرائق وأعمال النهب».

ويتقدم المرشح الديمقراطي على ترامب في متوسط الاستطلاعات الوطنية، لكن الفجوة أضيق في الولايات الرئيسية.

وفي هذه الأثناء، أعلنت حملة بايدن أن المرشح الديمقراطي جمع تبرعات لحملته بقيمة 364,5 مليون دولار في أغسطس، محطما بذلك الرقم القياسي الشهري السابق، على الرغم من أن الجزء الأكبر من حملته جرى عبر الانترنت. وقال فريق حملته، أن بايدن جمع 364,5 مليون دولار في اغسطس، منها 205 ملايين عبر الانترنت.

وعبّر بايدن عن شكره لفريق حملته، موضحا أن «57 % من هذه الأموال جاء من تبرعات عبر الانترنت من اشخاص مثلكم دفعوا خمسة أو عشرة دولارات أو عشرين دولارا». ورأى أن ذلك يجعل من أغسطس «أفضل شهر لجمع التبرعات عبر الانترنت في التاريخ السياسي» الأمريكي.

وكان الرقم القياسي السابق سجله باراك أوباما والحزب الديمقراطي عندما جمعا في سبتمبر 2008 حوالى مائتي مليون دولار.

إلا أن بايدن دعا أنصاره إلى «مواصلة تحطيم الأرقام القياسية إذا كنا نريد فرصة كسب» الانتخابات.

«التلميحات إلى نظريات مؤامرة»

من جهته، يضاعف الرئيس دونالد ترامب التلميحات إلى نظريات مؤامرة على اختلافها، يتحدث بعضها عن مخرّبين غامضين على استعداد للقيام بأي شيء يمكن أن يضرّ به، قبل ثمانية أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وآخر نظرية نقلها الملياردير الجمهوري تشير إلى طائرة مكتظة بمثيري الاضطرابات أُرسلت بحسبه لبلبلة المؤتمر الوطني الجمهوري الذي عقد الأسبوع الماضي في واشنطن لتسميته رسميا مرشحا عن الحزب للبيت الأبيض.

وروى الإثنين متحدثا لشبكة فوكس نيوز «صعد أحد في طائرة أقلعت من مدينة في نهاية الأسبوع الماضي، وكانت الطائرة مكتظة وجميع ركابها تقريبا أوغاد يرتدون بدلات قاتمة اللون، بدلات سوداء مع تجهيزات وكل ما هنالك».

والثلاثاء تحدث أمام الصحفيين عن «طائرة مليئة بالكامل باللصوص والفوضويين ومثيري الشغب».

وأضاف «سأرى إن كان بإمكاني الحصول على المزيد من المعلومات من أجلكم»، كأنما للحفاظ على اهتمام جمهوريه، غير أنه لم يفعل ذلك.

ويذكر كلام الرئيس هذا بنظرية مؤامرة انتشرت على فيسبوك خلال الصيف.

وأكد ترامب في المقابلة ذاتها أن خصمه الديمقراطي جو بايدن الذي يتقدم عليه في جميع استطلاعات الرأي، هو دمية يحركها «أشخاص تجهلون وجودهم، أشخاص يعملون في الظل».

وردت الصحاية في فوكس نيوز لورا إنغرام «هذا أشبه بنظرية مؤامرة».

فردد ترامب الذي يترأس أكبر قوة في العالم «إنهم أشخاص لم تسمعوا عنهم أبدا».

وهذه الروايات عن رجال يرتدون ملابس سوداء وقوى غامضة تعمل في الظل وعلى استعداد للقيام بأي شيء لمنع إعادة انتخابه، هي من الأدوات التي يستخدمها ترامب لتأكيد التهديدات التي يقول إنها تتربص برئاسته.

مجموعة كيو إيه نون

بعض ما يقوله ترامب قريب من أفكار يروج لها أنصار «كيو إيه نون»، وهي مجموعة من اليمين المتطرف تطلق نظريات مؤامرة وحذر منها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).

والولايات المتحدة بحسب هذه المجموعة تديرها منذ عقود منظمة إجرامية تضم عائلات كلينتون وأوباما وروتشيلد وآخرين من «النخبة» العالمية، وهي منظمة تشن حملة استهداف ضد ترامب، الوحيد القادر على إعادة السلطة إلى الشعب.

وأغلق موقع تويتر مؤخرا آلاف الحسابات المرتبطة بمجموعة «كيو إيه نون» التي ازداد انتشارها وتتم مراقبتها عن كثب مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي.

وامتنع ترامب عن التنديد بالمجموعة، بل نوه بدعمها له قائلا الشهر الماضي خلال مؤتمر صحفي «لا أعرف الكثير عنهم. ما علمته أنهم يحبونني كثيرا، وهو أمر أقدّره».

ورأى ريتش هانلي الذي يدرّس الإعلام والاتصالات في جامعة كوينيبياك أن ترامب يستخدم وسائل تأثير تثبت فاعليتها بشكل متزايد.

وقال «إنه معزول بين الرؤساء الأمريكيين، إنما ليس بين العدد المتزايد من الأمريكيين الذين تستهويهم نظريات المؤامرة».

ومن غير المتوقع في ظل التوتر الذي يسود الولايات المتحدة حاليا، أن يتغير هذا التوجه في بلد مقبل على انتخابات رئاسية.

وحذر من أنه «أيا كان الفائز، سيكون الوضع أشبه بمهرجان لنظريات المؤامرة».