أعمدة

فضاء أوسع للمحافظات

31 أغسطس 2020
31 أغسطس 2020

سالم بن حمد الجهوري

العام المنصرم تطرقنا إلى عمود حول أهمية التركيز على المحافظات، لاعتبار أنها أساس التنمية التي يمكن أن تتعاظم بالتنافس بينها. وقدر لهذا الوطن قبيل أسابيع، أن تقدم هذه الفرصة لهذه المحافظات لممارسة دور أكبر لها لتحقق أهدافها المؤجلة، والتي أولها خدمة المواطن وتوفير سبل العيش الكريم الأفضل له، من بنية أساسية تستطيع أن تستوعب المستقبل، وإيجاد فرص عمل لأبنائها عبر بوابة تطوير الأعمال ودعم القطاع الخاص الشريك الأساسي في هذا البناء. هذه الأمنية تحققت مع الرؤية الجديدة للدولة التي يتبناها جلالة السلطان ودشنها بأول خطوة وهي دعم المحافظات بـ ١٠ ملايين ريال، والتي يراد لها أن تطلق الطاقات لدى الجميع من مواطنين ومسؤولين لبناء محافظاتهم بشكل أفضل وتعظيم المكاسب المتنوعة إلى أخرى مضاعفة. وقد يسأل سائل لماذا هذا الاهتمام بالمحافظات خلال المرحلة المقبلة؟ لأن المحافظات هي ركائز الدولة جغرافيا وتاريخيا واقتصاديا، ولأنها هي أساس التنمية التي لا تتحقق إلا بالتنافسية بينها والتي ستدير شؤونها تدريجيا خلال المرحلة المقبلة لتطوير نفسها ذاتيا وتعظيم مواردها ورفع مستوى الخدمات فيها وتعزيز البنى الأساسية. يمكن للمحافظات الأحد عشر أن يكون وضعها خلال السنوات العشر القادمة مختلفا كليا عن الوضع الراهن، ويمكنها أن تنشئ لها خارطة طريق بدءا من العام القادم لتحقيق أهدافها الاستراتيجية التي تنضوي تحت تطلعات وخطط وبرامج الحكومة. وهذا ما سيخلق دافعية التنافس بينها وسيظهر إمكانيات كل منها بعد هذه الفترة لمعرفة الفارق فيما تحقق بينها. ونعتقد أن عليها أن تستعد من الآن لتضع لنفسها أهدافا شاملة تسعى لتحقيقها زمنيا ومكانيا، تشمل كل ما يمكن أن تستفيد منه المحافظة على مسارات الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية والمائية والصيد والموانئ والمطارات والتعدين والنفط والسياحية والطرق والرياضة والفعاليات الموسمية والتي كلها يمكن أن تحقق مكاسب مالية تعزيز من دورها التنموي وتستطيع أن تغطي نفقاتها لتعكس قدرتها على تعظيم تلك الموارد. ثم يأتي العنصر البشري من خلال أبنائها الذين يمكن أن يكونوا هم الرقم الأهم في مسيرة محافظتهم التي تضم بالتأكيد العديد من المبدعين. وفي خطوة توسعة صلاحية المحافظات، يعني الكثير من التحديات والطموحات والتركيز على ضرورة أن تكون محافظتهم في الطليعة وهذا ما سيوقد جذوة المنافسة كحال المدن في الدولة الواحد على مستوى العالم. وهنا يبقى المواطن هو المحور الأساسي في هذه العملية وبدونه سنفقد بوصلة التنافسية والتجويد والتطوير والتميز وهذا ما يجب التركيز عليه. لذلك لابد من اختيار دقيق لفرق العمل التي ستتولى محورية الأداء في هذه التجربة الفريدة التي انتظرناها كثيرا حتى تحققت. والمراد منها أن تخفف مركزية الإجراءات إلى مشاركة أوسع للمحافظة في تبسيط تلك الإجراءات وتقليصها والحد منها في إطار الوعاء الحكومي، وأن يظهر دور المحافظ بشكل أكبر في تسيير دفة العمل والتقليل من الصعوبات والإجراءات والروتين الذي أعاق الكثير من الأحلام والتخلص من الفئة المعطلة لمسيرة التنمية والتطوير وإيجاد مفهوم عصري آخر أكثر تقدما ليستطيع أن ينقل تلك الأحلام إلى واقع ينعش العديد من الولايات التي تراجع فيها التطور والنمو منذ سنوات. اليوم تتاح لها تلك الفرصة العصرية والمبادرة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة إلى آفاق اكثر واقعية وأكثر قدرة على تقدم المحافظات بكل ما لديها من إمكانيات، لنشهد في السنوات العشر القادمة روحا جديدة تفرض إيقاعها بالإبداع والابتكار وأن تستفيد من خبرات العالم في التطوير الشامل وبناء المدن.