عبدالله الشعيلي
عبدالله الشعيلي
أعمدة

نوافذ: حرب التطبيقات الناعمة

16 أغسطس 2020
16 أغسطس 2020

عبدالله بن سالم الشعيلي

@ashouily

حرب كلامية نشبت بين الرئيس ترامب وتويتر، التطبيق الأشهر على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي وعلى مستوى شبكات الإنترنت في كل أنحاء العالم، فحوى حرب الرئيس والتطبيق تكمن في قيام التطبيق بوضع إشارة عنف على تغريدة للرئيس وهو ما حدا بالرئيس إلى التلميح بإمكانية إلغاء حماية مواقع التواصل من مسؤولية ما ينشره مستخدموها، اشتعلت بعدها حرب أخرى بين مرتادي مواقع التواصل بين مؤيد ومعارض لقرار الرئيس أو لقرار التطبيق.

هذه حالة من حالات الحروب والتراشقات والملاسنات الناعمة التي تحصل كل يوم على شاشات الهواتف النقالة وفي التطبيقات الذكية، وهي حالة من حالات الحروب الناعمة التي تستخدمها الدول والمنظمات والمؤسسات للتأثير على الأفراد والمجتمعات لتعديل آرائها وسلوكياتها واتجاهاتها لتغيير معتقداتها وعاداتها وثقافاتها.

هذه الحرب هي ما اصطلح على تسميته بالحرب الناعمة تمييزا لها عن حروب الجيوش بالدبابات والقنابل والصواريخ، وسلاحها في ذلك وسائل الإعلام ووسائل التواصل الثقافي والاجتماعي والبعثات الطلابية وغيرها من الوسائل، ولعل أبرز سلاح تم استخدامه في هذه الحرب في عصر الإنترنت والفضاء المفتوح هي التطبيقات الذكية التي باتت اليوم أحد أهم أسلحة الحروب الناعمة وأخطرها على الإطلاق.

الفضاء الإلكتروني اليوم مزدحم بكثرة التطبيقات الذكية التي تحاول الترويج لثقافات وأفكار وقيم ومعتقدات البعض منها يهدف إلى الربح المادي والبعض الآخر هدفه التأثير على الأفراد والمجتمعات من خلال غرس مفاهيم وقيم جديدة لم تكن موجودة من قبل في بعض المجتمعات ويشرف على هذه التطبيقات الذكية ويوجهها جنود إلكترونيون يعكفون على تحليل وبرمجة واستقصاء وتتبع ما يبث وينشر في تلك الفضاءات، وفي المقابل هناك جنود إلكترونيون على جبهات القتال الأخرى يحاولون صد الضربات الموجهة لهم.

لم نكن حتى وقت قريب نسمع بما يسمى بالجيوش الإلكترونية ولا حتى بالذباب الإلكتروني أو الذئاب الإلكترونية المضادة لها ولم نكن نسمع بمجالس الدفاع الإلكترونية ولا بالحروب الإلكترونية التي تشنها بعض الدول على البعض الآخر باستخدام أساليب ووسائل التجسس الإلكتروني والاختراقات والتلصص على بيانات المشتركين وغيرها من الوسائل التي يجرمها القانون وتعد من الانتهاكات لحقوق الإنسان الشخصية غير أن هذه الحروب حالها حال الحروب الأخرى لا أخلاقية فيها ولا تراعي حقوق الإنسان.

هذه الحروب الإلكترونية هي شكل من أشكال الحرب الناعمة الخبيثة التي تقوم على الاستفزاز وبث الأخبار الكاذبة وإشاعة الفرقة والشتات بين الناس وتفتيت وحدة الدول ونشر الخوف والذعر بين الناس غير أن هذه الحرب قد تنتج أشكالا حميدة من الحروب الناعمة تقوم على نشر الوعي والمعرفة والثقافة والتعريف بمكنونات وتراث وأصالة مجتمع من المجتمعات ودولة من الدول ويسهم مثل هذا النوع من الحروب الحميدة في بث قيم السلام والأمن والمصالحة بين شعوب العالم قاطبة.

أردت هنا الإشارة إلى موقعنا نحن من هذا النوع من الحروب ومدى استثمارنا فيه لتعريف العالم على ثقافتنا وهويتنا وتاريخنا وتراثنا الحضاري المادي وغير المادي بكافة اللغات والألسن ونقل تجاربنا في السلم والأمن والتعايش والانسجام إلى العالم أجمع، وسوف أشير هنا إلى ضرورة ولوجنا إلى هذا العالم والدخول فيه بقوة بإنشاء مواقع وتطبيقات وإرسال رسل سلام إلكترونية لتعرف العالم علينا وتعرفنا بالمقابل على العالم الآخر.