1487760
1487760
التعايش

أوروبا تفتح حدودها .. وتخفف القيود لاستئناف الحياة «الطبيعية»

30 يونيو 2020
30 يونيو 2020

وكالات - «عمان»: وصل إلى المطار الرئيسي في العاصمة الإسبانية مدريد مطلع الأسبوع الماضي مسافرون يضعون كمامات ويدفعون عربات حقائبهم، في حين عبر فرنسيون الحدود لشراء بعض المنتجات بأسعار أرخص، في مشاهد تنبئ باستئناف الحياة الطبيعية في أوروبا، القارة الأكثر تضررًا جرّاء فيروس كورونا المستجد.

وبالرغم من مواصلة تسجيلها لإصابات جديدة بفيروس كورونا، إلا أن عدد من الدول الأوروبية قررت إعادة فتح حدودها ومعاودة مزاولة أنشطتها مع أخذ التدابير اللازمة للحد من انتشار العدوى والنهوض باقتصادها مجددًا، حيث يشكل القطاع السياحي نحو عشرة بالمائة من اقتصاد الاتحاد الأوروبي ويسهم بنسبة أكبر في الدول المطلة على البحر المتوسطـ، وتدير منطقة شنجن المؤلفة من 22 دولة أعضاء بالاتحاد الأوروبي علاوة على آيسلندا وليختنشتاين والنرويج وسويسرا معابر خالية من القيود لكن معظمها ظلت مغلقة طوال ثلاثة أشهر، وإذ يأمل المسؤولون أن يؤدي رفع القيود الحدودية الداخلية في المنطقة إلى إعادة فتح تدريجية أمام الدول الأخرى اعتبارا من يوليو القادم وتنشيط قطاع السياحة الذي توقف خلال العزل العام.

فتح أبواب السياحة

وفتحت إسبانيا، وهي من بين الدول الأكثر تضررًا جراء الوباء مع أكثر من 28 ألف حالة وفاة حدودها البرية مع فرنسا، وفتحت كذلك ومرافئها ومطاراتها أمام رعايا الاتحاد الأوروبي، ولن يُفرض على هؤلاء حجر صحي لمدة 14 يومًا إنما تمّ الإبقاء على تدابير وقاية صارمة كقياس الحرارة على الحدود ووضع الكمامات، كما سُمح للإسبان أنفسهم أن يلتقوا بأقربائهم وأصدقائهم خارج نطاق مناطقهم.

حدود إسبانيا مفتوحة حاليًا أمام جميع دول الاتحاد الأوروبي باستثناء البرتغال إضافة للدول الأعضاء في منطقة شنجن من خارج التكتل وبريطانيا أيضا، وتلك الخطوة كانت مطلوبة بشدة لدعم قطاع السياحة الذي يمثل أكثر من 12% من اقتصاد البلاد.

وقالت إسبانيا: إنها ستسمح للسياح البريطانيين بالدخول دون الاضطرار للبقاء في حجر صحي على الرغم من أنهم سيخضعون لعزل مدته 14 يومًا لدى عودتهم لبلادهم، كما يمكن للإسبان بدءًا من الأسبوع الجاري التنقل بحرية في أنحاء إسبانيا ومن المتوقع أن يزور كثيرون أصدقاءهم وأقاربهم وبيوتهم الأخرى في مناطق غير التي يقطنون فيها، ومنذ 14 مارس اضطر السكان للبقاء في الأقاليم التي هم فيها.

وسيخضع كل من يصلون إلى إسبانيا لفحص درجة حرارتهم وسيقدمون معلومات عن المناطق التي جاؤوا منها وعن مكانهم في إسبانيا تحسبًا للحاجة لتعقبهم فيما بعد. كما أعلنت الدنمارك مؤخرًا أنها سوف تخفف تحذيرات وقيود السفر المفروضة على أغلب الدول الأوروبية، ولكنها أكدت على أن الدخول والسفر متوقف على معدلات الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19).

وقال وزير الخارجية ييبي كوفود: «أنا مسرور بأنه يمكننا الآن اتخاذ خطوة كبيرة باتجاه عودة الحياة لطبيعتها وتمكين الدنماركيين من السفر إلى المزيد من الدول في أوروبا».

وسوف تطبق قيود السفر على الدول التي تسجل 20 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا لكل مائة ألف ساكن أسبوعيًا، وبالتالي تم استبعاد البرتغال وأغلب مناطق السويد المجاورة استنادًا إلى المعدلات الحالية. وتنص القاعدة الأخرى، بين أشياء أخرى، على أن الدنماركيين لا يخضعون للقيود.

فرنسا إلى الحياة الطبيعية

وبدأ الفرنسيون منذ منتصف شهر يونيو مرحلة جديدة من رفع الإغلاق واستئناف الحياة «الطبيعية»، مع إعادة فتح العديد من المؤسسات الترفيهية وممارسة الرياضة الجماعية من جديد وعودة جميع الطلاب إلى المدارس، مع شرط المحافظة على «اليقظة».

وكما هو مقرر، عادت دور السينما و«الكازينوهات» ومراكز العطلات وصالات اللعب إلى نشاطها في بداية الأسبوع، ولكن مع «احترام القواعد الصحية الصارمة»، وفق ما قال رئيس الوزراء إدوارد فيليب. ويستعيد محبو الرياضة الجماعية ممارسة هوايتهم في الملاعب والصالات الرياضية، ولكن مع اتخاذ الاحتياطات المعتادة من قبلهم ومن مديري الصالات.

فيما ينتظر الملاكمون وممارسو الكاراتيه والفنون القتالية الأخرى نظرًا لكون الرياضة القتالية لا تزال محظورة. وقالت الحكومة في بيان لها: إن «تحسن الوضع الصحي» المرتبط بوباء «كوفيد-19» يجعل من الممكن «رفع بعض التدابير شرط أن يحافظ الجميع على يقظته».

إيطاليا تستيقظ من ركودها

وفي إيطاليا، خرج ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو في مارس ببطء من حالة سبات التي استمرت أكثر من شهرين، مع السماح للشركات بالعودة تدريجيًا للعمل ما دام يمكنها تطبيق بروتوكولات صحية مشددة والحفاظ على تباعد الأشخاص مترًا على الأقل، وذلك في ظل مواجهة الاقتصاد الإيطالي لركود شديد ودين عام يُتوقع أن يقفز لأكثر من 150% من ناتجه المحلي الإجمالي، تحاول الحكومة باستماتة إعادة إيطاليا إلى العمل دون التسبب في موجة ثانية من جائحة كورونا.

وفي منتصف الشهر الماضي، أعلنت الحكومة الإيطالية عن حزمة جديدة من الإجراءات للتخفيف من القيود المفروضة شملت إعادة فتح أماكن اللعب في المتنزهات، والمراكز الصيفية المخصصة للأطفال من سن 0 إلى 3 سنوات، واستئناف الأنشطة في صالات الألعاب الإلكترونية، وأنشطة مراكز الاستجمام، والمنتجعات والمراكز الثقافية والاجتماعية، شريطة أن تكون إدارات الأقاليم والمقاطعات قد تأكدت مسبقًا وبشكل مستقل من توافق هذه الأنشطة مع اتجاه المنحنى الوبائي.

كما عادت صالات العروض لفتح أبوابها للجمهور، وكذلك المسارح وقاعات الحفلات الموسيقية ودور السينما وغيرها من الأماكن المفتوحة، بينما تبقى جميع الأنشطة التي تتم في قاعات الرقص، والأماكن المماثلة سواء أكانت في الهواء الطلق أم داخل المباني معلقة حتى وقت آخر.

بريطانيا تعود بحذر

ومن المقرر أن تعيد بريطانيا الشهر الجاري فتح اقتصادها تدريجيا مع انخفاض عدد حالات الإصابة والوفاة بمرض «كوفيد-19».

وكانت بريطانيا واحدة من أكثر الدول تضررًا بالجائحة، حيث سجلت أكثر من 42 ألف وفاة بـ«كوفيد-19» وهي الحصيلة الأعلى للوفيات في أوروبا، والثالثة في العالم بعد الولايات المتحدة والبرازيل. وفي حين ينتظر البريطانيون الرابع من يوليو الجاري، حيث من المقرر أن يعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إمكانية إعادة فتح دور السينما والمتاحف وصالات الفنون في إنجلترا، أعلن وزير الصحة مات هانكوك أمام البرلمان الاثنين، أن مدينة ليستر البريطانية ستشدد قيود التواصل بين السكان مرة أخرى في محاولة لوقف انتشار فيروس كورونا، وأشار إلى أن المحال والشركات في المدينة ستغلق أبوابها وستحذو المدارس حذوها الأسبوع المقبل.

ومن المتوقع أن تشهد باقي مدن الدولة فتح بعض الأماكن عالية المخاطر مثل تلك الخاصة بقطاعي الفنون والثقافة ولكن مع الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، مع احتمالية إعادة إغلاقها في حال خروج العدوى عن السيطرة، وهو ما أوضحه مصدر في مكتب جونسون قائلا: «لن نتردد في التراجع عن هذه الخطوات إذا كان ذلك ضروريا حتى لا يخرج الفيروس عن السيطرة».

ألمانيا تجدد القيود

وبعد إعلانها تخفيف قواعد التباعد الاجتماعي اعتبارا من نهاية الشهر الماضي، شهدت ألمانيا قفزة لمعدل انتشار فيروس كورونا وصل إلى 2.88، مما رفع عدد الإصابات فوق المستوى المطلوب لاحتواء المرض على المدى الطويل.

وتعزز الزيادة احتمال تجديد القيود في أكبر اقتصاد بأوروبا وذلك في ضربة لبلد يُنظر له على نطاق واسع باعتباره نموذجًا للنجاح في كبح انتشار الفيروس وإبقاء عدد الوفيات منخفضا نسبيا. وفضلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الإبقاء على إجراءات العزل العام لفترة أطول لكنها خففت القيود تدريجيا في الأسابيع الأخيرة عقب ضغوط من بعض السياسيين بهدف إعادة تشغيل الاقتصاد.

وفي محاولة للتعايش مع الفيروس بعد 19 أسبوعًا من تسجيل أول إصابة، قررت ألمانيا استخدام تطبيق رسمي للتحذير من الإصابة بفيروس كورونا، حيث يقيس التطبيق عبر خاصية البلوتوث ما إذا كان مستخدمه قد اقترب خلال 15 دقيقة أو أطول لمسافة أقل من مترين من مستخدم آخر، ويرسل التطبيق كل دقيقتين ونصف إلى خمس دقائق أرقام تعريف مُجَهَّلة دون تسجيل أماكن اللقاء، فإذا ما جاءت نتيجة اختبار فيروس كورونا بالنسبة لأحد المستخدمين، إيجابية وتم مشاركة هذه المعلومة على التطبيق، فسيتم إخطار المستخدمين الآخرين بأنهم اقتربوا في الفترة الماضية من شخص مصاب بكورونا.