Untitled-9
Untitled-9
الاقتصادية

إعادة الهيكلة: خبراء يتوقعون انعكاسات إيجابية على الاستقرار المالي وتنويع مصادر الدخل ودعم النمو

23 أغسطس 2020
23 أغسطس 2020

استطلاع : أمل رجب :

تضمنت المراسيم السلطانية السامية التي قضت بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة الكثير من المتغيرات التي تمثل منطلقًا للتغلب على التحديات المالية والاقتصادية الناتجة عن أزمة التراجع الحاد في أسعار النفط وتبعات تفشي جائحة كورونا، التي أثرت على العديد من الجوانب، منها حجم العائدات العامة ومعدل النمو الاقتصادي والتوظيف، ويتوقع خبراء اقتصاديون ومهتمون بالشأن الاقتصادي أن إعادة هيكلة الجهاز الإداري التي تمهد للرؤية المستقبلية عمان 2040 والخطة الخمسية العاشرة ستكون لها انعكاسات إيجابية عديدة على الجانبين المالي والاقتصادي خاصة في جانب ترشيد الإنفاق العام ورفع كفاءته وإيجاد تنوع مستدام في روافد العائدات العامة من خلال زيادة حجم الاستثمارات ورفع الحصيلة الضريبية والجمركية، وتحسين مصادر الإيرادات الذاتية للخزينة العامة عبر حوكمة المشاريع الحكومية وتوزيعها على محافظات السلطنة بعدالة وكفاءة وفاعلية، مؤكدين أن نجاح التنوع الاقتصادي والتوازن ما بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية يعدان من الأولويات في كافة الخطط والرؤى الاستراتيجية التي تسعى إلى تحقيق الطموحات الوطنية من استقرار مالي واستدامة للنمو وتوفير فرص العمل.

وقال المهندس الدكتور رضا بن جمعة آل صالح عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان: إن التسارع الكبير في جهود المراجعة الشاملة التي تتم حاليًا بدءًا من توحيد الاستثمارات الحكومية ووصولًا إلى إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة والدمج بين العديد من الوحدات ستكون له انعكاسات إيجابية عديدة على دعم النمو الاقتصادي والوصول إلى الاستقرار المالي من خلال رفع كفاءة الأداء وتحديد الأولويات وضبط الإنفاق العام وزيادة تنويع مصادر دخل السلطنة، فضلا عن أن وجود جهاز إداري مرن وفعال يساهم في رفع تنافسية بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات للمشروعات ذات المساهمة الجيدة في النمو الاقتصادي، وهو ما من شأنه المساهمة في تحقيق التنمية الوطنية المستدامة والحفاظ على الاستقرار واستدامة الوضع المالي خاصة أن جائحة كوفيد 19 قد أثرت كثيرًا على الاقتصاد المحلي والعالمي، مما أدى إلى إيقاف العديد من الأنشطة الاقتصادية في مختلف القطاعات وتأثر أداء المؤشرات الاقتصادية سلبًا، وقد تكبدت العديد من المشروعات والأنشطة الاقتصادية خسائر كبيرة، ولكن بفضل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان -حفظه الله- استطاعت السلطنة تجاوز تلك المرحلة، وقد تم فتح الأنشطة تدريجيًا، وبدأ الحراك الاقتصادي في جميع محافظات السلطنة مع الالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية مما يرفد الاقتصاد الوطني ويساهم في انتعاشه، ونحن على يقين أن السلطنة ستتخطى هذه المرحلة، ويعود النشاط الاقتصادي أقوى مما كان سابقًا بفضل العديد من الإجراءات التي تضمنتها إعادة الهيكلة ومنها دمج العديد من الوحدات الحكومية وإنشاء هيئة خاصة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، كما تعد وزارة الاقتصاد من المستجدات المهمة من حيث وجود جهة تتولى اقتراح السياسات والبرامج الاقتصادية ودراسة وتقييم أداء القطاعات الاقتصادية وتحديد ما يلزم من اقتراحات لتطوير وتنمية الأداء ووضع معايير لتحديد أولويات مشروعات التنمية وتحقيق التوازن بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي للتنمية فضلًا عن متابعة تنفيذ السياسات والبرامج والأنشطة الاقتصادية بالتنسيق مع الجهات المعنية وإقرار مشاريع الخطط الخمسية وإجراء تقييم دوري للسياسات والرؤى المستقبلية والتوجهات العامة والخطط الخمسية مع مراعاة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والعمل على رفع تنافسية السلطنة.

ومن جانب آخر، أشار آل صالح إلى أن إعادة الهيكلة تعكس اهتمام السلطنة بتعزيز الكوادر البشرية وتنمية وتحسين مهارات الأفراد من الموظفين وتعزيز انتمائهم للمؤسسة، وفي هذا السياق ستكون وزارة العمل منصة موحدة للعاملين في القطاع العام والخاص وستقدم خدماتها بشكل متكامل للباحثين عن عمل من جهة وأصحاب الأعمال من جهة أخرى، وستتولى توفير فرص العمل المتاحة في جميع القطاعات، والتركيز على تعمين الوظائف التي من شأنها التقليل من نسبة الباحثين عن عمل وتوفير قاعدة بيانات تسهل لأصحاب الأعمال الوصول لبيانات الباحثين عن عمل بكل سهولة، مما يسهل آلية التواصل بين الطرفين في حالة توفر الفرص الوظيفية، كما تلعب الفرص التدريبية دورًا مهمًا في صقل مهارات الباحثين عن عمل، مشيرًا إلى قضية الباحثين عن عمل تعد أحد أهم القضايا التي تعمل السلطنة على إيجاد الحلول لها، كما سيكون لنظام الأمان الوظيفي مساهمة فعالة في خدمة القوى العاملة الوطنية بتوفير المنفعة لمن يفقدون أعمالهم لفترة زمنية محددة، حيث وجد النظام الدعم السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه-، بالإضافة إلى مبادرة العديد من الجهات ومجتمع الأعمال، ونأمل أن يقوم النظام بالدور والأهداف المرجوة من تأسيسه، التي بدورها تخفف العبء على المواطن، ودفعه للمضي قدمًا لاتجاهات تخدم التنمية الوطنية.

ومن جانبه، أوضح ذياب بن خلفان السيابي المدير التنفيذي بشركة التواصل للخدمات المالية والاستثمارية أن المراجعة الشاملة وإعادة هيكلة الجهاز الإداري تمهد لانطلاقة الخطة الخمسية العاشرة والرؤية المستقبلية عمان 2040 وتتيح تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية طويلة المدى والوصول إلى تحقيق تحسن كبير في الملفين المالي والاقتصادي عبر ترشيد الإنفاق العام وزيادة كفاءة الاستثمارات الحكومية وتعزيز النمو والتنويع الاقتصادي، وكل ذلك يعد ضمانة للاستدامة المالية عبر وجود روافد متعددة للعائدات العامة، وهو أحد أهم الأهداف التي تسعى إليها السلطنة، إذ يرتبط ذلك بأولويات وطنية مهمة مثل: الاعتماد على التنويع الاقتصادي كمصدر نمو للناتج المحلي وتوفير فرص العمل، مشيرًا إلى أنه حين نتحدث عن تبعات الأزمة التي نتجت عن تراجع أسعار النفط وتفشي كورونا، فإن الأمر لا يقتصر على العجز المالي وتراجع العائدات بل إن من أهم التبعات هو قضية التوظيف، والفرصة سانحة الآن لدعم التوظيف عبر مشروعات التنويع الاقتصادي وأيضًا لإحلال الكثير من العمانيين في جميع القطاعات بناء على خطة واضحة لدى الحكومة للإحلال والتوظيف ويتم تقييم هذه الخطة بشكل مستمر بناء على نتائجها، وهذا ما نأمل أن تقوم به وزارة العمل التي آلت إليها مهام اقتراح السياسات والخطط المتعلقة بالتوظيف في القطاعين العام والخاص والسياسة العامة للقوى العاملة وتنفيذ الخطط والبرامج اللازمة لتوطين الوظائف المشغولة بغير العمانيين في القطاعين العام والخاص ومتابعة تنفيذها مع متابعة خطط وبرامج التدريب والتأهيل وتنظيم احتياجات القطاع الخاص من القوى العاملة الوافدة ووضع الضوابط لترشيد استقدامها. وأضاف: إن جوانب الاقتصاد كلها تعد شديدة الترابط مع بعضها البعض، وكان تنامي عدد الباحثين عن العمل في السنوات الأخيرة نتاج عن تراجع الأوضاع الاقتصادية في بعض القطاعات وتباطؤ عجلة التوظيف ومعالجة هذه الأزمة مطلبا وطنيا عاجلا لما لها من تداعيات مالية واجتماعية على الأفراد والمجتمع بالدرجة الأولى، وعلى الجوانب المالية والاقتصادية في البلاد، ومع وجود البدائل والإرادة الجادة والتخطيط السليم نستطيع أن نتجاوز هذا المنحنى بشكل سريع، وهذا يبدو جليًا من خلال سعي الحكومة من خلال حزمة الإجراءات التي اتخذتها منذ مطلع العام الحالي لإيجاد الإطار المناسب للانطلاق نحو تحقيق أقصى استفادة من الأيدي العاملة الوطنية وتطويرها بل وحمايتها حال انتهاء الخدمة بإيجاد نظام الأمان الوظيفي الذي سيوجد نوعا من الاطمئنان والاستقرار لدى العاملين في القطاع الخاص في ظل التقلبات الاقتصادية لإيمان الحكومة العميق بقدرات القوى العاملة الوطنية وكفاءتها وبانعكاس ذلك على جانب من الاقتصادي العماني بشكل مباشر من خلال دوران السيولة النقدية محليًا وضمان عدم خروجها من السلطنة وتأهيل القوى العاملة الوطنية وضمان تطورها المستمر في السلم الوظيفي.

وقالت الدكتورة بدرية بنت ناصر الشماخية -أكاديمية وباحثة في الشؤون المالية والاقتصادية-: إن الفترة الماضية شهدت جهودًا كبيرةً لتنويع وتنشيط الاقتصاد، والاستفادة من موقع السلطنة الاستراتيجي وتنشيط حركة الموانئ والشحن البري والبحري الذي سيوجد بحد ذاته رواجًا اقتصاديًا يساهم في التغلب على مختلف الأزمات، وجاءت إعادة الهيكلة الأخيرة للجهاز الإداري للدولة لتضع أسسًا قويةً لزيادة كفاءة الأداء المؤسسي للجهات والوزارات الحكومية، وقد شملت إعادة الهيكلة غالبية مكونات الجهاز الإداري للدولة بما في ذلك وزارات معنية بالشأن الاقتصادي مثل وجود وزارة للاقتصاد ووزارة للعمل ودمج قطاع التعدين ضمن وزارة الطاقة والتعدين، ومع توجه الحكومة العمانية لمزيد من تعزيز التنوع في مصادر الدخل هناك قطاعات عديدة يمكن أن تساهم في تعزيز التنويع الاقتصادي ورفد خزينة الدولة مثل: التعدين والبتروكيماويات والصناعات التحويلية، بالإضافة إلى دورها في خلق الوظائف، كما شهدت السنوات الماضية زيادة في مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي وتنويع العائدات العامة وهو دور يمكن أن يتزايد أكثر نظرًا للعديد من المقومات الجاذبة مثل تاريخ السلطنة وتراثها الثري وموقعها الجغرافي وأيضًا تنوع المناخ والتضاريس.

وأكدت على أنه بالإضافة إلى إمكانية تنويع الدخل من مختلف المشروعات والقطاعات الاقتصادية فإنه في ظل الرؤية 2040 والنطق السامي الذي أكد على أهمية دور الشباب وكونهم ثروة الأمم، لابد من زيادة الدور الذي تلعبه ريادة الأعمال في إطار الوصول لاستدامة النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، وذلك عبر تقديم الدعم إلى فئة الشباب في مجال ريادة الأعمال والابتكار، فعلى الرغم من كل الجهود المبذولة في تشجيع هذا الجانب، نحن بحاجة للمزيد من المؤسسات التي تدعم هذه المشروعات الابتكارية مع سن قوانين تحمي حقوق المبتكرين، كتسجيل وتثبيت الأفكار الابتكارية.

وأنا هنا لا أتحدث عن براءة الاختراع إنما عن ابتكارات الشباب التي تبدأ كفكرة تقوم على أسس علمية واضحة ثم بالدعم والتبني تتحول إلى منتج مستهلك وناجح. وأضافت: إن ملفات مثل: النمو والتنويع الاقتصادي وتعزيز ريادة الأعمال ذات صلة وثيقة بواحدة من أهم القضايا لدى المجتمع العماني حاليًا، وهي الباحثون عن عمل وها نحن الآن نشهد الكثير من بوادر الأمل لحل هذه القضية، ولعل أبرز هذه المبادرات هي إنشاء نظام الأمان الوظيفي، ومن جانب آخر ففي الوقت الحالي وبعد أزمة تراجع النفط وتبعات تفشي جائحة كوفيد 19 هناك عدد كبير من الأيدي العاملة الوافدة يشغلون وظائف تتناسب مؤهلاتها مع الكثير من الباحثين من أبناء هذا الوطن، ونحتاج خطوة جريئة نحو الإحلال الذي يجب ألا يكون فقط عن طريق فرض نسب معينة جبرية أو وظائف ومهن معينة، بل بجعل العمانيين أكثر جاذبية لسوق العمل من خلال اكتساب مهارات وسلوكيات تجعل أمر توظيفهم محببًا ومجديًا اقتصاديًا، وهنا ينبغي على مؤسسات التعليم العالي وأيضًا وزارة التربية والتعليم المبادرة بتخصيص مناهج لتعليم مبادئ ريادة الأعمال والتشجيع على الابتكار ابتداء من المدارس إلى الكليات والجامعات، بالإضافة إلى إعادة النظر في مناهج العلوم الحالية لجعلها أكثر ربطًا بالتطور العلمي وبتقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل: علوم تقنيات النانو وكيفية إدخال التطبيقات النانونية في الصناعة وإعداد المعلمين وتدريبهم على تطبيقات هذه التقنية لتتماشى مع التطور التقني والعلمي السريع والتنافس بين الدول. وبالتأكيد فإن هناك أهمية كبيرة لوجود قاعدة بيانات متينة خاضعة للتجديد المستمر حول احتياجات سوق العمل من التخصصات والمهارات، وأيضًا إيجاد قنوات جيدة للتنسيق ما بين سوق العمل ومؤسسات التعليم العالي، ونأمل أن وزارة العمل ستكون بمثابة منصة واحدة للتنسيق مع بقية المؤسسات المعنية من أجل ربط مخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل، والتركيز على تنمية مهارات الباحثين عن عمل وتعزيز قدراتهم للمنافسة في سوق العمل.

ويتوقع درويش بن سالم الكيومي عضو المجلس البلدي بولاية السويق أن إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة ستحقق نقلةً كبيرةً على مستويات عديدة فما تم من إعادة تنظيم للوزارات والهيئات الحكومية سوف يساعد في مزيد من الترشيد المالي وتخفيف أعباء الموازنة وسيقود إلى تحقيق كفاءة كبيرة في الأداء الحكومي وتوزيع المشروعات الحكومية في كافة المحافظات مع حوكمتها بما يضمن رفد خزينة الدولة بمزيد من العائدات، بما يرتبط بذلك من تسهيل وتسريع الخدمات سواء للمواطن أو المستثمرين ويعني ذلك تحسنا كبيرا في بيئة الأعمال ورفع تنافسية السلطنة مما يزيد من جاذبية الاستثمار في السلطنة وجلب مزيد من المستثمرين وهو ما يعني زيادة عدد الشركات الجديدة وتوسع الشركات والكيانات الاقتصادية القائمة بكل ما يرتبط بذلك من منافع مثل رفد خزينة الدولة بالعائدات الضريبية والرسوم الجمركية.

وتنشيط التوظيف وتشغيل الباحثين عن العمل سواء كان بالهيئات والدوائر الحكومية المدنية والعسكرية وبالقطاع الخاص، وإنشاء قاعدة بيانات مخصصة لكافة الباحثين عن الوظيفة من القوى العاملة الوطنية.

ونأمل أن زيادة النمو الاقتصادي وتوسع مشاريع التنويع الاقتصادي سيكون لهما دور بارز في توظيف الأعداد المتوقعة من الباحثين عن العمل من خلال الوظائف التخصصية التي يحتاج لها سوق العمل سواء كانت المشروعات بالقطاع العام أو الشركات الحكومية والشركات الخاصة ونأمل في كل القطاعات التنموية والاقتصادية بالسلطنة أن تكون الأولوية في التوظيف للكوادر الوطنية كلا في مجال تخصصه الوظيفي.