٢١
٢١
الاقتصادية

استمرار الضبط المالي وتحسين كفاءة تحصيل الإيرادات العامة من المصادر غير النفطية

03 سبتمبر 2020
03 سبتمبر 2020

منخفضا 460 مليون مقارنة مع نفس الفترة من 2019

الإنفاق العام يتراجع بنحو 460 مليون ريال في النصف الأول

تحليل - أمل رجب

بلغ حجم الإنفاق العام خلال النصف الأول من العام الجاري 5.714 مليار ريال مقارنة مع 6.174 مليار ريال خلال نفس الفترة من العام الماضي، وبذلك يصل حجم الترشيد المالي خلال النصف الأول من 2020 إلى نحو 460 مليون ريال، ويأتي الترشيد في إطار جملة من الإجراءات التي تستهدف تقليص الإنفاق العام وضبط المالية العامة، حيث أعلنت وزارة المالية أنها تستهدف خفض الإنفاق خلال العام الجاري بما لا يقل عن 10 بالمائة من حجم الإنفاق المعلن في موازنة 2020 وهو 12.9 مليار ريال بهدف التكيف مع تبعات التراجع الحاد في أسعار النفط منذ تفشي وباء كورونا المستجد. وحسب بيانات نشرها البنك المركزي العماني الخميس نقلا عن وزارة المالية، بلغ الإنفاق العام خلال الربع الأول من العام الجاري 2.652 مليار ريال، و3.062 مليار ريال في الربع الثاني، بينما بلغ إجمالي الإيرادات النفطية وغير النفطية 2.615 مليار ريال في الربع الأول و2.199 مليار في الربع الثاني من العام الجاري بإجمالي إيرادات عامة حجمها 4.814 مليار ريال خلال النصف الأول من هذا العام، بعد التحويل للصناديق الاحتياطية. ومن جانب آخر، أوضحت البيانات أن حجم العجز المالي في النصف الأول من العام الجاري سجل نحو 900 مليون ريال وهو مستوى منخفض للغاية نظرا للدعم الذي تلقته العائدات العامة من إيرادات استثنائية غير متكررة هي حصيلة تخصيص حصة في شركة نقل الكهرباء.

وخلال النصف الثاني من العام الجاري من المتوقع أن تتزايد الضغوط على المالية العامة نظرا لاستمرار أسعار النفط العالمية عند مستوى يقل عن كل من السعر المقدر لبرميل النفط في الموازنة العامة وسعر التعادل ما بين متوسط أسعار النفط وحجم الإنفاق، وبينما تلقت العائدات العامة دعما واضحا خلال النصف الأول من مستوى أسعار جيد للنفط خلال الربع الأول بنحو 64 دولارا للبرميل قبل أن تتهاوى الأسعار بسبب الجائحة، فضلا عن الدخل غير المتكرر من صفقة تخصيص شركة الكهرباء، يبدو المشهد مختلفا في النصف الثاني من العام، إذ تشير توقعات وزارة المالية إلى أن تأثير انخفاض أسعار النفط الذي تشهده الأسواق منذ فبراير الماضي، تنعكس على الميزانية العامة للدولة ابتداءً من الحسابات الشهرية لشهر مايو، ومن المرجح أن ينخفض متوسط سعر النفط السنوي للموازنة لهذا العام إلى 45 دولارا أمريكيا، مسببا عجزا ماليا قد يصل إلى أكثر من 4 مليارات ريال، مقارنة بما هو مقدر عند بداية العام الجاري بحوالي 2.5 مليار ريال.

وبالنظر إلى العام المقبل من المرجح أن تستمر الضغوط المالية نظرا لأن معدل الدين العام شهد بالفعل ارتفاعا خلال السنوات الماضية وبالتزامن مع ذلك زاد حجم فوائد القروض، وقد سجلت 265 مليون ريال في الربع الأول من العام الجاري و144 مليونا في الربع الثاني بإجمالي 409 ملايين ريال، وبلغت الفوائد عن العام الماضي بأكمله 683 مليون ريال، وللتكيف مع هذه الأوضاع اتخذت السياسات المالية خلال الفترة الماضية العديد من الإجراءات حفاظا على سلامة الأوضاع المالية وتم توحيد كافة الاستثمارات المالية تحت مظلة جهاز الاستثمار العماني، ووجهت وزارة المالية الوزارات والوحدات الحكومية إلى إعادة ترتيب أولويات الإنفاق بما ينسجم مع الموارد المالية المتاحة وعدم افتراض أي توسع في ميزانياتها والالتزام التام بتوجيهات الحكومة الرامية إلى خفض مستوى الإنفاق العام للحد من تنامي العجز المالي، وتضمنت التوجيهات أن تكون الأسس الرئيسية لإعداد ميزانية 2021 هي أن تكون الموازنة وفقا للإطار المالي للخطة الخمسية العاشرة وتحديد سقف للموازنة لكل جهة بحيث لا يتم تعدي الموازنة المعدلة لعام 2020، والاستمرار في تطبيق الإجراءات الهادفة إلى ترشيد الإنفاق ورفع كفاءته، والسيطرة على العجز والمحافظة على مساره النزولي، مع استمرار تقديم الخدمات الحكومية الأساسية ذات الأولوية للمواطنين مثل خدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، وخلال الأسبوع الماضي أصدرت وزارة المالية منشورا يؤكد على الالتزام التام من قبل جميع الجهات الحكومية المدنية والأمنية والعسكرية بتطبيق مركزية الإيرادات العامة للدولة وتحصيل كافة إيرادات الجهات الحكومية المدنية والعسكرية والأمنية مباشرة في حساب وزارة المالية في إطار جهود الضبط المالي وتحسين كفاءة تحصيل الإيرادات العامة من المصادر غير النفطية.

وبينما يتواصل التذبذب في أسواق النفط بما له من تأثيرات سلبية على العائدات العامة، فإن استدامة المالية على المديين المتوسط والطويل شديدة الارتباط بنجاح جهود الضبط المالي وزيادة كفاءة الإنفاق الحكومي، والأهم تطورات الاقتصاد الكلي والمدى الذي يمكن أن يصل إليه نجاح تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية وتنويع الاقتصاد وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فضلا عن ما سيتم تنفيذه في برنامج التخصيص الذي سبق الإعلان عنه من قبل الحكومة العمانية والذي يستهدف شركات في قطاعي النفط والكهرباء بشكل خاص، حيث ستكون هذه التطورات كلها ذات تأثير كبير على النمو الاقتصادي بشكل عام وحجم الإيرادات المتحققة من القطاعات غير النفطية بشكل خاص.