الثقافة

مدير معهد الواصل لتعليم اللغات: طموحنا يمتد إلى تدريس الأقليات اللغوية في عمان

18 يوليو 2020
18 يوليو 2020

  • هلال الحجري: سنغطي مساحة غير مطروقة في المؤسسات التعليمية العليا
  • اخترنا قرية الواصل على اعتبار أنها من القرى التي تخف فيها مشكلة الاختلاط اللغوي
  • نفتقد الدعم المالي .. ونتمنى توفير منح دراسية سنوية تعطى لهذه المعاهد كجزء من دعم الحكومة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها

 

 

أجرى الحوار - ماجد الندابي

أن تسمع عن معاهد لتعليم اللغات الأجنبية في بلد عربي فهو أمر عادي جدًا فكل أرباب لغة عالمية يحاولون نشر لغتهم بين الأمم ولذلك تجدهم يصرفون الأموال ويقدمون التسهيلات من أجل إنجاح تلك المعاهد، ولكن في الجهة المقابلة أن تسمع بمعهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها فهذا هو الأمر الملفت فهذه المعاهد نادرًا ما نجدها في بلداننا العربية، وهذا ناتج من "نعي اللغة العربية حظها بين أهلها" أو كما قال حافظ إبراهيم في قصيدته المشهورة.

من هنا جاء معهد الواصل لتعليم اللغات الذي تم افتتاحه في ولاية بدية بمحافظة شمال الشرقية، والذي كانت رسالته هي الإسهام في خدمة اللغة العربية ونشرها، والتميز في تدريسها، عن طريق تقديم المهارات اللغوية والمعرفية، التي تعزز الروابط الثقافية بين الأمة العربية وغيرها من الأمم، من خلال برامج وخطط تعليمية حديثة ومتطورة، تلبي حاجة المتعلمين من الناطقين بغير العربية، وتمكنهم من تحقيق أهدافهم وغاياتهم المختلفة، والعمل على تقديم الثقافة العربية بصورة مشرقة، وكذا الإسهام في خدمة المجتمع المحلي وتنميته.

وحول تفاصيل هذا المعهد وما يقدمه من برامج وما يواجهه من تحديات، أجرينا هذا الحوار مع الدكتور هلال الحجري مدير معهد الواصل لتعليم اللغات..

• ما هي المسوِّغات التي دعتكم إلى إنشاء هذا المعهد؟

هنالك العديد من المسوغات التي دعتنا إلى إنشاء معهد الواصل لتعليم اللغات تمثلت في تزايد الإقبال على تعلّم اللغة العربية من الناطقين بغيرها، سواء أكان ذلك الإقبال لأغراض تواصلية حياتية أم لأغراض خاصة متعلقة بقطاعات عمل خاصة، كالدبلوماسية، وشركات النفط، والمهن الصحية، ووسائل الاتصال، والأكاديمية.

كذلك الحاجة إلى معهد لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في ولاية بدية بمحافظة شمال الشرقية، وكان اختيار ولاية بدية مكانًا لهذا المعهد، لكونها منطقة جذب سياحي، تتمتع بكثير من المزايا الجمالية، ليمتزج الهدف الترفيهي مع هدف تعليمي معرفي.

بالإضافة إلى تقديم دورات تلبي حاجة الراغبين في تعلّم اللغة العربية من الناطقين بغيرها من البلدان الأخرى، وتنمية مهاراتهم اللغوية في بيئة علمية لغوية عربية مناسبة، إسهاما في نشر اللغة العربية والثقافة العربية وتعريف الدارسين بموروثاتها الحضارية والثقافية والمعرفية.

وكذلك تقديم دورات في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من الوافدين المقيمين على أرض السلطنة، بهدف تمكينهم من التأقلم في البيئة اللغوية العربية، والاندماج في المجتمع بصورة سليمة.

• من حيث المكان .. لماذا أقمتم المعهد في قرية الواصل؟ وليس في مسقط مثلا..

- في الحقيقة الفكرة الأساسية التي انطلق منها المعهد هي تعليم العربية للناطقين بغيرها، كانت لدينا قناعة بأن القرى العمانية هي المكان الأنسب لمشروع كهذا، لأننا نعلم بأن معظم الدارسين للغة العربية يريدون أن يمارسوا اللغة العربية في مجتمعات محلية تكون فيها اللغة العربية أقل تأثرا باللغات العالمية أو اللغات الأجنبية أو اللغات غير العربية ومجتمع مسقط هو مجتمع متعدد الثقافات، ويوجد به اختلاط باللغات أكثر مما هو حاصل في القرى، ومن هذا المنطلق اخترنا قرية الواصل على اعتبار أنها من القرى التي تخف فيها مشكلة الاختلاط اللغوي، وعليه هي مظنة أن يمارس الطلاب غير العرب اللغة العربية بشكل أكبر مما لو كان في مسقط، وأنا أعتقد أن هذه رؤية السلطان الراحل قابوس -طيب الله ثراه- عندما اختار منح لكلية السلطان قابوس لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وهي رؤية ثاقبة، ونحن استأنسنا بها، ونعتقد بأنها صائبة، والطلاب عندما يأتون إلى قرية الواصل في ولاية بدية، فهم سيلتقون ويختلطون بطلاب عمانيين ومجتمعات محلية، صحيح أنها تمارس اللهجات وهذا أيضا مطلب، لأن بعض الأجانب يريدون أن يدرسوا اللهجات العمانية، إضافة إلى أن فرصة الاختلاط بطلاب المدارس الذين هم بأعمارهم أو الطلاب الذين يدرسون في الكليات فهي أيسر في مجتمعات محلية مثل هذه المجتمعات، فالسبب إذن كان سببًا لغويًا، وهدفًا مقصودًا، نعتقد بأنه يحقق الرسالة أو الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه المعهد.

• من حيث مسمى المعهد .. لماذا أسميتموه معهد الواصل لتعليم اللغات .. وليس معهد الواصل لتعليم اللغة العربية مثلا..؟

نحن نطمح إلى أن يكون العهد مركزًا نشطًا لتعليم لغات مختلفة، صحيح أنه يرتكز على تعليم العربية بشكل عام، ولكننا أيضا نطمح إلى تدريس اللغة الإنجليزية مثلا، واللغات الشرقية مثل الفارسية، بل حتى طموحنا يمتد إلى تدريس الأقليات اللغوية في عمان، مثل الجبالية أو الشحرية أو المهرية وغيرها من الأقليات اللغوية، وطبعًا هذه طموحات كبرى قد لا تتسع لها الفرص الآن ولكنها واردة في ذهننا عندما سمينا معهد الواصل لتعليم اللغات، ولا نريده أن يقتصر على لغة واحدة وهي اللغة الأم اللغة العربية، إن شئت فنحن لدينا طموح ورؤية إلى أن ندرس اللغات التي تكسر تمركز الأنجلوساكسوني، يعني لا نريد فقط أن ندرس اللغة الإنجليزية مثلًا، ونعلم أن هنالك معاهد عديدة تدرس اللغة الإنجليزية في عمان، وإنما نرغب في فتح نوافذ للغات غير شائعة خاصة في عمان، مثل اللغة الفرنسية والإسبانية والألمانية، هذه كلها من بين حزمة من الطموحات التي نسعى إلى تحقيقها، ولهذا السبب كما ذكرت سميناه معهد الواصل لتعليم اللغات بالجمع وليس معهد الواصل لتعليم اللغة العربية فهو يأتي لتحقيق هذه الحزمة من الطموحات التي نأمل أن تتحقق إن لم تكن الآن ففي المستقبل بإذن الله.

• ما هي البرامج التي يقدمها المعهد للدارسين؟

- البرنامج الأساسي هو برنامج تدريس العربية للناطقين بغيرها، وفتحنا أيضا برامج نوعية نعتقد أنها غير مطروحة في المؤسسات التعليمية الكبرى، منها على سبيل المثال، برنامج النقد الأدبي، وهذا البرنامج يتكون من 240 ساعة تدريسية، وبهذا الكم من الساعات نعتقد أننا سنغطي مساحة غير مطروقة إطلاقا في المؤسسات التعليمية العليا مثل الجامعات والكليات لأن النقد الأدبي يطرح كمساقٍ فقط يدرسه الطالب عادة في فصل دراسي، وقد يمتد إلى فصلين دراسيين، أما أن يطرح بهذا البرنامج المتعدد والمتخصص والمتعمق والذي يطمح إلى رفد الساحة العربية والعمانية بكوكبة من النقاد الذين يمتلكون أدوات النقد الأدبي الحديثة فهو مطمح نوعي، ورسالة نعتقد بأنها غير مطروقة من بعض المؤسسات الأخرى سواء كانت حكومية أو خاصة.

ولدينا أيضا برنامج آخر أيضا نعتقد بأنه غير مطروق وهو تعليم "العربية لأغراض أكاديمية" وقد فتحنا هذا البرنامج اعتقادا منا بأن طلاب الدراسات العليا في العادة وهم في خطواتهم الأولى يواجهون مجموعة من التحديات والمشكلات تتعلق بآلية اختيار الموضوع، والمنهج المتبع في الدراسة إلى غير ذلك من العثرات التي يواجهها عادة الطلاب في الدراسات العليا، وعليه فتحنا هذا البرنامج إسهاما منا في تغطية الجوانب التي قد لا يجدها طالب الدراسات العليا في الجامعة أو الكلية، وهو يريد أن يخطو إلى المستقبل، فالبرنامج مبني على هذا الأساس، وهو إعانة طلاب الدراسات العليا سواء في الماجستير أو الدكتوراه على تلمس خطواتهم نحو المستقبل البحثي أو المستقبل العلمي، بداية من تقديم الاستشارات الأكاديمية المتعلقة ببحوثهم وخاصة في البحوث الإنسانية، أو علاج بعض المشكلات والقضايا التي تواجههم وهم في خطواتهم الأولى إلى البحث.

أيضًا لدينا مثلًا برنامج نوعي آخر وهو تحقيق المخطوطات، وأنت تعلم بأن تحقيق المخطوطات يطرح كمساقٍ بسيط جدًا في المؤسسات التعليمية ولكن لا يطرح كبرنامج يبدأ من الألف إلى الياء، من التعريف بعلم التحقيق، وجهود المستشرقين في هذا الجانب، مرورًا بأدوات التحقيق، وأشهر المحققين، حتى يمتلك الدارس الأدوات الحقيقية لاكتساب هذا العلم أو هذا الفن، ويتمكن من تحقيق مخطوطة ما، البرنامج مبني بهذا العمق وبهذا التنوع، وهناك برامج نوعية مختلفة.

• بالنسبة لبرنامج لتعليم اللغة العربية للدبلوماسيين هل أيضا يحضرون إلى المعهد في الواصل للدراسة أم أن هنالك طرقًا ووسائل أخرى لهم؟

- طبعًا هذا البرنامج هدفه بالدرجة الأولى فتح نوافذ للدبلوماسيين الأجانب في عمان حتى يتعرفوا على الثقافة العمانية ومنطلقات السياسة في عمان التي تقوم على مبادئ التسامح ومبادئ عدم التدخل في شؤون الغير وغير ذلك من المرتكزات التي تنطلق منها الأيديولوجيات السياسية في عمان، ويقدم باللغة العربية على اعتبار أنه من المفترض أن يكون المشارك في هذا البرنامج قد اجتاز المستويات الستة لتعلم العربية كلغة ثانية، ومن الممكن أن يقام هذا البرنامج في مسقط، بالإضافة إلى إمكانية إقامته في الواصل إذا كان في أوقات نهاية الأسبوع، مسألة الوقت لا نواجه مشكلة فيها، والبرامج كلها مكيفة على احتياجات المشاركين، فلو تصورنا مثلًا أن مجموعة من السفارات، أو سفارة من السفارات في مسقط تريد لمنتسبيها أن يتعلموا اللغة العربية، وهذا ما نظنه، وهذا ما نعتقده، أن يتعرفوا على المجتمع العماني من خلال اللغة العربية، ووضع هذا البرنامج وصمم لكي يغطي ناحيتين، الناحية اللغوية، وهي تطوير اللغة العربية ومهارات اللغة العربية للدبلوماسيين الأجانب، وأيضا تعريفهم بثقافة المجتمع العماني، والسياسة العمانية في الوقت الحديث، وممكن أن تطرح في مسقط وكذلك في محافظة شمال الشرقية.

• النقد الأدبي .. ألا تراه أنه مرحلة متقدمة جدًا .. بالنسبة لدارسي اللغة.. أم أن هذا المساق هو للأكاديميين والمتخصصين فقط؟

- نعم هو مرحلة متقدمة، ولذلك كما أشرت سابقا بأن برنامج النقد الأدبي لا يلتحق به غالبا غير العرب، وإنما هو يطرح للدارسين العرب الذين يرغبون في تعميق معارفهم بالنقد الأدبي الحديث، ويمتلكون أدوات النقد لكي يسهموا في تحريك الساحة النقدية في الوطن العربي، فهو يستهدف فئات متقدمة من متخصصي اللغة العربية، والمهتمين بالنقد الأدبي.

• بالنسبة لتعليم اللغات لغير الناطقين بها من خارج عمان .. هل يشترط الحضور إلى المعهد .. أم أن هنالك دورات أيضا من خلال التواصل المباشر عبر الإنترنت؟

- طبعًا الأساس هو أن يأتوا إلى عمان، لأن تعلم اللغات، أي لغة في العالم لا يمكن أن يكون نظريا، واكتساب أي لغة في العالم ينبغي أن يكون مبنيا على ممارسة اللغة مع أهلها، في هذا السياق عندما يرغب الدارس الأجنبي في تعلم اللغة العربية فعليه أن يأتي إلى العالم العربي لممارسة اللغة، وبني هذا البرنامج على إتاحة الفرصة للدارسين الأجانب في ممارسة اللغة العربية في عمان وهناك استراتيجيات متبعة لدينا في هذا السياق، منها بجانب الدروس النظرية التي يتلقاها الطالب في موقعه في المعهد، فإننا أيضا نركز كثيرا على الرحلات العلمية والسياحية في عمان لكي يمارس الطلاب الأجانب اللغة، فنحن نأخذهم مثلا إلى الآثار أو المواقع الأثرية في عمان في كل المحافظات لكي يتعرفوا على التراث الثقافي في عمان ولكي يمارسوا اللغة في سياقها الثقافي، ورؤيتنا في هذا الجانب بأن يذهب الطالب بمجموعة من الأسئلة ويكون في هذه الرحلة مصحوبا بمشرف من المعهد، وتكون زيارة منسقة ومعدًا لها سلفًا، لكي تؤتي ثمارها، ويكون الطالب مشاركًا في المجتمعات العمانية على مستوى ثقافي، ويستطيع أن يكتسب اللغة ويمارسها، أيضا في هذا السياق عززنا هذا الجانب بفكرة الشريك اللغوي بمعنى أن الطالب لا يكتفي بالدروس النظرية في الفصل الدراسي، وإنما نعزز ذلك بإتاحة الفرصة له كي يختلط بالطلاب العمانيين ممن هم في سن الدارسين، سواء كانوا طلاب كليات أو طلاب جامعات، وخصصنا ساعات في الأسبوع يلتقي فيها الطلاب الأجانب بالطلاب العمانيين، يتحدثون باللغة العربية في مجالات مختلفة، في مجالات المجتمع، والدراسة، والثقافة، والهدف من هذا هو هدف لغوي وهدف ثقافي كي تكون هناك فرصة لهذا الدارس الأجنبي كي يمارس اللغة مع الناطقين بها، وكي يطلع على الثقافة العمانية عن قرب، ولهذا السبب حضور الطالب الأجنبي إلى المعهد شرط أساسي، أما في الوقت الراهن، وفي وجود هذه الجائحة الكونية التي حلت بالعالم فنحن فتحنا نوافذ التعلم عن بعد، ولكن لا نعتقد بأنها مستمرة، وإنما هي فقط تتماشى مع هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العالم، والتعلم عن بعد لا يغني إطلاقا عن التعلم الحقيقي الذي ينبغي أن يعيش الطالب فيه البيئة اللغوية بكل تفاصيلها.

• هل البرامج المقدمة مصدقة من خلال الجهات الحكومية في السلطنة؟

- نعم جميع برامج معهد الواصل لتعليم اللغات معتمدة من وزارة القوى العاملة، لأن هذه المعاهد تشرف عليها حاليًا وزارة القوى العاملة، وجميع البرامج معتمدة وتسير في إطار قانوني، وهناك شهادات يحصل عليها الدارسون بعد إتمام هذه الدورة.

• هل هنالك فكرة لإقامة برامج مشتركة مع كلية السلطان قابوس لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها؟ أو مع جامعات أخرى معنية بهذا المجال؟

طبعًا نحن نتمنى هذا وأن يكون هناك تنسيق، وتكون هنالك جهود مشتركة بيننا وبين كلية السلطان قابوس لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، يمكن أن يشمل هذا التنسيق والمشاركة في إقامة دورات مشتركة، أن تمتد إلى إقامة حلقات يؤهل فيها العمانيون لتدريس اللغة العربية كلغة ثانية، وهناك آفاق واسعة، مثل إقامة ندوات علمية في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها لأن هذا الحقل غير معروف كثيرا في عمان والمتخصصون فيه قلة، والتعاون بين كلية السلطان قابوس والمعاهد المتخصصة في هذا الجانب مهم جدًا على اعتبار أن كلية السلطان كلية مدعومة من الدولة، ولديها موازنات كبيرة يمكنها أن تسهم في إعانة المعاهد الخاصة في تحقيق هذه الرسالة، ونحن كلنا في بوتقة واحدة، نسعى إلى أن ننقل صورة حقيقية للآخر عن عمان.

حقيقة أن اللغة العربية في عمان هي لغة جديرة بالتعلم، وأن اللغة العربية في عمان لغة ساهمت في تطوير اللغة العربية الفصحى، منذ قديم الزمن، وينبغي أن نعزز هذه الفكرة، وينبغي أن تتعاون المؤسسات الحكومية، والمعاهد الخاصة في نقل هذه الفكرة إلى الآخر، على أن عمان هي من المناطق الجغرافية في العالم العربي التي أسهمت في تطوير اللغة العربية على المستوى النظري من خلال العلماء العمانيين الذين هاجرو من عمان إلى العراق مثل الخليل بن أحمد الفراهيدي وابن دريد وغيرهما ممن أسهموا في تطوير اللغة العربية وتأسيسها، أو على مستوى المفردات العمانية التي غذّت المعجم اللغوي واللسان العربي، فهذا مكسب حضاري ينبغي أن نتعاون على إيصاله إلى الآخر، إما عن طريق الندوات، وإما عن طريق الحلقات، وإما عن طريق البرامج المشتركة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، فالفكرة مطروحة ونتمنى أن يكون هنالك تجاوب من إدارة الكلية في هذا الصدد.

• ما التحديات التي تواجه معهد الواصل لتعليم اللغات؟

- هناك تحديات طبعًا يواجهها معهد الواصل لتعليم اللغات، وأعتقد بأن بعض المعاهد الأخرى تواجه التحديات نفسها، ودعني أركز على أهم هذه التحديات، التحدي الأول هو جانب الدعم المالي نحن حقيقة نفتقد للدعم المالي من المؤسسات الحكومية أو من المؤسسات غير الحكومية الراغبة في دعم المشروعات العلمية في عمان، مثل المؤسسات الوقفية وغيرها من المؤسسات الخيرية التي تسعى إلى نشر العلم في عمان، فالمعاهد الخاصة التي تضطلع بدور تعليم اللغة العربية سواء للعرب أو للأجانب، تستحق هذا الدعم بعيدًا عن الرسالة المهمة التي تسعى هذه المعاهد إلى تحقيقها، وهي نشر اللغة العربية وتمكين الناطقين بها وغير الناطقين بها من مهاراتها الأساسية، أقول بعيدًا عن هذا الهدف الأسمى، فالمعاهد تستحق الدعم لكونها معاهد ناشئة، ولكونها لا تمتلك المال الكافي لتحقيق هذه البرامج وتعزيزها، وجميع المؤسسات العلمية حقيقة في عمان وخارج عمان، لا يمكن أن تستمر بعيدًا عن الدعم الحكومي وخاصة الدعم الوقفي، أنت تعلم مثلًا أن الجامعات الخاصة والكليات الخاصة تتلقى دعمًا سخيًا من الدولة إما عن طريق المنح الدراسية التي توفرها الحكومة لهذه الجامعات ويلتحق بها الطلاب العمانيون مجانًا، وإما عن طريق الدعم السنوي الذي تتلقاه هذه المؤسسات، وهذا سياق مفهوم حتى في الخارج، الجامعات العريقة في الخارج لم تزدهر ولم تتطور إلا أن طريق التبرعات وعن طريق المنح الدراسية التي يقدمها الأثرياء عادة وتقدمها الحكومات، انظر إلى جامعة هارفرد، وجامعة أكسفورد، كامبريدج، رغم العقارات الكبيرة التي تمتلكها هذه الجامعات في الاستثمار إلى أنها حتى اليوم تتلقى التبرعات والهبات من الحكومات العربية ومن المؤسسات الوقفية أو من الأثرياء في العالم، فهذا أمر مفهوم جدًا، فهذه برامج تعليمية، وتحتاج إلى دعم، فلا يمكن أن تستمر ولا يمكن أن تبقى دون هذا الدعم، ومقترحي هو أن تتولى الدولة في السلطنة رعاية هذه المعاهد الناشئة دعمًا لها أولًا في تحقيق رسالتها وهي رسالة شريفة تتعلق بنشر وتعزيز هذه اللغة بين العرب وغير العرب، وأيضًا نهوضًا بها كي تستمر، دون هذا الدعم أتمنى أن لا نصل إلى مرحلة الاصطدام بالواقع، وإغلاق هذه المؤسسات وهذه المعاهد الناشئة، ويمكن أن يتم ذلك كما ذكرت عن طريق توفير منح دراسية سنوية تعطى لهذه المؤسسات أو هذه المعاهد يلتحق بها الطلاب الأجانب كجزء من دعم الحكومة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وهذا دور أساسي، ودور وطني، ينبغي أن تكون هناك منح مجانية تعطى هذه المعاهد ويعلن عنها ويلتحق بها الطلاب الأجانب لدراسة اللغة العربية وتطوير مهاراتهم، ومردودها السياحي ومردودها الثقافي والعلمي لا يمكن أن نتنبأ به فهو كبير إذا أردنا أن نفكر في هذا الجانب المادي، وإلا فإن الجانب المعرفي وحده مسبب ودافع أساسي لأن تكون هناك منح ثابتة سنوية تقدم للمعاهد المتخصصة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.