المنوعات

المصور هيثم الفارسي يقف في وجه مدفع كورونا لتوثيق المشهد للأجيال القادمة

05 يوليو 2020
05 يوليو 2020

حاوره – عامر بن عبدالله الأنصاري

يُقال أن في الشعر تأريخ لأحداث عاشها الشعراء قديما، بل لواقع وأسلوب حياة كانت سائدة في عصر من العصور، إذ دججت قصائد كثيرة بصور المكان والزمان والحال والأحداث، وها هي آلة التصوير تشترك في هذه المقولة منذ اختراعها حتى يومنا هذا، ففي الشعر صور بالكلام، وبآلة التصوير صور بالصمت!

وقد كتبت القصائد المؤرخة للأحداث في زمن كان بالأمس حاضرا، واليوم أصبحت تاريخ وثقته الكلمات، والحال اليوم كذلك سيكون في المستقبل تاريخ من الماضي، وستشكر الأجيال القادمة كل من ساهم بتوثيق ذلك ولو بعد حين، ولعل من الأسماء البارزة التي ستذكرها الأجيال القادمة المصور "هيثم بن خميس بن راشد الفارسي"، إذ دخل في عمق المشهد الحالي، الذي يخيم عليه وعلى العالم بأسره جائحة كورونا المشؤومة، فقدم للمجتمع وللأرشيف الحالي مجموعة من الصور تعكس مختلف المشاهد لأثر جائحة كورونا في السلطنة بشكل عام، ومحافظة مسقط بشكل أخص، حاملا آلة تصويره لتكون صوره شاهدة على الحال في مختلف المواقع المتأثرة بجائحة كورونا، فتارة بين رجال الأمن إذ يسهرون على تأمين الأماكن التي تقرر إغلاقها -مثل ولاية مطرح ومسقط- وتارة بين رجال البلدية الذين يعقمون الطرقات والأماكن العامة، وتارة بين أعضاء اللجنة العليا المكلفة بالتعامل مع الجائحة، وتارة في قلب البؤرة في عيادات التعامل مع المرضى المصابين بكورونا ومع جنود وزارة الصحة من أطباء وممرضين ومختلف الكوادر الصحية، وتارة في المكان الذي تخشع فيه الأبصار وتقشعر منه الأبدان، في مكان الوداع، حيث يودع ضحايا كورونا -رحمهم الله- في مقابرهم.

وقد نالت صور هيثم الفارسي تفاعلا كبيرا في أوساط التواصل الاجتماعي، كما كان لـ"عمان" نصيب من تلك الصور التي لم يبخل علينا بها، فكان جديرا أن يكون ضيفنا للحديث عن تلك التجربة التي لم تنتهِ بعد! فكان الحوار:

• هل ترى أن تصوير الآثار الناتجة عن جائحة كورونا تستدعي المخاطرة؟

بشكل شخصي كانت تستدعي المخاطرة، حيث إن الأحداث هي تاريخية سواء بحُلوها أو مُرِّها، وهدفي كمصور محترف أن أقوم بتصوير هذه الأحداث والجهود المبذولة ونشرها للمجتمع بطريقة جميلة.

• ما هي الإجراءات الاحترازية التي تتبعها في التصوير، وهل للجانب النفسي كذلك دافع لخوض هذه التجربة؟

الإجراءات هي نفسها التي يتبعها خط الدفاع الأول، بحكم قربي منهم دائما، سواء بارتداء الكمامات وعدم التواصل الجسدي مع أي شخص والأهم أنني تعاملت مع الجميع على أني مصاب، وهم مصابون، وبالتالي وقيت نفسي إلى هذه اللحظة من الإصابة، وأيضا عزلت نفسي عن البيت لفترات، خاصة في حالة وجود أي شكوك.

والجانب النفسي مهم جدًا، والاستعداد الذهني والتركيز، حيث إنك يجب أن تركز في المشاهد وأيضا عدم المخاطرة والتهور.

• هل تم التعاقد معك لتوثيق آثار الجائحة، أم أنها مبادرة منك؟ حدثنا عن ذلك؟

  • هي مبادرة وتعاون مع العديد من الجهات، وذلك لخدمة للوطن، ومن دون أي مقابل، وهدفي منها نشر الصور الجميلة للجهود المبذولة.

• لا بد أن للأهل موقف من مخاطرتك في دخول المستشفيات بل حتى في المقابر؟ هل واجهت اعتراض من الأهل؟

  • الحمدلله، لا يوجد أي اعتراض من جانب الأهل، وهم أكثر الناس المحفزين لي، وهم يعتبروني واحدًا من خطوط الدفاع الأولى التي يجب أن تخدم البلد في هذه الفترة.

• لا بد من المرور على مواقف مؤثرة شاهدها المصور بعينه، ونقلها للآخرين من خلال الصور، بالنسبة لك كيف تصف أكثر موقف مؤثر مر عليك؟

  • ربما أكثر مشهد أثَّر فيّ، أثناء إحدى الجنازات، حيث مشهد الأبناء وهم يودعون والدهم فقط من خلال نافذة صغيرة، وعدم قدرتهم على تقبيله، كانت تلك لحظة مؤثرة جدا.

• من خلال اقترابك من المشهد، ماذا تنصح المجتمع؟

  • أتمنى من الجميع الالتزام وعدم الاستهتار بهذا الوباء، وأن يفكروا دائما بصحتهم وبصحة ذويهم.

• هل تعتبر الأعمال التي قدمتها توثيقية أم فنية، أم أنها دمج بين الأمرين؟

  • هي أعمال ما بين الصور الفنية والتوثيقية، وذلك يعتمد على المشهد، حيث هنالك صور التقطت في لحظات وفي مواقف صعبة وبها العديد من العناصر المشتَّتَةِ وهنالك صور أتت بطابع فني من حيث الإضاءة و توزيع الكادر الفني.

.......................

هيثم الفارسي في سطور:

  • هو المصور العماني المحترف هيثم بن خميس بن راشد الفارسي.
  • بدأ التصوير في عام 2013 وتخصص في تصوير ثقافة الإنسان العماني.
  • عمل في العديد من المشاريع الفوتوغرافية المؤسسية، ويعمل كمصور بشكل كامل.
  • حصد ما يقارب 320 جائزة دولية ومحلية خلال مسيرته الفنية.
  • قام بتحكيم العديد من المسابقات محليا ودوليا.
  • نشرت له مختلف الوسائل الإعلامية مثل ناشيونال جيوغرافيك العالمية، دايلي ميل البريطانية، ناشيونال جيوغرافيك الفرنسية وغيرها.