ططططط
ططططط
تحقيقات

التغيرات المناخية.. تأثيرات عابرة للحدود "3"

07 يوليو 2020
07 يوليو 2020

منطقتنا تحتاج دراسات أكثر عن تأثيرات الظواهر البحرية والجوية والبيئية على تغيرات الطقس

الهيئة العامة للطيران المدني: - تطوير دليل الإجراءات التشغيلية لمركز الإنذار المبكر.. والتحديثات وفق مستجدات الطقس

خطة لإصدار نشرات يومية خاصة للمحافظات تغطي التوقعات ليومين

توظيف الصور والخرائط والألوان خلال الفترة المقبلة

 نحتاج لتوضيح النظام وتسهيله للفهم وإيصال المعلومات للجميع

إضافات جديدة إلى التقارير والنشرات اليومية

جيفر البوسعيدي: - البيانات المسجلة توظف للاستخدام اليومي وفي البحوث وتطوير المنظومة الرقمية والتنبؤات العددية

 سنكون أكثر قربا من المجتمع المحلي ومتطلبات الحياة والتواصل الاجتماعي الرقمي

التوقعات: درجات الحرارة تبقى مقاربة للمعدل الطبيعي أو اكثر منه خلال العام الجاري

كميات الأمطار حول المعدل لمنطقة الشرق الأوسط للأشهر الأربعة القادمة

كتب/ عبدالله بن سيف الخايفي

الإجابة عن أسئلة الطقس والمناخ ليست حاسمة أو ثابتة فهي لا تخضع لتنبؤات وتقلبات الطقس والمناخ فحسب وإنما تحكمها أيضا رؤى سياسية واقتصادية وعلاقات دولية. وعلى الرغم من أن قضية التغيرات المناخية تحددها علوم الأرصاد الجوية والدراسات العلمية المتخصصة لكن في الوقت نفسه تغلفها الدبلوماسية وتتحكم فيها المصالح السياسية وغالبا ما تأتي الإجابات عن الأسئلة المثارة حول أسباب التغيرات المناخية في العالم عائمة ومعبرة عن عموميات مشتركة بينما تبقى الحقيقة غير واضحة رغم التنوع في الآراء واختلاف التفاسير. ولا تبدو الآراء حاسمة في قضية أسباب التغيرات المناخية فحتى في منظمة واحدة قد تجد آراء متناقضة فتظهر دراسات قد تخالف نتائجها دراسات لعلماء آخرين في المؤسسة ذاتها. هناك معرفة لدى جميع المهتمين بوجود ارتفاع في درجات الحرارة بين نص درجة إلى درجة سليزية فمعظم المنظمات والدراسات تقول بوجود الزيادة.

دراسات ترى أن هذه الزيادة طبيعية والاحترار في إطاره الطبيعي، بينما هناك من يعزوها إلى الاحتباس الحراري بسبب التطور الصناعي وما يسببه من ارتفاع نسب الغازات الدفيئة كثاني أكسيد الكربون والميثان وغيرها من المخلفات الصناعية، ولهذا تبقى الأسباب غير مؤكدة ولكن الزيادة موجودة. وحسب دراسات قام بها مكتب الأرصاد البريطاني لقراءة الاحتمالات المناخية للحرارة لعام 2020م تصنف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) السنوات 2015م وحتى 2019م من أدفأ السنوات وقد تستمر حالة الدفء هذه خلال عام 2020م، وعلى مستوى السلطنة تم تسجيل زيادة طفيفة بمتوسط درجات الحرارة خاصةً مع تسجيل درجات حرارة قياسية صيف 2015م و 2016م كما ورد من المديرية العامة للأرصاد الجوية بالهيئة العامة للطيران المدني.

درجات الحرارة مقاربة للمعدل الطبيعي

ومن المحتمل أن تبقى درجات الحرارة مقاربة للمعدل الطبيعي أو اكثر منه ( بالصيف تتراوح بين 28 إلى 45 درجة قابلة للزيادة أو النقصان وبالشتاء بين 15 إلى 30 درجة ) خلال العام الجاري 2020م بما مقداره نصف درجة إلى درجة سليزية أعلى من متوسط درجات الحرارة بين 1981م إلى 2010م بحسب إحصائيات عالمية مختلفة من مراكز متخصصة في تقدير درجة حرارة الكرة الأرضية.

مع ملاحظة أن الأرقام تبقى متغيرة نتيجة التقلبات الجوية المختلفة. وتشير سجلات بيانات محطات الرصد الجوي التابعة للهيئة العامة للأرصاد الجوية لمتوسط درجات الحرارة السنوي بين 1980م إلى 2010م إلى تسجيل 29 درجة مئوية بمحافظة مسندم و 25 درجة مئوية كمتوسط حرارة سنوي على سواحل بحر عمان وفي جبال الحجر كانت معدلات متوسط الحرارة السنوي٣٠ درجة مئوية فيما سجلت المناطق الصحراوية ٢٧ درجة مئوية وفي سواحل بحر العرب تم تسجيل متوسط درجة حرارة سنوي ٢٦ درجة مئوية.

وحسب محطات الرصد الجوي التابعة للأرصاد الجوية فمعدل الهطول السنوي يتباين بين كل ولاية وأخرى حيث تتراوح بين ٤٠ ملم إلى ١٣٥ ملم في المحافظات الشمالية للسلطنة و بين ٥ ملم إلى ٢٥ ملم بالمناطق الصحراوية فيما تراوحت بين ٥٠ إلى ١٠٠ ملم على سواحل وجبال محافظة ظفار.

النينو ولانينا

جيفر بن حمد البوسعيدي، أخصائي أرصاد جوية بالمديرية العامة للأرصاد الجوية أوضح أن أحد العوامل المؤثرة على كميات الأمطار هما ظاهرتا (النينو ولانينا) بالمحيط الهادئ وقال: تأثيرات هذه الظاهرة ليست أكيدة بارتباطها بكميات الأمطار بمنطقة الشرق الأوسط ولكنها من أكبر الظواهر الجوية ولها تأثيرات على مناطق مختلفة من العالم وارتباطها وثيق بتلك الظواهر حسب الدراسات العلمية.

نحتاج لدراسات أكثر

وأضاف: في منطقتنا ( الشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية) نحتاج لدراسات أكثر حول تأثيرات هذه الظاهرة وظواهر جوية وبيئية أخرى خصوصًا الظواهر البحرية ومدى ارتباطها بتغيرات الطقس وكميات الأمطار ودرجات الحرارة بمنطقة الشرق الأوسط عامة وعلى السلطنة خاصة.

كميات الأمطار حول المعدل

وبحكم موقع السلطنة الجغرافي فإنها تعتبر من المناطق الجافة، فكميات الأمطار السنوية قليلة عادةً لافتا إلى أن التوقعات الفصلية من مختلف التنبؤات العددية العالمية للأشهر الأربعة القادمة تشير إلى احتمال أن تكون كميات الأمطار حول المعدل بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط بينما لا تظهر بيانات واضحة لكميات الأمطار المحتملة لمدة أطول.

المركز الوطني للإنذار المبكر

التغيرات المناخية تأثيراتها عابرة للحدود وتستلزم وجود نظام جاهز لإدارة الحالات الطارئة كالمنخفضات الجوية والأعاصير والتغيرات الطقسية التي تؤثر على حياة الناس والمؤسسات المختلفة . وقد تنبهت السلطنة مبكرا لهذه المتغيرات وتأثيراتها المحتملة وأهمية وجود مركز وطني متخصص فجاءت أوامر السلطان الراحل قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – بتأسيس المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة في 2004 مواكبه لهذا التطور، وكانت تجربة إعصار جونو في 2007 وتأثيراته على السلطنة لتضاعف الاهتمام من قبل السلطان الراحل والحكومة في تلك الفترة بإنشاء نظام أكثر دقة وجاهزية للتعامل مع الحالات الجوية فبدأ التدريب والتأهيل للكوادر الوطنية وتجهيز وتزويد المركز بالأجهزة والأنظمة والتقنيات الجديدة وتدريب العاملين عليها. المركز يعتبر اليوم من أكثر المراكز تطورا في الشرق الأوسط ، ويقول جيفر بن حمد البوسعيدي، أخصائي أرصاد جوية بالمديرية العامة للأرصاد الجوية إن المعلومات التي يجمعها المركز سواء من محطات الرصد الجوي أو محطات الرصد الزلزالي بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس ومحطات الرصد (جي بي اس) المتوزعة في السلطنة في عشرة مواقع ومحطات ورادارات لرصد ارتفاعات أمواج البحر، كلها بيانات تسجل وتخزن للاستخدام اليومي بالمركز كما تستخدم في المجال البحثي وفي التطوير في المنظومة الرقمية والتنبؤات العددية.

دليل الإجراءات

البوسعيدي تحدث أيضا عن دليل الإجراءات لدى المركز الوطني للتعامل المبكر مع المخاطر المتعددة وقال استدعى العمل إيجاد دليل إجراءات واضح للتعامل مع الحالات الجوية فجرى التعاون بين المركز الوطني وجهات أخرى وتوظيف كوادر التحقت بدورات مختلفة في عدة مجالات منها تنبؤات الطقس وتحليل بيانات الزلازل وتحليل بيانات المناخ فضلا عن دورات في تجهيز الدليل نفسه وغيرها من الدورات الفنية والاجتماعات للتعلم من التجارب الدولية في مختلف المجالات. وقال إنه يوجد حاليا دليلان في المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة أحدهما للحالات الجوية والآخر حول كيفية التعامل مع مخاطر أمواج تسونامي التي تنتج غالبا من الزلازل التي تحدث في البحر مشيرا إلى أن كل دليل له برامج مختلفة ومسار وأنظمة محددة.

مرفق مهم وخدمات لمختلف القطاعات

ونوه البوسعيدي إلى جاهزية المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة مع وجود أحدث التقنيات والأنظمة المتطورة والكوادر الوطنية العمانية المدربة والمؤهلة بمختلف التخصصات الفنية وقال إنه يعتبر ثمرة جهد قامت به عدة أجيال وبذل فيه الجهد والمال والخطة ما زالت قائمة لاستقبال كوادر أخرى مستقبلا بمختلف التخصصات المرتبطة بالعمل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية. مؤكدا أن كل هذه التقنيات والأجهزة والكوادر تعتبر مرفقا مهما للبلاد وخدماته التي يقدمها للدولة بمختلف قطاعاتها المدنية والعسكرية والعامة الخاصة توفر ملايين الريالات. وضرب مثالا بالخدمات المقدمة لشركات القطاع الخاص النفطية في إصدار تنبيهات خاصة من مخاطر الرياح أو الأمطار أو الرؤية الأفقية على مناطق الامتياز والتي على ضوئها تقوم الشركات المعنية باتخاذ قرارات إيقاف أو تشغيل جزئي أحيانا على منصات الحفر في حقول النفط لتقليل المخاطر على العاملين وتقليل الخسائر.

وأضاف إن هناك خدمات عديدة يقدمها المركز الوطني للتعامل المبكر مع المخاطر المتعددة تؤكد على أهميته تشمل خدمات الطيران كالملاحة الجوية و العمليات الأرضية والملاحة البحرية والخدمات لشركات القطاع الخاص الأخرى وتشمل خدامتها أيضا تنبؤات خاصة للمناسبات الاجتماعية والمهرجانات والفعاليات الرياضية والفنية وغيرها. وقال عند الحديث عن المركز بشكل موسع فهناك خدمات كثيرة يقدمها وهذا دليل على أن التغيرات المناخية تؤثر على عمل مكاتب الأرصاد بمختلف الدول والمؤسسات المرتبطة بالمناخ ويتبعها تطوير مستمر وتواصل دائم مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

جاهزية وتطوير

المديرية العامة للأرصاد الجوية بالهيئة العامة للطيران المدني تؤكد جاهزية المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة بالنظام المعمول به حاليا للتعامل مع الحالات الجوية، فالنظام جاهز لإدارة الحالات الطارئة كالمنخفضات الجوية والأعاصير والتغيرات الطقسية التي لها تأثير على حياة الناس والمؤسسات المختلفة حيث يتم إصدار التقارير والتنبيهات والتحذيرات حسب دليل الإجراءات التشغيلية المتفق عليه مع الجهات الأخرى ذات العلاقة مثل مركز إدارة الحالات الطارئة والمنظومة الوطنية للدفاع المدني والإسعاف. فانخفاض الرؤية الأفقية بسبب الغبار أو الضباب أو احتمال غزارة الأمطار أو احتمال زيادة سرعة رياح يستدعي أن يقوم المركز بإصدار تنبيه بغزارة الأمطار أو شدة الرياح أو انخفاض الرؤية الأفقية أو ارتفاع الأمواج مع تبيان وقت حدوثها وموقعها وشدتها.

التحديث حسب التجارب ومستجدات الطقس

وترى الهيئة العامة للطيران المدني أن دليل الإجراءات التشغيلية المعمول به حاليًا قابل للتغيير والتحديث حسب التجارب ومستجدات الطقس المختلفة. حيث تلجأ الهيئة بشكل مستمر لتحديث هذا الدليل بالتشاور بين المختصين والجهات ذات العلاقة كل في مجاله للخروج بنظام أسهل للتطبيق وأفضل للفهم لمواكبة التغيرات.

نشرات يومية للمحافظات

وتؤكد الهيئة العامة للطيران المدني أن لديها خططا لتوظيف الصور والخرائط والألوان خلال الفترة المقبلة كتطوير للدليل وسيتم إدخال بعض الإضافات إلى التقارير والنشرات اليومية التي تصدر من المركز بالإضافة إلى خطة لإصدار نشرات يومية خاصة للمحافظات تغطي التوقعات ليومين بهدف تقليل الإشاعات والأسئلة وتوفير معلومات اكثر دقة ووضوحا لأفراد المجتمع وبالتالي يكون لديهم علم مسبق بتغيرات الطقس.

ويقدم المركز الوطني للتعامل المبكر مع المخاطر المتعددة النشرات اليومية العامة والبحرية الاعتيادية والتي تشتمل عن توقعات لثلاثة أيام ويتم تحديثها مرتين يوميا صباحًا ومساءً وعند الحاجة يتم إصدار تقارير خاصة بالحالات الجوية الاستثنائية التي تنشأ في بحر العرب أو المنخفضات والأخاديد بالمزامنة مع النشرات اليومية والتي قد تؤثر على حياة الناس وأجواء السلطنة خلال الثلاثة أو الخمسة أيام القادمة.

إشعار وإنذار وتحذير

في الحالات المدارية يتم إصدار "تقرير" عند تَكَوُن الحالة ورصدها بعرض البحر ويتم متابعتها باستمرار حتى إذا اقتربت الحالة يصدر المركز "إشعارا" لتبيان بأن هنالك احتمالية للتأثير غير المباشر ويأتي "الإنذار" إن كان هناك تأثير مباشر ثم "تحذير" حسب مستوى التأثير وشدته مع إمكانية إصدار تنبيهات مع هذه التقارير المختلفة بجميع مستوياتها.

ويتم تحديث التقرير كل ٤٨ ساعة أما بالنسبة للإشعار كل 24 ساعة وللإنذار كل 12 ساعة والتحذير كل ست ساعات. وإذا ما وصل نوع النشرات لمستوى الإنذار أو التحذير فهذا يعني احتمالية التأثير المباشر للحالات المدارية أو الأعاصير على أجواء السلطنة وعند انتهاء هذا التأثير المباشر يتم على الفور إصدار "بيان انتهاء التأثير المباشر للحالة" وطمأنة الناس بزوال الخطر حتى تبدأ مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والشركات الخدمية والخاصة بالبدء بعملياتها على الأرض لإعادة البناء والإصلاح.

وتعد السلطنة كونها مطلة على بحر العرب من الدول التي تتأثر بشكل كبير بالحالات المدارية التي تنشأ في بحر العرب، وهناك تسجيل متزايد حسب الإحصائيات للحالات المدارية منذ 2010. فقد تم تسجيل حوالي خمس حالات مدارية في عام 2019م بعضها وصل لمستوى عاصفة أو إعصار والأخرى منها تم تصنيفها كمنخفض مداري تلاشت في عرض البحر أو أثرت على أجواء السلطنة أو أجواء الدول المطلة على بحر العرب، حيث كان موسم الأعاصير استثنائيًا في عام 2019م.