oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الشباب والتفاعل مع شروط العصر

24 أغسطس 2020
24 أغسطس 2020

لعل من أبرز النقاط التي ينبغي التوقف عندها عندما يكون الحديث عن الشباب، هي مسألة امتلاك العقل الناقد، والقدرة على رؤية الطريق الأفضل من بين مجموعة مطروحة من الحلول أو الخيارات، إذ أن ذلك النوع من التدقيق أو الوعي يُمكِّن من بناء الفرص المستقبلية الأفضل التي تساهم في جني الثمرات، فللحياة كما للكون قانونها الذي يقوم على الدقة والانتظام، الذي ينعكس في الممارسات البشرية من خلال فنون التخطيط والاستراتيجيات وغيرها من العلوم التي تساعد في بناء الذهن العلمي والمعرفي القادر على إعطاء شرارة العطاء جذوتها المستمرة.

إن التعويل على الشباب وهم جيل اليوم وأمل المستقبل في صناعة الحياة الأفضل، يعني أننا نعطيهم الفرص الكافية للتعبير عن ذواتهم والقدرة على مواجهة التحديات، بيد أن الجانب الأهم من ذلك هو ذلك العقل الوقاد، تلك القدرات المتصلة بحاجيات الحياة والعصر ومهارات الفرز والغربلة للوصول إلى المفيد والمختصر.

وعندما يكون الربط بين مفهومي الثقافة والرياضة والشباب فنحن نعني التكاملية ما بين الذهن والبدن، بحيث يكون ثمة خط منتظم ما بين الروح والجسد في القدرة على التفكير السديد وتهيئة الطاقات والحيوية في سبيل كل ما يخدم الإبداع والعطاء الإيجابي ويخرج ما تزخر به النفس الإنسانية من إمكانيات مدخرة لا حصر لها، إذ أن طاقة الإنسان وحيويته لا حد أقصى لها سوى الرغبة والمثابرة واكتساب المزيد من الخبرات، من خلال الاحتكاك بتجارب الآخرين والقراءة وكافة وسائل ووسائط الوعي الإنساني المتجدد بأدوات عديدة في هذا العصر الذي يتسم بالمعارف المتعددة والتنوع في مشارب التلقي وتحريك الذهن للاكتشاف والإبداع.

إن الحديث عن تمكين الشباب أو الأجيال الصاعدة لا بد أن يأخذ بهذه المعاني في الاعتبار من ضرورة أن يعاد تعريف الأدوار للعقل والثقافة والرياضة ومجمل هذه الأفكار، بحيث تعمل في تشابك يعطي الرسالة الكلية المنشودة في إطار مشروع النهضة العمانية وتجددها باتجاه الانفتاح إلى العصر والحداثة والكثير من القيم الإنسانية الجديدة، مع الحفاظ في الآن نفسه على التقاليد الأصلية والمتوارثة التي طالما كانت تمثل روح الإنسان وتعكس الارتباط بالجذور.

سيكون على الشاب اليوم الانتباه للتاريخ في كونه مرآة لصورة الأمس التي عليه أن ينظر فيها لكي يرى كيف يمكن الانطلاق لتشذيب صورة الراهن، بهدف بناء المستقبل المشرق، لأن أي تطور أو تقدم إلى الأمام لا يمكن أن يتم بمعزل عن تأمل واتصال مع الأمس، فالحضارة والنهضة ومثل هذه المفاهيم تعني أول ما تعني ذلك التواصل المستمر للتجارب الإنسانية وتناقل خبرات الأجيال بعد أن تكون قد خضعت لشروط المرحلة الجديدة والغايات المنشودة في زمن لاحق.

إننا باختصار نتكلم عن أدوات عصرية وشروط متصلة بين التاريخ واللحظة المعاصرة، نصور لغة التاريخ والثقافة والحضور الآني للتقنيات والعصر، بحيث نشكل من كل ذلك نسيج الأمل للبناء والتنمية الشاملة والأفق الجديد.