الثقافة

الشاعر طلال الزعابي: العمل الأدبي نتاج ثنائية متلازمة بين الموهبة والاطلاع.. و"منحوتة الناي" الأقرب لقلبي

15 يوليو 2020
15 يوليو 2020

  • من مؤلفاته "نبضات حرف" و"طلسمة الأشواق"

طلال الزعابي:

  •  تأثرت بتجربة الشاعر "إيليا أبو ماضي" لعمقه الإنساني ولغته العذبة
  •  الشاعر ابن بيئته وظهور سلطة المكان على الأديب طبيعية
  •  لجنة كتاب وأدباء شمال الباطنة تعتبر رافدا ثقافيا جميلا

 

حاوره: سعيد الهنداسي

الشاعر طلال بن أحمد الزعابي، من الأسماء الشعرية التي قدمت نفسها بشكل أكثر من رائع على الساحة الأدبية في مجال الشعر الفصيح، بالإضافة إلى كونه عضوا ومؤسسا لمجلس شعراء صحار، هو كذلك عضو في لجنة كتاب وأدباء محافظة شمال الباطنة التي تم إشهارها مؤخرا تحت مظلة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء.

حديث البدايات:

دائما ما تكون البدايات لها وقع وأثر في الشخصية، وعن تلك البدايات قال الزعابي: "هنا ربما أستجلب موقفًا تستدعيه ذاكرة الشعر بإلحاح شديد، وهو أول مشاركة شعرية رسمية لي في كلية التربية للمعلمين بنزوى، حينما كنت طالبا، فبعد هذه المشاركة استلمني أحد الأساتذة الأجلاء بتقريع شديد، ونقد علني أيقظني من غفوة الساهي، وكتابة اللاهي، وجعلني أنتبه أن الكتابة مسؤولية كبيرة، وأنا فتحنا بها أبواب عقولنا وقلوبنا للآخرين ويجب أن نوازن بين شهوة الكتابة ومسؤولية القراءة".

لغة الحياة والمنطق:

وعن تأثره الواضح بلغة الضاد وكتاباته فيها، قال عنها طلال الزعابي: "اللغة العربية لغة حياة وفكر ومنطق، وصدقني هي ليست شعارات نرفعها، وكلاما نردده في المناسبات التعليمية والمحافل الأدبية والثقافية وهي ليست حنينا للماضي وأمجاده ومآثره، هي واقعنا هي هويتنا هي تفاصيل حياتنا ومشاعرنا وأحاسيسنا، والذي أنا متيقن منه أنها متصلة بأرواحنا حد التماهي والامتزاج".

ثنائية متلازمة:

ويعرج بنا الشاعر طلال الزعابي إلى عوامل تساعد الكاتب على التميز بقوله: "العمل الأدبي نتاج ثنائية متلازمة، هي (الموهبة) و(الاطلاع) وإن صح لنا تشبيه العمل الأدبي بشجرة، فإن الموهبة تشكل فيه البذرة والغرسة، والاطلاع والثقافة يشكلان السقيا، وكي تثمر تلك البذرة لا بد لها من سقيا مستمرة ودائمة ومتزنة".

شخصية مؤثرة:

ويشير الزعابي إلى تعلقه الواضح بشعر "إيليا أبو ماضي" وتجربته الشعرية بقوله: "ما أزال متأثرا بشخصيته الشعرية وجدت فيها العمق الإنساني واللغة العذبة والصور الجذابة، وهي شخصية الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي؛ إذ أحس عندما أقرأ له أنني أقرأ روحا لا كلمات، فثمة إحساس أثيري يكون رفيقا لي كلما قرأت له، صحيح ليس هو الوحيد الذي يشعرني بهذا الإحساس لكنه الأكثر والأقرب".

أيقونة الكاتب:

ولأن الإلهام في الكتابة ميزة المبدعين والعنوان اللافت له تأثيره وصداه تحدثنا عن إصداراته الأدبية وهي (نبضات حرف، وطلسمة الأشواق) وأهمية اختيار العنوان عند المؤلف، وأكد الزعابي على ذلك بقوله:

"العنوان إيقونة الكتاب ومفتاح الجواب، وبالفعل هو يشكل مع الواجهة أهمية كبيرة، صحيح قد لا تفوق المحتوى في الأهمية لكنها تشير إلى كنه الكتاب وفكر صاحبه، لكن للأسف كثيرا ما تخدعنا بعض العناوين التي تظهر عكس ما تبطن وكم توقفنا أمام عناوين مضللة خداعة، أما (نبضات حرف) و(طلسمة الأشواق) فما عساني أن أقول فيهما غير أنهما رسالة محبة وإيمان، حاولت فيهما أن أخرج عن الذاتية والأنا إلى فضاء الإنسانية الرحب، ولعلني حاولت فيهما أن أنبض بالمحبة وأفك طلسمة الأشواق".

منحوتة الناي

وحول القصيدة التي لها وقعها الخاص على شاعرية الزعابي لم يتردد كثيرا في ذلك قائلا: "عند هذا السؤال يجب أن أتوقف عند مسألة مهمة وهي مسألة الصنعة والشعرية، فالشاعر من وجهة نظري أقرب للرسام الذي يمتلك الأدوات، فإن استخدم أدواته مع شاعريته أنتج لوحة شعرية ملونة حية، وإن استخدم أدواته دون شاعريته أنتج لوحة شعرية عديمة الألوان باهتة، والقصيدة المؤثرة هي التي تجمع حسن الصنعة مع حياة الشاعرية، ومن أقرب القصائد إلى قلبي (منحوتة الناي) من إصدار طلسمة الأشواق؛ ففيها شيء من روحي".

تأثير البيئة

وحول مدى صحة مقولة إن الشاعر ابن بيئته وتأثيرها عليه قال الزعابي عنها: "نعم صحيح فالشاعر ابن بيئته، ولا بد من ظهور سلطة المكان على الأديب في لغته وألفاظه وصوره، وقد ذكرني هذا السؤال بقصة الشاعر العباسي علي بن الجهم الذي كان مطبوعا ببيئته الصحراوية البعيدة عن الرقة والمتصفة بالغلظة فقال مادحا الخليفة:

أنتَ كالكلبِ في حفاظِك للودِ

وكالتّيسِ في قراعِ الخطوبِ

أنتَ كالدّلو، لا عدمناكَ دلوًا

من كبار الدّلا، كبيرَ الذنوب

فألفاظٌ كهذه وصورٌ كتلك تمثل سلطة البيئة على الشاعر، لكن الخليفة فطن لذلك، وأمر بإسكانه في حاضرة من حواضره؛ ليرق طبعه، وتتغير سلطة البيئة، فجاء بعد ذلك بقصيدة تنساب عذوبةً ورقةً قال فيها:

عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ

جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري

أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن

سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمرًا عَلى جَمرِ..".

رافد ثقافي

ويختم الشاعر طلال الزعابي حديثه حول إشهار لجنة كتاب وأدباء محافظة شمال الباطنة وقراءته لمثل هذه اللجان قائلا: "الكيانات الأدبية والثقافية مهمة جدا في صقل الأديب، والابتعاد عن المركزية أمر محمود في مثل هذه الكيانات التي تعطي مساحات كبيرة للتنوع والتنافس الشريف.

وتوجه جمعية الكتاب بإنشاء لجان للجمعية في المحافظات ودعمها للكيانات الثقافية المتعددة بات يشكل رافدا ثقافيا مهما، نراه جليا في الفعاليات المتنوعة التي تقيمها لجنة شمال الباطنة مثلا، وتحية إجلال وتقدير لهم. وهنا أيضا لا بد من ذكر جهود وزارة التراث والثقافة التي تدعم الحراك الثقافي والمجالس الشعرية المتعددة، وربما نذكر على سبيل المثال لا الحصر مجلس شعراء صحار الذي أثبت كفاءة جيدة في الفترة الأخيرة بفعالياته النوعية".