الاقتصادية

خبراء: القوانين المشجعة للقطاع الخاص وتوحيد إدارة الاستثمارات الحكومية يرفع تنافسية بيئة الأعمال

06 يوليو 2020
06 يوليو 2020

  • مرتضى بن حسن: التطور التشريعي مهم للغاية.. ومزيد من الجهد مطلوب لمواكبة التنافس الكبير في جذب الاستثمارات عالميا
  • د. سعيد الصقري: جهاز استثماري حكومي بهذا الحجم والتنوع يقلل المخاطر وتكاليف التشغيل ويزيد الكفاءة
  • د. إبراهيم العجمي: نتوقع مزيدا من المشروعات الاستراتيجية وقواعد بيانات أكثر شمولًا للأنشطة التجارية ومكافحة التجارة المستترة
  • فهد الخليلي: تحسين بيئة الاستثمار يصب في صالح بيئة معززة لنمو الاقتصاد.. وتوحيد الاستثمارات على جانب كبير من الأهمية
  • محمد العنسي: من المهم التوجه نحو التصدير واستغلال الموارد الطبيعية.. وعديد من الفرص ستتاح للقطاع الخاص عبر الشراكة والتخصيص

استطلاع: أمل رجب - رحمة الكلبانية

متغيرات عديدة ومتوالية تشهدها بيئة الاستثمار في السلطنة وتضعها على الطريق للتقدم أكثر نحو إيجاد مناخ محفز للاستثمارات الخاصة وكفاءة أعلى في إدارة الاستثمارات الحكومية ودون منافسة منها للقطاع الخاص، وفضلًا عن جهود كبيرة تمت لرفع تصنيف السلطنة في مؤشرات التنافسية العالمية فقد توالى تطوير التشريعات المنظمة للاستثمار ولعمل الشركات، وصدر خلال الفترة الماضية عدد من القوانين تتضمن العديد من الحوافز للمستثمرين وتشجع إقامة المشروعات الاستراتيجية التي تصب في صالح أهداف التنمية وتنظم إطارًا لمشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

ومن جانب آخر انتقلت الاستثمارات الحكومية إلى مرحلة جديدة بعد توحيدها تحت مظلة جهاز الاستثمار العماني وقرب إصدار أول ميثاق لحوكمة الشركات الحكومية.

في هذا الاستطلاع يقدم لنا عدد من الخبراء مرئياتهم لهذه المتغيرات وكيف يمكن أن تساهم في تعزيز تنافسية بيئة الاستثمار محليًا وإقليميًا وعالميًا وتحقيق واحد من أهم أهداف السياسات الحكومية وهو تعدد روافد النمو الاقتصادي وتحويل القطاع الخاص إلى محرك رئيسي للنمو الاقتصادي.

ويرى الخبراء أن التحسن المستمر في بيئة الأعمال سيساهم في تشجيع المزيد من الاستثمارات الخاصة والأجنبية وتحفيز المستثمرين على إقامة مشروعات استراتيجية، ويظل من المهم بذل مزيد من الجهد بشكل متواصل لمواكبة التنافس الكبير بين دول العالم على جذب الاستثمارات، مع ضرورة توجه الاستثمارات نحو مشروعات تدعم التصدير واستغلال الموارد الطبيعية.

ويرى الدكتور سعيد بن محمد الصقري، رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية أن ما نشهده من متغيرات سيحقق العديد من المزايا، فوجود جهاز استثماري حكومي بهذا الحجم والتنوع وفي عدة محافظ استثمارية سواء كان ذلك في الداخل أو الخارج وفي عدة قطاعات اقتصادية سيقلل من نسبة المخاطر ويزيد كفاءته ويقلل من تكاليف التشغيل من خلال زيادة ما نطلق عليه وفورات الحجم، ويضم الجهاز عددا من الصناديق والأصول، ويتجاوز حجم استثمارات الجهاز حاليًا 17 مليار ريال عماني أي حوالي 45 مليار دولار، واعتماد تشكيل مجلس الإدارة من لدن صاحب الجلالة وبشكل مستقل عن الإدارة التنفيذية للجهاز بما في ذلك عضو دولي سيعمل على تعزيز حوكمة الجهاز وتطوره، وهذا ينسجم مع الممارسات الدولية، ومرتكزات الرؤية 2040 وخاصة «محور الحوكمة والأداء المؤسسي» الذي يهدف إلى التحول إلى قطاع حكومي يتصف بالكفاءة ويسعى لتمكين القطاع الخاص والمجتمع المدني والأفراد وتختصر مسؤولياته في التنظيم والرقابة وإدارة والتحول الاقتصادي الاجتماعي.

وأكد الكاتب والخبير الاقتصادي مرتضى بن حسن بن علي أن الاستثمارات الأجنبية لها فوائد متعددة، منها الإسراع في عمليات التنمية ونقل التكنولوجيا المتقدمة ونقل الأنظمة الإدارية المتطورة وفتح أسواق وخدمات الدولة المضيفة والمساهمة بأحدث الطرق لتدريب الكوادر الوطنية ونشر ثقافة العمل ورفع مستوى مهاراتها في النواحي التسويقية أو الإدارية وإيجاد فرص عمل متنامية، وتحسين مستويات المعيشة وتطوير البحث والابتكار، والمساهمة في تحسين ميزان المدفوعات وتنويع مصادر الدخل وزيادة الصادرات عن طريق الإمكانات التي توفرها الشركات لدخول أسواق التصدير، وحصول الحكومات على مصادر جديدة للضرائب، كما تساعد الاستثمارات الأجنبية على استثمار موارد البلد المضيف الطبيعية المختلفة كمشروعات الطاقة المتجددة والاتصالات والسياحة وغيرها من مشروعات البنية الأساسية، وتنمية وتطوير مختلف الصناعات من خلال ما تقدمه من أصول متنوعة، منها رأس المال والتكنولوجيا، والقدرات والمهارات الإدارية والتنظيمية، وكل الدول ولا سيما النامية تسعى للحصول على الاستثمارات الأجنبية العامة والخاصة.

وأضاف: إن تطوير المنظومة التشريعية مهم للغاية في جذب الاستثمارات، وهناك مزيد من الجهد المطلوب في ظل التنافس الكبير بين دول العالم في جذب الاستثمارات الأجنبية وهو أمر يجد اهتماما كبيرا من قبل معظم حكومات العالم، متقدمة أو نامية أو أقل نموا، ويشتد التنافس بين الدول المختلفة لتقديم كل التسهيلات اللازمة لجذب الاستثمارات الأجنبية، كما تؤسس دول عديدة سياسات خارجية ذات توجهات اقتصادية واضحة لكي تقدر من إقامة علاقات عامة بين كبار المسؤولين للشركات المختلفة في الخارج، وبتنسيق كامل بين الجهات المسؤولة في بلدانها. ويرصد عددا من التحديات التي تواجه جذب الاستثمارات الأجنبية أولها إيجاد بيئة مالية مستقرة وعجز مالي منخفض، وتحقيق معدل تضخم منخفض والذي يعني نسبة فوائد منخفضة يعتبرها المستثمرون الأجانب أساس بناء اقتصاد السوق، إضافة إلى تحرير الاقتصاد وإعادة هيكلته واتخاذ الخطوات الكفيلة بتحرير السوق بما في ذلك سوق العمل. هذا إلى جانب أولويات أخرى مهمة مثل الشفافية في كل العمليات الاقتصادية الدقيقة والمعاملات البنكية ومعاملات الشركات، والحريّة المتاحة في إعادة توزيع المكاسب، وفيما يتعلق بالاستثمارات الحكومية ضرورة خصخصة الشركات الحكومية ولا سيما التي لا تتسم بالجدوى، وتطوير معايير المحاسبة لكي تتماشى مع المعايير الدولية، وتحقيق الشفافية في المعاملات والبيانات، ووجود اقتصاد متنوع ينمو باستمرار.

والمستثمرون يشعرون بثقة أكبر كلما كانت القرارات حاسمة والسياسات متسقة ومستقرة وتتكامل مع بعضها البعض، والاستعداد قائم لعلاج أي مشكلة بالقرارات الحاسمة والالتزام بها، ولجذب الاستثمارات، لا بد من التسويق الفعال ووجود جهات متخصصة لجذب الاستثمار الأجنبي، وتزويد المستثمرين بأي معلومة عن الاستثمار الأجنبي في الدولة وتحديد القطاعات المستهدفة، والمحفزات والخدمات المقدمة قبل الدخول في الاستثمار وحتى بدء العمل في المشروع، إضافة إلى الخدمات المستمرة أثناء الاستثمار.

وفي سنغافورة، على سبيل المثال، قامت الحكومة بتأسيس شركة حكومية متخصصة، تعنى بالنمو الاقتصادي للدولة وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتربو ميزانية هذه الشركة على أكثر من ٤٠٠ مليون دولار، ويعمل بها أكثر من ٥٠٠ موظف من الكفاءات المتعددة من أجل تسويق الاستثمار إلى سنغافورة لدى كبرى الشركات العالمية، والبحث عما يجذب هذه الشركات للاستثمار في سنغافورة.

وأكد على أن تحقيق أعلى جاذبية لبيئة الاستثمار هو عملية متواصلة، فالمستثمرون يتوقعون الكثير مثل وجود بيئة عمل صديقة، ومعدل أجور ملائم وإنتاجية العامل ومؤهلاته من أهم عناصر بيئة العمل، إضافة إلى سهولة إنجاز المعاملات التجارية، وتسهيل المعاملات الإدارية بعيدا عن البيروقراطية المستهلكة للوقت والجهد، وتقديم بنية أساسية متقدمة للعمل، من أنظمة اتصالات ووسائل مواصلات وأماكن الترفيه وأسعار الطاقة، واستقلالية القضاء وكفاءته وسرعة الفصل في المنازعات والقدرة على تنفيذ الأحكام بسهولة، أيضًا المستثمر يريد التعامل مع أجهزة حكومية مزودة بكفاءات إدارية وفنية، وبالتأكيد فإن مالا يجذب المستثمر هو الرسوم والضرائب العالية وعدم وضوح المراكز القانونية الأطراف المختلفة، وكثرة الاستثناءات، وعدم وجود بيئة صديقة لاحتضان القطاع الخاص والاستثمارات الخاصة، وبالطبع يظل أن الأصل في نظام السوق أن لا تمتلك الحكومات وسائل الإنتاج وعدم تدخل الحكومات في عمليات إدارة الشركات.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم العجمي: إن المنظومة التشريعية المنظمة للاستثمار تطورت بشكل كبير وخاصة مع صدور قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية في إطار إيجاد بيئة داعمة ومشجعة للاستثمار وتعزيز تنافسية السلطنة بما يمكنها من مواكبة المنافسة على الاستثمار في المنطقة والعالم، موضحًا أن هناك بالفعل الكثير من المتغيرات المتوقع أن نشهدها في بيئة الاستثمار في ظل هذه المنظومة التشريعية الجديدة، من أهمها وجود قواعد بيانات أكثر شمولًا ووضوحًا حول مختلف الأنشطة التجارية، ومكافحة التجارة المستترة إذ أن لائحة قانون الاستثمار الأجنبي لم تتضمن حدًا معينًا لرؤوس الأموال مما يعني أن أي مستثمر قادر على تأسيس مشروع استثماري في أي مجال عدا الأنشطة التي تضمنتها القائمة الخاصة بحظر بعض الأنشطة على غير العمانيين، ومكافحة التجارة المستترة سيؤدي إلى إيجاد قواعد بيانات واضحة عن المشروعات التجارية والتي ستخضع أيضًا للتدقيق وعليها أن تمتلك حسابات واضحة وهو ما يحد كثيرا من أي تحويلات مالية غير شرعية، ووجود مثل هذه البيانات الواضحة أيضا يتيح إيجاد خارطة واضحة بنوعية المشروعات التي تعمل في السلطنة ويتم تحديثها باستمرار، وهو ما يفيد المستثمرين كثيرا عند دراستهم لجدوى بعض أنواع من المشروعات فضلا عن أنها ستقوم بدفع ما يستحق عليها من رسوم ومستحقات ضريبية للحكومة.

وأوضح أنه إضافة إلى ما يتعلق بالمشروعات الصغيرة فهناك أيضًا اهتمام كبير بدعم وتشجيع المشروعات الاستراتيجية سواء في قطاعات محددة مثل الصناعة تتطلب رؤوس أموال كبيرة أو في محافظات ومناطق محددة تسعى السلطنة لتشجيع إقامة استثمارات جديدة فيها، وفيما يتعلق بالمشروعات الاستراتيجية يمنحها القانون مزايا مهمة مثل الحصول على موافقة واحدة للمشاريع التي يبلغ رأسمالها 10 ملايين ريال عماني، ونؤكد على أن مثل هذه المشروعات تلعب دورا مهما على مستويات متعددة فهي تخدم أهداف التنمية وتساهم في نقل وتوطين التكنولوجيا وتدريب الكوادر الوطنية، وهي تتيح أيضًا الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة في السلطنة وتوفر فرصًا لمشروعات تكاملية يقوم بها رواد الأعمال، من جانب آخر المزايا التي يحصل عليها المستثمرون في مناطق محددة من السلطنة تشجع تعزيز التنمية في المحافظات الأقل نموا وهو ما يواكب أهداف خطط التنمية ومستهدفات الرؤية المستقبلية عمان 2040، ونرجو أن تلبي كل هذه المحفزات والمزايا متطلبات المستثمرين خاصة في ظل الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي تتمتع به السلطنة وما تمتلكه من بنية أساسية متطورة خاصة في قطاع الموانئ الذي يتيح إمكانيات كبير للنمو فيما يتعلق به من أنشطة وقطاعات وأيضًا أمكانيه كبيرة لدعم قطاع الموانئ من خلال مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ولا شك أن وجود هذه القوانين يعد تشجيعًا كبيرًا للاستثمارات من قبل القطاع الخاص ويساهم في استقطاب مشروعات استراتيجية تساهم في توفير فرص عمل مجدية للمواطنين في كافة المستويات الوظيفية.

من جانب آخر، يرى الدكتور إبراهيم العجمي أن تنافسية بيئة الاستثمار تتحسن باستمرار من خلال اتساع نطاق التعاملات الإلكترونية عبر الإنترنت وعبر التطبيقات على الأجهزة المحمولة والتي تسهل إنجاز المعاملات بسرعة ويسر وهذا من أهم الأمور لدى المستثمر، ووفق اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الأجنبي هناك مدى زمني محدد لحصول المستثمر على الموافقة أو التصاريح، وبعد استكمال كافة المتطلبات يمكن أن يحصل على الموافقة خلال 3 أيام، وهو ما يعد إنجازا كبيرا فيما يتعلق بسهولة ممارسة الأعمال.

وأشار فهد الخليلي الرئيس التنفيذي لشركة بيت بيان العقارية إلى أن تحسين بيئة الاستثمار يصب في صالح إيجاد بيئة معززة لنمو الاقتصاد الوطني, مؤكدا أن توحيد الاستثمارات الحكومية هو على جانب كبير من الأهمية, إذ يتيح سرعة ومركزية اتخاذ القرار وكفاءة الأداء, فضلا عن التجانس والتنسيق بين مختلف مكونات الاستثمارات الحكومية تحت إدارة جهاز الاستثمار الذي يملك خبرة طويلة وواسعة في إدارة الاستثمارات الدولية ولديه أيضا خبرة كبيرة في اقتناص الفرص, وهذا كله سينعكس ايجابا على أداء الاستثمارات الحكومية من حيث زيادة الدخل والعائد ورفع الانتاجية وخفض التكاليف, وفي الوقت الحالي هناك ثلاث وحدات في الجهاز هي الاستثمار الخارجي والمحلي وإدارة استثمارات التنويع الاقتصادي, ومن المؤكد أن تبادل الخبرات بينهم سيسفر عن عديد من الفوائد, ومن جانب آخر نثمن الأوامر السامية بتشكيل مجلس إدارة الجهاز الذي جاء من 4 أعضاء فقط وهو ما يتيح أداء ديناميكي وفعال وسرعة في اتخاذ القرارات, كما أن وجود خبرة العضو الدولي يمثل إضافة مهمة لمجلس الإدارة.

وأكد محمد بن حسن العنسي، رئيس لجنة تنظيم سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان، والرئيس التنفيذي لشركة مجان للشحن والنقليات على أهمية جهود تشجيع الاستثمار على جميع المستويات، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بالاستثمار الحكومي فوجود جهاز الاستثمار العماني يساعد في دمج صناديق الاستثمار تحت مظلة شاملة ويضع الشركات الحكومية تحت توجه إداري واحد، مما يعطيها الكثير من القوة ويرفع تصنيف السلطنة الائتماني ويظهر أن الملاءة المالية لها جيدة بكل ما ينتج عن ذلك من ميزات تنافسية إضافية.

ووفق ما تم إعلانه رسميا ستتم مراجعة أداء الشركات الحكومية وإعادة هيكلتها لضمان مساهمتها في عملية التنمية الاقتصادية إلى جانب القطاع الخاص، ومع وجود رؤى مدروسة وموحدة لإدارة الجهاز نتوقع ولادة فرص استثمارية عديدة والتوجه نحو التصدير واستغلال الموارد الطبيعية التي تزدهر بها السلطنة كالصناعات البتروكيميائية والثروة النباتية والحيوانية والاستزراع السمكي وغيرها من الموارد التي تلقى إقبالا، وسيكون متاحًا للقطاع الخاص العديد من الفرص من خلال عمليات الشراكة والتخصيص.