salimm
salimm
أعمدة

مواسم الخير

23 يوليو 2020
23 يوليو 2020

سالم الحسيني -

نتفيأ هذه الأيام والليالي المباركة روحانيات العشر من ذي الحجّة التي أقسم الله سبحانه وتعالى بها في كتابه العزيز: (وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْر)، وما تشتمل عليه من يوم عرفة؛ ويوم النَّحر وما ورد عن فضلهما من أحاديث، فعلينا أن نعظّم ما عظّم الله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، فنتقرب إليه سبحانه بشتى صنوف العبادات والطاعات والإكثار من الصدقات والاستغفار، ونسأل الله سبحانه أن يرفع عنا وعن الأمة هذا الوباء الذي عمّ وطم على البشرية جمعاء، فإن هذه هي مظنة استجابة الدعاء ورفع الضراء، وهي من أهم المواسم التي يجب علينا أن نحرص على استغلال أوقاتها في طاعته ورضوانه حيث الأجور المضاعفة التي نحن في أشد الحاجة إليها في زمن طغى فيه حب الدنيا واللهاث وراء مغرياتها على النفوس، التي آثرت ذلك على النعيم المقيم الذي أعده الله سبحانه لأصحاب النفوس الطاهرة السخية المسارعة إلى البذل بسخاء على المساكين والفقراء والتزود بزاد التقوى لبلوغ الدرجات العلى. فشتان بين من يعيش لدنيا تأسر نفسه لدرجة التقديس يسعى بكل ما أوتي من قوة التشبث بها، فلا يقيم للدين ولا للقيم والأخلاق والمثل والأعراف الحميدة وزنا ولا قيمة، ولا يرعى في الله إلاّ ولا ذمة، بل يسعى لأن يوالي من حادّ الله ورسوله ويسعى في الأرض فسادا مغرورا بما آتاه الله من تمكين في الأرض ناسيا بل متناسيا، أن حق التمكين إقامة شعائر الدين والسير على نهج المتقين.. (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).

والمتأمل في سير الأولين والآخرين يدرك تماما أن التاريخ قد أنصفهم فإما يكونوا أعلاما بارزين قدموا لهذا الدين ولأمة الإسلام وللإنسانية جمعاء ما يجعلهم في موازين البشر يتبوأون المكانة العظيمة والمنزلة السامقة فخلد التاريخ سيرتهم بأحرف من نور وعند الله الجزاء الأوفى، وفريق تمرد واستكبر ووجد من الأعوان من يشد أزره ويزيّن له الباطل ويسوّغ له الموبقات على أنها من أقرب القربات، ولا يزال به حتى يرديه إلى أسفل سافلين ورمى به التاريخ إلى مزبلته فخسر الدنيا والدين. وقد وصف الله سبحانه وتعالى هذه الدنيا بدار الغرور ووصفها بدار الشقاء ودار الفناء وحذر منها وأنذر. ووصف الدار الآخرة بدار البقاء والنعيم المقيم الذي لا يفنى ولا يزول. والناظر إلى الدنيا يجد الناس فيها على مذاهب ومشارب شتى فمنهم من اتخذها قنطرة عبور إلى الدار الآخرة، ومنهم من اتخذها مغنما وفرصة سانحة لإشباع شهواته ورغباته، وكلا الفريقين يسعى نحو هدفه سعيا حثيثا، لكن السعيد من وفّق للهداية وحسن الخاتمة، والشقي من اتبع هوى نفسه، وأطاع أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد.. نسأل الله حسن الخاتمة إنه سميع مجيب.